فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

شاب يغتصب طفلة في الشرقية ويبتكر حيلة شيطانية لإخفاء هويته.. خبير علم اجتماع: غياب العلاج النفسي الإجباري والمخدرات عوامل خطيرة.. وقانوني يقترح عقوبة الإخصاء الكيميائي

المتهم، فيتو
المتهم، فيتو

لم تكن جريمة فتاة بلبيس مجرد اعتداء جنسي جديد يُضاف إلى سجل الجرائم المؤلمة، بل كشفت عن مستوى غير مسبوق من الوحشية، حين تعمّد الجاني فقء عيني طفلة لم تتجاوز الثالثة عشرة من عمرها، قائلًا لها – بحسب ما ورد في التحقيقات – إنه فعل ذلك «حتى لا تراه ولا تتعرف عليه بعد أن اغتصبها». عبارة صادمة تختصر تطورًا خطيرًا في عقلية المجرم، حيث لم يعد الهدف إشباع رغبة إجرامية فقط، بل ضمان الإفلات من العقاب عبر تشويه الضحية نفسها.

الطفلة خرجت من منزلها بمساكن الشيخ عمر بمدينة بلبيس لقضاء طلب بسيط لوالدتها، لكنها عادت فاقدة للبصر، مشوّهة الوجه، تحمل عاهة مستديمة سترافقها طوال حياتها. واقعة فجّرت موجة غضب واسعة، لكنها في الوقت نفسه أعادت طرح تساؤلات أعمق حول تطور جرائم الاعتداء الجنسي، ليس فقط من حيث العدد، بل من حيث القسوة والأساليب.

تصاعد نوعي في الجريمة

خلال السنوات الأخيرة، لم تعد جرائم الاغتصاب تقتصر على الفعل الإجرامي في حد ذاته، بل باتت مصحوبة بالتعذيب، والتشويه، وأحيانًا القتل، في محاولة لإسكات الضحايا أو طمس معالم الجريمة. وتكررت حوادث اغتصاب الأطفال داخل أماكن يُفترض أنها آمنة، مثل المنازل، ودور العبادة، ومحيط المدارس، ما يعكس خللًا واضحًا في منظومة الحماية المجتمعية.

ويرى متابعون أن بعض الجناة أصبحوا أكثر عنفًا ودهاءً، مستخدمين وسائل متطرفة لضمان عدم الإبلاغ عنهم، وهو ما يجعل الجريمة أكثر خطورة، ويضاعف من آثارها النفسية والجسدية على الضحايا، خاصة الأطفال.

المخدرات والعنف يصنعان الجريمة

وترى الدكتورة سامية خضر، خبيرة علم الاجتماع، أن تطور الجريمة بهذا الشكل يعود إلى عدة عوامل متشابكة، في مقدمتها انتشار تعاطي المخدرات، خاصة الأنواع التخليقية، التي تفقد المتعاطي السيطرة على سلوكه، إلى جانب تراكم العنف داخل بيئات مهمشة، وغياب العلاج النفسي الإجباري للمجرمين الخطرين.

وتؤكد خضر أن بعض الجناة لا يرون في الضحية إنسانًا له حقوق، بل وسيلة لإشباع نزوة أو فرض قوة، مشيرة إلى أنه عندما يشعر الجاني باحتمالية العقاب، يتحول إلى كائن شديد الوحشية، مستعد لارتكاب أبشع الأفعال لضمان الصمت وعدم الفضيحة.

القانون والعقوبة: هل الردع كافٍ؟

قانونيًا، يقول الخبير القانوني وائل أبو شوشة إن قانون العقوبات المصري ينص على عقوبات مشددة تصل إلى السجن المؤبد في حالات اغتصاب القُصّر، وتُشدّد العقوبة حال نتج عن الجريمة عاهة مستديمة، كما في حالة فقدان البصر أو التشويه الدائم.

ويضيف أبو شوشة أن النصوص القانونية، رغم صرامتها، قد لا تحقق الردع الكامل في ظل بطء التقاضي أحيانًا، وعدم وجود منظومة متابعة حقيقية لأصحاب السوابق الجنائية، خاصة المتورطين في جرائم عنف أو اعتداءات جنسية، ما يسمح بعودتهم للمجتمع دون تأهيل أو رقابة.

عقوبات رادعة وتجارب دولية

ويشير الخبير القانوني إلى أن بعض الدول لجأت إلى إجراءات أكثر صرامة، مثل الإخصاء الكيميائي الإجباري، أو الإقامة الجبرية بعد انتهاء مدة العقوبة، أو المراقبة الإلكترونية، وهي أدوات تهدف إلى تقليل احتمالات العودة للجريمة. ورغم الجدل الحقوقي حول هذه الإجراءات، فإنها فتحت نقاشًا عالميًا حول أولوية حماية الضحايا مقابل حقوق الجناة.