خبيرة ترصد توقعات اجتماع البنك المركزي المصري القادم واتجاهات سعر الفائدة
قالت الدكتورة رشا السلاب خبيرة أسواق المال والاقتصاد، إنه تترقب الأسواق المالية والمستثمرون اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري المقبل، في ظل أجواء اقتصادية تتسم بقدر كبير من عدم اليقين على المستويين العالمي والمحلي، مع استمرار الضغوط التضخمية، وتداخل تأثيرات السياسات النقدية العالمية، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا. ويأتي هذا الاجتماع في توقيت بالغ الحساسية، حيث تسعى السلطات النقدية لتحقيق توازن دقيق بين كبح جماح التضخم، ودعم النشاط الاقتصادي، والحفاظ على استقرار سوق الصرف.
وأضافت في تصريحاتها لفيتو أنه محليًا، لا يزال التضخم يمثل التحدي الأبرز أمام صانع القرار النقدي، رغم تسجيله تباطؤًا نسبيًا مقارنة بالمستويات القياسية التي بلغها خلال الفترات السابقة.
وأرجعت هذا التراجع إلى عدة عوامل، من بينها تشديد السياسة النقدية على مدار العامين الماضيين، وتحسن نسبي في توافر بعض السلع الأساسية، إلى جانب تأثير سنة الأساس. ورغم ذلك، تبقى معدلات التضخم أعلى من المستهدف الرسمي للبنك المركزي، ما يفرض استمرار نهج الحذر في إدارة السياسة النقدية.
وفيما يتعلق بأسعار الفائدة، تشير غالبية التوقعات إلى اتجاه البنك المركزي لتثبيت أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل، وذلك في ضوء الرغبة في تقييم الأثر التراكمي للزيادات الكبيرة السابقة، التي تعد من بين الأعلى تاريخيًا. فالمضي قدمًا في رفع الفائدة قد يؤدي إلى زيادة أعباء خدمة الدين العام، ويحد من قدرة القطاع الخاص على التوسع والاستثمار، في وقت تعمل فيه الدولة على تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز الإنتاج المحلي.
لا يمكن استبعاد خيار الرفع المحدود للفائدة
وتابعت: رغم ترجيح سيناريو التثبيت، لا يمكن استبعاد خيار الرفع المحدود للفائدة، خاصة إذا ظهرت مستجدات تضخمية غير متوقعة، أو في حال تجدد الضغوط على سعر الصرف. إلا أن هذا السيناريو يظل أقل احتمالًا، في ظل اتجاه عالمي متزايد نحو التيسير النقدي التدريجي، مع اقتراب البنوك المركزية الكبرى من إنهاء دورات التشديد النقدي التي تبنتها خلال الفترة الماضية.
أما خفض أسعار الفائدة، فرغم كونه مطروحًا على المدى المتوسط، فإنه يبدو مستبعدًا في الاجتماع القادم، نظرًا لحرص البنك المركزي على التأكد من استدامة الاتجاه النزولي للتضخم قبل اتخاذ أي خطوة نحو تخفيف السياسة النقدية. ومن المرجح أن يفضل البنك الانتظار لحين وضوح الرؤية بشأن تطورات التضخم، وتحسن تدفقات النقد الأجنبي، وتعزيز مؤشرات ميزان المدفوعات.
واوضحت تظل العوامل الخارجية عنصرًا مؤثرًا في قرارات السياسة النقدية، لا سيما تحركات الفيدرالي الأمريكي، واتجاهات أسعار الفائدة العالمية، وأوضاع الأسواق الناشئة. ويُعد الحفاظ على جاذبية الجنيه المصري للاستثمارات الأجنبية غير المباشرة أحد الاعتبارات الرئيسية في حسابات البنك المركزي، خاصة في ظل المنافسة الإقليمية على تدفقات رؤوس الأموال.
ختامًا، من المرجح أن يشهد اجتماع البنك المركزي القادم تثبيت أسعار الفائدة، مع تأكيد التزامه بسياسة نقدية حذرة ومرنة، تستهدف خفض التضخم تدريجيًا، والحفاظ على الاستقرار المالي، ودعم مسار الإصلاح الاقتصادي، مع الإبقاء على هامش كافٍ للتدخل حال تطلبت التطورات الاقتصادية ذلك.