قمة ترامب ونتنياهو بين المماطلة والحل
يستعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاستقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن بعد غد، لمناقشة العديد من الملفات الشائكة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاقية التي قدمها ترامب في قمة شرم الشيخ في منتصف أكتوبر الماضي، ووافقت عليها مصر وعدد من الدول العربية والأجنبية، وتحتوي على عشرين مرحلة في إطار اتفاق سلام شامل وصولا إلى حل الدولتين..
ويواصل نتنياهو مراوغاته ومماطلاته لعدم تنفيذ هذه الاتفاقية، بل يضع العراقيل أمامها لعدم المضي فيها في تحد سافر للرئيس الأمريكي ومستشاريه ويتكوف وكوشنير، اللذين قاما بزيارات مكوكية بين واشنطن وتل أبيب لاستكمال تنفيذ هذا المشروع الترامبي.
وأثبتت الأحداث أن نتنياهو اضطر للموافقة على هذه الاتفاقية لأنها تنص في الجزء الأول من مادتها الأولى على وقف إطلاق النار وفتح المعابر لإدخال المساعدات للفلسطينيين، والإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس لديها منذ اقتحامها أحد المنتجعات الإسرائيلية في السابع من أكتوبر منذ عامين..
وفشل نتنياهو في الوصول إليهم لتحريرهم بالقوة العسكرية، وواصل القتل والتدمير طوال هذين العامين دون جدوى، وأصبح الوصول إليهم وإطلاق سراحهم أحياء أو أمواتا هو هدفه الأول للتخلص من المظاهرات التي تقوم بها عائلاتهم ليل نهار أمام منزله وأمام مقر الحكومة، تطالب بإقالته ومحاكمته بتهمة الإهمال والفساد، وأصبح نتنياهو يطيل أمد الحرب هربا من هذه المحاكمة التي تنتظره وستكون نهايته السجن.
وجد نتنياهو في اتفاقية ترامب الوسيلة الوحيدة لإنقاذه من السجن، فوافق مضطرا على قبولها وبدأت حماس في تنفيذ الاتفاقية، وأطلقت سراح عشرين أسيرا من الأحياء وبقيت ثمان وعشرين جثة سلمت حماس سبعة وعشرين منها بعضهم تم استخراجه بصعوبة من تحت الأنقاض، وبقيت جثة لم يتم العثور عليها، وتذرعت إسرائيل بأن حماس لم تسلم جميع الجثث وبالتالي لن تنتقل للمرحلة الثانية من اتفاقية السلام.
وزعمت إن لديها معلومات استخباراتية تؤكد أن حماس تعلم مكان هذه الجثة، وربما تكون إسرائيل قد عثرت عليها أثناء عملياتها في المنطقة التي خرجت منها بعض الجثث، وأصر نتنياهو على عدم تنفيذ الجزء الباقي من هذه المرحلة، واستمر في القتال بحجة قتل أعضاء حماس وزيادة معاناة الفلسطينيين المقيمين في العراء في هذا الطقس السيء.
ومع اقتراب موعد لقاء ترامب مع نتنياهو بدأت الخطة الإسرائيلية للهروب من التزاماتها، فخرج وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس يعلن أن إسرائيل لن تنسحب من غزة، وأن الخط الأصفر الذي جاء في الاتفاقية لتتواجد فيه إسرائيل مؤقتا سيكون هو حدود إسرائيل الدائمة.
وفي الوقت الذي يرفض فيه نتنياهو الإعتراف بقيام الدولة الفلسطينية علي حدود الرابع من يونيو عام 67، اعترف بالأمس بقيام دولة جديدة اسمها أرض الصومال على جزء من جمهورية الصومال واتصل تليفونيا بشخص نصب نفسه رئيسا لها، وهنأه علي قيام دولته ودعاه على الهواء مباشرة للقيام بزيارة رسمية لإسرائيل.. وأثارت هذه الخطوة استياء مصر وعدد من الدول العربية وجامعة الدول العربية ووصفتها بأنها غير مسبوقة في القانون الدولي والعلاقات بين الدول.
وأمام هذه المماطلات والمراوغات الإسرائيلية فإن أنظار العالم تتجه إلى هذه القمة، وهل سيتمكن ترامب من الضغط على نتنياهو للمضي قدما لتنفيذ باقي مراحل الاتفاقية، أم أن نتنياهو سيواصل ألاعيبه ويستمر العنف والقتل في المنطقة، ويوقف مسيرة السلام التي يتطلع إليها العالم الذي اعترف بقيام الدولة الفلسطينية في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخيرة في نيويورك.