فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

بعد قرار ترامب بمنع ناقلات النفط من دخول ومغادرة فنزويلا.. تراجع إمدادات النفط يهدد الصين.. والتصعيد العسكري يؤدي إلى اضطراب طويل الأمد في سوق البترول

موظفون بإحدى شركات
موظفون بإحدى شركات النفط في فنزويلا

 أعاد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الثلاثاء، بفرض "حصار" يمنع جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات من دخول أو مغادرة فنزويلا تسلط الضوء على مستقبل النفط الفنزويلي، ومدى احتمالات التدخل الصيني في الصراع الأمريكي الفنزويلي، حيث يعد النفط الفنزويلي المخزن في البحر "درع حماية" لبكين.

 

الصين أكبر مشتر للنفط الفنزويلي

 ويشير تقرير نشرته شركة "كبلر" على موقعها الإلكتروني، فإن "الصين باتت أكبر مشتري للنفط من فنزويلا، بأكثر من 400 ألف برميل يوميا حتى عام 2025، بينما تسمح استثناءات أمريكية للهند (30 ألف برميل يوميا) وإسبانيا (16 ألف برميل يوميًا) باستيراد كميات صغيرة من النفط الفنزويلي وذهبت كميات كبيرة من الصادرات هذا العام إلى التخزين العائم؛ كما تصدر فنزويلا أيضا 135 ألف برميل يوميا من زيت الوقود (2.5٪ من إجمالي الشحنات البحرية، معظمها إلى الصين).

وبحسب التقرير، فإن "إنتاج النفط الفنزويلي قد يظل صامدا نسبيا؛ حيث يتركز الإنتاج في حزام أورينوكو ويبعد عن مناطق الصراع المحتملة؛ فيما تظل بحيرة ماراكايبو -التي تشكل حوالي 20% من الإمدادات- هدفا مباشرا غير محتمل.

سيناريوهات الإمدادات والصادرات النفطية الفنزويلية جراء التدخل العسكري الأمريكي

تقول "كبلر": على الرغم من أن الحاجة إلى الإيرادات تدفع الحكومة الفنزويلية لتعظيم إنتاجها من النفط، إلا أن توجيه الولايات المتحدة لضربة عسكرية محدودة إلى فنزويلا، سيخفض الإنتاج والصادرات بنسبة 10–15٪ (إلى 765–810 ألف برميل يوميا و640–675 ألف برميل يوميا على التوالي)، مع إمكانية التعافي السريع وزيادة محتملة بمقدار 50–100 ألف برميل يوميا في حال انتقال متفق عليه".

أما "الغزو الأمريكي المعتدل"، فسيعمق الخسائر إلى 15–25٪ للإنتاج و20–30٪ للصادرات، فيما سيؤدي النزاع الشامل إلى اضطراب طويل الأمد، مع خفض الإنتاج بنسبة 25–50٪ والصادرات بنسبة 30–60٪.

إمدادات فنزويلا من النفط تحاول الصمود

ووفق "كبلر"، ارتدت الإمدادات الفنزويلية من أدنى مستوياتها في 2020 (أقل من 400 ألف برميل يوميًا) واستقرت حول 900 ألف برميل يوميا هذا العام، وهو المستوى الذي يتوقعه السيناريو الأساسي لعام 2026 في حالة عدم حدوث مواجهات عسكرية بين الولايات المتحدة وفنزويلا؛ وتمثل الشراكات بين شركة النفط الفنزويلية "بي دي في إس إيه" والشركات الدولية نحو نصف الإنتاج الخام، حيث تمثل خمس شراكات لشركة "شيفرون" بحصص تتراوح بين 25.2٪ و60٪) الحصة الأكبر.

كما نمت صادرات فنزويلا من النفط تدريجيا في السنوات الأخيرة لتصل إلى حوالي 750 ألف برميل يوميا حتى عام 2025، لكنها لا تزال أقل بكثير من الذروة البالغة 2 مليون برميل يوميا في 2015؛ وكانت الولايات المتحدة أكبر مشتر للخام الفنزويلي حتى عام 2018 (466 ألف برميل يوميا)، لكن بعد توقفين كاملين (مايو 2019–يناير 2023 ويوليو 2025)، بلغت واردات الولايات المتحدة 152 ألف برميل يوميا في أكتوبر 2025.

الصمود الفنزويلي إلى متى؟

لكن الصمود الفنزويلي يبقى مرهونا بعوامل عدة أهمها قدرتها على التغلب على تداعيات العقوبات الأمريكية، والاحتفاظ بدعم حلفائها وخاصة الصين، وتجنب التعقب الأمريكي لما يعرف بأسطول الظل والذي تشير تقارير إلى استخدام فنزويلا لهذا الأسطول للاحتفاظ بعوائد صادراتها من النفط.

لكن التصريحات الواردة من واشنطن تؤكد أن الأمر يزداد سوءا في ظل تعمد واشنطن تصعيد تهديداتها العسكرية ضد فنزويلا؛ فعلى الرغم من أن توقعات ما قبل تنصيب ترامب في يناير 2025 كانت تميل إلى اتباع سياسة عزلة، لكن الواقع أظهر موقفا أكثر تدخلا في الشأن الفنزويلي؛ حيث نقلت الإدارة الأمريكية آلاف القوات ونحو 12 سفينة حربية -بما في ذلك حاملة طائرات- إلى منطقة الكاريبي في الأشهر الأخيرة، إلى جانب مجموعة استعداد برمائية تضم 4000 فرد، أكثر من نصفهم من مشاة البحرية. هذا النوع من التواجد العسكري يوفر خيارات لضربات واسعة النطاق أو غزو بري.

ورد الفنزويليون على الانتشار العسكري بتعبئة ميليشياتهم وقواتهم النظامية، بما في ذلك نشر 15 ألف جندي على الحدود مع كولومبيا، إلى جانب نشر قوات إضافية في نقاط محددة داخل فنزويلا يبلغ قوامها 25 ألف جندي، و12 سفينة بحرية، و22 طائرة في تدريبات حول جزيرة لا أورشيلا. كما أن لدى فنزويلا ما يزيد قليلا عن 300 ألف شخص متاحين للتجنيد في أي وقت.

ترامب يتهم فنزويلا بسرقة الأصول الأمريكية وتهريب المخدرات والاتجار بالبشر

وعبر ترامب عن نية واشنطن المضي في اتجاه التصعيد مع فنزويلا في منشور كتبه على موقع "تروث سوشيال" قائلا: "بسبب سرقة أصولنا، والعديد من الأسباب الأخرى، بما في ذلك الإرهاب وتهريب المخدرات والاتجار بالبشر، تم تصنيف النظام الفنزويلي منظمة إرهابية أجنبية؛ لذلك، فإنني آمر اليوم بفرض حصار تام وكامل على جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات المتجهة إلى فنزويلا والخارجة منها."

قرار ترامب يؤثر على أسعار النفط

يشار إلى أن تصريحات ترامب أثرت على العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكي بأكثر من 1% لتبلغ 55.96 دولار للبرميل في التعاملات الآسيوية بعد إعلان ترامب.  وسجلت أسعار النفط أمس عند التسوية 55.27 دولار للبرميل، وهو أدنى إغلاق منذ فبراير 2021، بحسب وكالة "رويترز".

وقال متعاملون في سوق النفط إن الأسعار ترتفع تحسبا لاحتمال انخفاض الصادرات الفنزويلية، على الرغم من أنهم لا يزالون ينتظرون معرفة كيفية تطبيق الحصار الذي فرضه ترامب وما إذا كان سيمتد ليشمل سفنا غير خاضعة للعقوبات.