"إسرائيل" تريدها ذراعا لها في غزة.. قوة الاستقرار الدولية بالقطاع تواجه معضلات كبيرة.. عدم التوافق بين فلسطين والاحتلال على لجنة الإدارة أبرزها.. وصعوبات لإقناع دول عربية وإسلامية بالمشاركة
على الرغم من التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الإثنين، من داخل المكتب البيضاوي بأن هناك 59 دولة أبدت استعدادها للمشاركة في "قوة الاستقرار الدولية" بقطاع غزة، إلى أن الواقع يؤكد أن هناك معضلات عدة تقف أمام طموحات ترامب بشأن تلك القوة التي من تأمل واشنطن في نشرها مع بدايات العام 2026.
ويقع تشكيل هذه القوة في صلب المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر 2025، بصفتها البنية الأمنية التي ستعهد إليها مهمة تثبيت الهدوء في غزة بعد أكثر من عامين من حرب الإبادة الإسرائيلية، وإدارة مناطق الانسحاب الإسرائيلي، وإسناد ترتيبات الحكم الفلسطيني الجديد.
ووفق تقرير نشره موقع "مؤسسة الدراسات الفلسطينية"، فإن "تلك القوة، التي نص عليها قرار مجلس الأمن، لم تغادر مربع الفكرة، في ظل تعثر تشكيلها، وتضارب مواقف الأطراف المنخرطة فيها، ورفض إسرائيل القاطع لأي تشكيل لا يخدم أجندتها".
واشنطن تواجه صعوبات كبيرة لإقناع دول عربية وإسلامية بالمشاركة
من الناحية العملية، تواجه واشنطن -التي تتولى قيادة الملف- صعوبات كبيرة في إقناع دول عربية، أو إسلامية، بالمشاركة في نشر قوة يصل قوامها إلى عدة آلاف من الجنود، داخل قطاع غزة؛ حيث أبدت عديد الدول –مثل أذربيجان- استعداها المبدئي لإرسال قوات إلى غزة، لكنها تراجعت عن ذلك لاحقا خشية تعرض جنودها للخطر.
ويضيف التقرير الذي أعده مدير "مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي" أحمد الطناني: "في وقت تبدو فيه تركيا راغبة في ملء الفراغ وإدخال قواتها إلى غزة، ترفض إسرائيل هذا الطرح بشدة، بذريعة أن تركيا وقطر تحتضنان قيادات من حركة حماس. فيما تبدي إسرائيل استعدادا لقبول قوات من دول بعيدة سياسيًا وثقافيًا عن مسرح الصراع، مثل أذربيجان أو إندونيسيا، وهو ما يعكس رغبتها في تطويع القوة الدولية، لتصبح امتدادا غير مباشر للرؤية الإسرائيلية.
"إسرائيل" تطالب بصلاحيات في مناطق محددة في غزة
يقول الطناني: "يظهر السلوك الإسرائيلي نقطة أخرى من التعقيد؛ إذ إن إسرائيل لا تكتفي بالاعتراض على جنسية القوات المشاركة، بل تتدخل أيضا في شكل التفويض الممنوح لتك القوة، وما إذا كانت ستعمل بمعزل عن جيش الاحتلال الإسرائيلي أم بالتنسيق معه، بالإضافة إلى مسألة منحها صلاحيات في مناطق ما تزال إسرائيل تدعي الحاجة إلى عمليات وقائية فيها.
وهذا ضمن مقاربة تفرغ القوة الدولية من مضمونها، وتحولها إلى جسم ضعيف يخضع لشبكة المصالح الأمنية الإسرائيلية، بدلا من أن يكون إطارا محايدا يسهم في تثبيت الهدنة".
غياب آليات تنفيذ مهام القوة الأمنية
إلى جانب ذلك، لا تزال تفاصيل بروتوكول تشغيل القوة، وسلسلة القيادة، وقواعد الاشتباك، غير جاهزة. فحتى لو توفر الجنود، فإن دخولهم إلى غزة يتطلب شهورا من التدريب والتنسيق، ووضع آليات واضحة للتعامل مع المدنيين، والفصائل المسلحة، وحالات الخرق المحتملة.
وبحسب "مؤسسة الدراسات الفلسطينية"، فإن "هذه التعقيدات تعني أن الحديث عن قرب انتشار القوة الدولية غير واقعي، وأنها لن تكون حاضرة في الميدان قبل فترة طويلة، وهو ما يمنح إسرائيل عامل الوقت الذي تحتاجه لتعطيل الانتقال إلى المرحلة الثانية".
لجنة إدارة غزة تثير حالة من عدم التوافق بين الأطراف الفلسطينية و"إسرائيل"
ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة لـ"لجنة إدارة غزة"، والتي يفترض أن تقود الإطار السياسي والإداري للمرحلة التالية؛ حيث تعاني هي الأخرى من غياب التوافق؛ إذ تريدها "إسرائيل" إدارة محلية منزوعة الصلاحيات، تعمل بصفتها هيئة تنفيذية لا تمتلك قدرة على اتخاذ القرار، بينما ترغب واشنطن في إدارة تسند إلى السلطة الفلسطينية بعد "إصلاحها"، ويمنحها واجهة لإدارة القطاع.
وفي المقابل، ترى الأطراف الفلسطينية أن الحكم الانتقالي يجب أن يحافظ على الحد الأدنى من التمثيل الوطني، وجزء من النظام السياسي الفلسطيني الرسمي، وألا يتحول إلى صيغة تستخدم لفرض إدارة سياسية لا تعبر عن الإرادة الفلسطينية، بحسب "الطناني".
القوة الدولية عقبة أمام الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة ترامب
والأحد، أكد تقرير نشرته جريدة "صنداي تايمز" البريطانية أن الشرق الأوسط يواجه تحديات كبيرة في محاولة تنفيذ المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة، والتي تتضمن نزع سلاح حركة "حماس" وتشكيل سلطة حكم جديدة في القطاع والانسحاب الإسرائيلي من غزة.
وأوضحت الجريدة أن "جزءا كبيرا من المشكلة يكمن في تحديد دور القوة الدولية التي من المقرر انتشارها في غزة، والجهات التي ستشرف على عملية نزع السلاح؛ إذ ترغب حماس وبعض الأطراف العربية في أن يقتصر دور قوة الاستقرار الدولية المنصوص عليها في الخطة على كبح العمل العسكري الإسرائيلي في غزة، في حين ترغب إسرائيل في وجود إشراف دولي على نزع سلاح حماس".