الحسن العسكري، كيف أصبح الإمام الحادي عشر للشيعة الاثني عشرية؟
يحل غدا ذكرى ميلاد الحسن بن علي بن محمد، المعروف بالإمام الحسن العسكري، في مدينة سامراء العراقية سنة 232 هـ، وهي المدينة التي اختارها الخلفاء العباسيون ، لتكون مقرًا للجند ومركزًا للسلطة في تلك المرحلة.
وجاء ميلاده داخل أسرة تعرف لدى التيار الشيعي الإمامي بأنها بيت الإمامة، إذ كان والده الإمام علي الهادي أحد أبرز الشخصيات الدينية لدى أتباع المذهب.
كيف نشأ الحسن العسكري؟
نشأ الحسن العسكري في بيئة يغلب عليها الطابع الأمني، حيث خضعت أسرته لإقامة شبه جبرية في سامراء منذ انتقال والده إليها، ورغم هذه القيود، تلقى علومه الدينية داخل البيت، حيث اتجه منذ صغره إلى دراسة الفقه والحديث وتاريخ السلف، وهي العلوم التي شكلت لاحقًا مكانته داخل الأوساط الشيعية.
محطات فاصلة في مسيرة حسن العسكري
بدأ اسم الإمام الحسن العسكري في الظهور بشكل واضح بعد وفاة والده سنة 254 هـ، وهو الحدث الذي اعتبره أتباع المذهب الإمامي انتقالًا للإمامة إليه ليصبح الإمام الحادي عشر لديهم.
وجاءت هذه المرحلة في ظل حكم خلفاء عباسيين واجهوا اضطرابات داخلية وصراعات على النفوذ مع القادة الأتراك، ما جعل الرقابة على الشخصيات الدينية أكثر تشددًا.
وشهد العسكري عدة وقائع متفرقة تمثلت في استدعائه المتكرر إلى دار الخلافة، والتضييق على حركته ودوائر تواصله، إلى جانب وضعه فترات تحت الاحتجاز الإداري دون محاكمة.
وبرغم ذلك تشير المصادر التاريخية إلى استمرار تواصله مع أتباعه عبر شبكة من الوكلاء الذين نقلوا رسائله، وهو الأسلوب الذي عرف لاحقًا باسم نظام الوكالة في التراث الشيعي.
كيف رسخت الظروف مكانة «العسكري» كأحد أئمة الشيعة؟
ساهمت بيئة الرقابة والاحتجاز في تعزيز صورة الحسن العسكري داخل الأوساط الإمامية بوصفه إمامًا مضطهدًا من السلطة، وهو ما شكل جزءًا مهمًا من الرواية التي اعتمد عليها التيار الاثنا عشري في تحديد شرعية الإمامة داخل السلسلـة المعروفة لديهم.
كما ارتبط اسمه بمرحلة حساسة في الذاكرة الشيعية، حيث تجمع الروايات الإمامية على أنه والد الإمام المهدي محمد بن الحسن، الذي يعتقد أنه دخل في مرحلة الغيبة الصغرى بعد وفاة والده سنة 260 هـ، ما جعل العسكري حلقة محورية في البنية العقائدية للمذهب.
وفاة الحسن العسكري
رحل الإمام الحسن العسكري عن عمر 28 عامًا فقط، لكن حياته القصيرة ظلت مرتبطة بعقود من الجدل السياسي والمراقبة الأمنية والصراعات الدينية، لتبقى سيرته أحد أهم عناصر تشكيل المذهب الإمامي الاثني عشري حتى اليوم.