بعد عام من سقوط الأسد، عائلات المفقودين تواصل البحث عن ذويهم في "خيام الحقيقة"
في مايو 2025، شكلت حكومة الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع "الهيئة الوطنية للمفقودين" بهدف جمع أدلة عن حالات الاختفاء القسري التي جرت في عهد الرئيس السابق بشار الأسد.
150 ألف شخص ما زالت عائلاتهم تحاول الوصل إلى معرفة مصيرهم
وعلى مدى أكثر من ستة أشهر، لم تقدم الهيئة معلومات بشأن نحو 150 ألف شخص ما زالت عائلاتهم تحاول الوصل إلى معرفة مصيرهم، وفق وكالة "رويترز".
تنقل "رويترز" عن مواطنة سورية تدعى أمينة بقاعي قولها: "اكتب اسم زوجي محمود وشقيقي، اللذان اعتقلا قرب منزلهما في دمشق في 17 إبريل 2012، مرارا وتكرارا في أحد محركات البحث على الإنترنت، أملا في الحصول على إجابات عن سؤال عمره 13 عاما، ولكن دون جدوى".
في البداية، أثار سقوط الأسد الأمل في أن تكشف سجلات السجون للعائلات ما إذا كان أبناؤهم قد ماتوا، ومتى حدث ذلك وكيف؛ وكانوا يأملون أيضا في استخراج الرفات من المقابر الجماعية التي حفرتها قوات الأسد في أنحاء سوريا، وإعادة دفن الضحايا بشكل لائق. ولكن لم يتحقق أي شيء من ذلك، بحسب "رويترز".
عشرات المعتقلين أُطلق سراحهم من سجن صيدنايا
في الثامن من ديسمبر 2024، وبعد ساعات من فرار الأسد إلى روسيا، أطلق مقاتلو المعارضة سراح العشرات من سجن صيدنايا، الذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه "مسلخ بشري" بسبب عمليات التعذيب والإعدام واسعة النطاق التي جرت هناك.
تقول بقاعي: "لم يكن زوجي أو شقيق من بين المعتقلين المحررين، فتحت السجون كلها، وأعتقد أن عدم عودته تعني أنه مات؛ ما أريده هو معرفة كيف ومتى وأين مات زوجي وشقيقي".
وفي غياب أي مستجدات من الهيئة الوطنية للمفقودين التي شكلها الرئيس السوري أحمد الشرع، تقول بقاعي: "أصبحت مهووسة بالبحث على الإنترنت، حيث أدقق في صور المعتقلين القتلى وصور وثائق السجون التي نشرتها وسائل الإعلام السورية التي دخلت إلى السجون ومقرات الأمن بعد سقوط الأسد. ولكن هذه الوثائق كشفت عن معلومات بالغة الأهمية".
الهيئة الوطنية للمفقودين تتجنب التسرع
تقول المستشارة الإعلامية لـ"الهيئة الوطنية للمفقودين" زينة شهلا: "نتفهم آلام أسر المفقودين، تعلم أننا بطيئون، لكن هذا الملف يحتاج إلى السير فيه بتأن بطريقة علمية ومنهجية وليس بتسرع".
وتأمل الهيئة العام المقبل في إطلاق قاعدة بيانات لجميع المفقودين باستخدام وثائق من السجون ومواقع أخرى.
وبحسب"رويترز" أضافت شهلا: "أن استخراج الرفات من المقابر الجماعية يتطلب خبرة فنية أكبر، وربما لن يتم قبل عام 2027".
واجتمعت الهيئة مع جماعات مناصرة سورية وبعض العائلات. وفي نوفمبر 2025، وقعت اتفاقية تعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومقرها جنيف واللجنة الدولية لشؤون المفقودين، اللتين تتمتعان بخبرة عالمية في هذه المسألة.
وتأمل الهيئة السورية أن يؤدي ذلك إلى مزيد من التدريب لموظفيها وإمكانية الوصول إلى المعدات التي تشح في سوريا، ومنها مختبرات فحص الحمض النووي للرفات المستخرجة، بحسب "رويترز".
نشطاء يتهمون الهيئة الوطنية للمفقودين باحتكار الوثائق
يتهم بعض النشطاء الهيئة الوطنية للمفقودين "باحتكار" الوثائق المتعلقة بالاعتقالات؛ ففي سبتمبر 2025، اعتقلت السلطات السورية لفترة وجيزة عامر مطر، وهو ناشط أسس متحفا افتراضيا لتوثيق تجارب المعتقلين، متهمة إياه بالوصول بشكل غير قانوني إلى وثائق رسمية لأغراض شخصية.
وحثت الهيئة العائلات على عدم تصديق أي وثائق متعلقة بالاعتقالات تنشر على منصات إلكترونية غير رسمية، وهددت باتخاذ إجراءات قانونية ضد تلك المنصات.
ويقول مطر: "تريد الهيئة احتكار الملف، لكنها تفتقر إلى الأدوات والكفاءة والشفافية؛ إنها تطلب ثقة العائلات لكنها لا تحقق أي نتائج".
العفو الدولية تطالب الهيئة بإصدار تحديثات منتظمة حول عملها
من جهتها، قالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار إنه "ينبغي على الهيئة إصدار تحديثات منتظمة حول سير عملها والنظر في منح مساعدات مالية لأقارب المفقودين".
وأضافت كالامار في تصريحات لـ"رويترز": "أهم ما يمكن أن تفعله الهيئة الوطنية في الوقت الحالي هو ضمان شعور العائلات بأن أصواتهم مسموعة ويتلقون الدعم".
أسر المفقودين يبحثون عن التضامن في خيام الحقيقة
ورغم مرور عام على سقوط الأسد في سوريا، لا يزال الكثيرون منهكين من عبء عدم معرفة مصير ذويهم، بحسب المواطنة المسنة السورية عليا دراجي والتي اعتقل ابنها يزن كانت في أول نوفمبر 2014.
وخلال العام الماضي، أمضت هذه المرأة المسنة وقتا في "خيام الحقيقة"، وهي اعتصامات تطالب بمعلومات عن سوريين مختفين؛ ورغم أن التواجد في خيام الحقيقة ساعدها في الشعور بروح التضامن، إلا أنه لم يمنحها ما يرغب فيه قلبها، وهو معرفة مصير ابنها.