فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

قصة أول موضع دُفنت فيه السيدة نفيسة بمصر

 من هو أول من بنى
من هو أول من بنى قبرا للسيدة نفيسة رضي الله عنها

لم يجمع المؤرخون على شيء بقدر إجماعهم على أن السيدة نفيسة بنت الحسن مدفونة بمشهدها في مصر، وقد أخذ اسم نفيسة من النفاسة ورفعة الشأن والشرف.

وقدمت السيدة نفيسة إلى مصر بصحبة زوجها فى رمضان 193هـ، وعاشت فيها حتى وفاتها فى شهر رمضان 208هـ. فمن هو أول من بنى قبرا للسيدة نفيسة؟

هذا ما سنتعرف عليه خلال السطور المقبلة:

‫من هي السيدة نفيسة - السيدة نفيسة ويكيبيديا | وكالة سوا الإخبارية‬‎
 من هو أول من بنى قبرا للسيدة نفيسة رضي الله عنها

 قصة قدوم السيدة نفيسة إلى مصر

حكى الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: أنها دخلت مصر مع زوجها المؤتمن إسحاق بن جعفر الصادق فأقامت بها، يقول ابن كثير: لما دخلت مع زوجها أقامت بها، وكانت ذات مال، فأحسنت إلى الناس والجذامى والزمنى والمرضى وعموم الناس، وكانت عابدة زاهدة كثيرة الخير، ولما ورد الشافعي مصر أحسنت إليه، وكان ربما صلى بها في شهر رمضان، وحين مات أمرت أن تُدخل جنازته إليها، فأُدخل جثمانه رضي الله عنه عليها فصلت عليه.

ولها أخبار طيبة، منها أنها لما قدمت إلى مصر مع زوجها إسحاق بن جعفر الصادق، -وقيل: مع أبيها الحسن - هرع إليها أهل مصر يشكون من ظلم أحمد بن طولون ويجأرون إليها من ظلم أحمد بن طولون، فقالت: متى يركب -تعني موكبه متى يكون موعده-؟ قالوا: في غد.

فكتبت رقعة ووقفت في طريقه في الموكب، وقالت: يا أحمد بن طولون! فلما رآها عرفها، فترجل عن فرسه -أي: نزل في الحال عن الفرس- ومشى على رجليه، وأخذ منها الرقعة، وقرأها فإذا فيها: ملكتم فأسرتم- من الأسر- وقدرتم فقهرتم، وردت إليكم الأرزاق فقطعتم، هذا وقد علمتم أن سهام القدر نافذة غير مخطئة، لاسيما من قلوب أفزعتموها، وأكباد روعتموها، وأجساد عريتموها، فمحال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم، اعملوا ما شئتم فإنا صابرون، وجوروا فإنا مستجيرون، واظلموا فإنا إلى الله متظلمون {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} [الشعراء:٢٢٧] فعدل لوقته أي: رجع عن الظلم في الحال.

وقد قيل: إن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى سمع منها الحديث من وراء حجاب، وطلب منها أن تدعو له.

وقد استقبلها أهالى الفسطاط بالمودة والترحاب لما اشتهرت به من علم وصلاح، ودعاها كبير تجار مصر للإقامة فى داره فمكثت عنده عدة شهور، انتقلت بعدها إلى دار أم هانئ وهى امرأة مصرية ورعة، وبعدها لدار ثالثة فى منطقة الحسينية.

وعلى مدار تلك السنوات، تقاطر على مسكنها المصريون من جميع أرجاء البلاد، طالبين منها الدعاء لهم لقضاء حوائجهم بعدما عُرف عنها من كرامات، وللسؤال عن أمور دينهم لما عُرف عنها من تبحر فى علوم الدين. وأخذ ذلك كثيرا من وقتها حتى إنها فكرت فى العودة إلى الحجاز للتتفرغ للعبادة والعلم.

فتدخل والى مصر السرى بن الحكم وأمر بأن تقتصر زيارتها على يومين فقط هما السبت والأربعاء حتى تقضى بقية أيام الأسبوع فى جو الهدوء والخشوع الذى ترغبه، فوهبها دارا أوسع فى منطقة درب السباع لاستقبال ضيوفها وهى نفس الدار الذى دفنت فيها وأقيم ضريحها ومسجدها فى نفس المكان الموجود حاليا.

أقامت السيدة نفيسة مجالس العلم التى استقبلت فيها مريديها من طلاب المعرفة، وكبار العلماء الذين حاورتهم من وراء حجاب. كان من بينهم الإمام الشافعى الذى طلب منها الصلاة عليه بعد وفاته، وبالفعل عندما توفى فى 204هـ أدخلوا جنازته إلى دارها، فصلت عليه.

حضرتها الوفاة رحمها الله تعالى كما يقول الحافظ بن كثير وهي صائمة، فألزموها أن تفطر، فقالت: واعجباه! أنا منذ ثلاثين سنة أسأل الله تعالى أن ألقاه صائمًا أأفطر الآن؟! هذا لا يكون، وخرجت من الدنيا وهي تقرأ القرآن، وكانت آخر آية قرأتها قبل أن تقبض روحها: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام:١٢] رحمها الله ورضي عنها

 

أول من بنى قبرا للسيدة نفيسة

ذكر المؤرخ المصري تقي الدين المقريزي في كتابه "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والأثار"، أن أول من بنى قبر السيدة نفيسة هو والي مصر عبد الله بن السري، في عهد الدولة العباسية، وأعيد بناء الضريح في عهد الدولة الفاطمية وأضيف له قبة وذلك في عهد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، في عام 482 هـ.

ثم أمر الناصر محمد بن قلاوون بإنشاء مسجد بجوار الضريح عام 714هجرية، وأمر بتجديد المسجد والضريح معًا، وظل المسجد والضريح على حالتهم حتى عام 1173 فقد نشب حريق بالمسجد وأتلف قسم كبير منه.

وأمر الخديو عباس حلمي الثاني بإعادة بنائه في 1314 هجرية/1897 ميلادية، ليحتفظ المسجد بطابعه الأثري منذ ذلك التاريخ، حيث تعلوه منارة تم بناؤها على الطراز المملوكي، ويتوسط جدار القبلة محراب مكسو بالقاشاني الملون، وعلى يمين المحراب باب يؤدي إلى ردهة مسقوفة بوسط سقفها شخشيخة حليت بنقوش عربية، وهي الردهة الموصلة إلى ضريح السيدة نفيسة المقام فوقه مقصورة نحاسية.