فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

عباقرة ولكن مجهولون، "عبد الوهاب بن فرفور" فقيه سوري ومفتي الشام ولغز حول ضياع تراثه

هنا كان يدرس ابن
هنا كان يدرس ابن فرفور، فيتو

على مر التاريخ الإسلامي لمعت أسماء عباقرة في مختلف المجالات مثل: ابن الخطاب، والصديق، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن عبد العزيز، والبخاري، والشافعي، وابن حنبل، ابن سينا.. ابن رشد.. الكندي.. الفارابي.. الخوارزمي.. الطبري.. أبو حامد الغزالي.. البوصيري.. حتى محمد عبده.. المراغي.. المنفلوطي.. رفاعة الطهطاوي.. طه حسين.. العقاد.. أحمد شوقي.. عبد الحليم محمود.. محمد رفعت.. النقشبندي.. الحصري.. عبد الباسط.. وغيرهم، في العصر الحديث.

لكن هناك أسماء مهمة كان لها بصماتها القوية على العلم والحضارة، ولا يكاد يعرفها أحد، وفي هذه الحلقات نتناول سير بعض هؤلاء العباقرة المجهولين.

عبد الوهاب بن فرفور "فقيه سوري تولى الإفتاء بالشام، ضياع تراثه لغز كبير"

هو عبد الوهَّاب بن أحمد بن محمَّد بن أحمد بن محمود بن عبد الله بن محمود الفرفوري الدمشقى الحنفى، مفتي الشام وَأحد الْفُضَلَاء المبرزين.

مولده ونشأته

ولد ابن فرفور بدمشق سنة 1012هـ، وتعلم وقرأ على يد عبد اللطيف الجالقي وشرف الدين الدمشقي.
ودرس  الحديث الشريف عن عمر القاري، ثم لزم عبد الرحمن ابن عماد الدين الحنفي، فمال إليه بكليته (تفرغ له تمامًا وترك كل شيء آخر من أجله)، وصار معید درسه في صحيح البخاري.

وتخرج بأسئلة الفقه على شهاب الدين أحمد بن قولقسز الدمشقي، وعلى عبداللطيف المنقاري.
وقام بالتدريس في الجقمقية (تقع هذه الخانقاه أو المدرسة قريبًا من الباب الشمالي للجامع الأموي بمدينة دمشق القديمة) وغيرها، وأفاد وانتفع به جماعة، وتولی نيابة الحكم بمحكمة الكبرى مرات، واستقل بالوجاهة استقلالا.

مكانته العلمية

اشتهر ابن فرفور بأنه كان فَقِيها وجيها، جليل الْقدر، سامي الرُّتبَة قوى الحافظة طويل الباع، وله أدب بارع، ومحاضرة جيِّدة.
تتلمذ فى بداياته على يد الشَّيخ عبد اللَّطِيف الجالقى والشرف الدمشقى، وَأخذ الحَدِيث عَن الشَّيخ عمر القَارئ، ثم لزم العمادى الْمُفْتي، ومال اليه العمادى بكليته فصيره معيد درسه فى صَحِيح البخاري.
وتخرج فى كتابة الأسئلة المُتَعَلّقَة بالفتيا على يد الشهاب أحمد بن قولا قسز وَعبد اللَّطِيف المنقاري.
ثمَّ لَازم ودرس على قَاعِدَة الرّوم وتنازل لَهُ أَحْمد بن شاهين عَن التدريس في الجقمقية قبل وَفَاته.
ثمَّ درس وَأفَاد وانتفع بِهِ جمَاعَة وَتَوَلَّى النِّيَابَة الْكُبرَى (سلطة النائب أو الوكيل نيابةً عن المفتي الأصلي في إصدار الفتاوى الشرعية) مَرَّات مُتعَدِّدَة.
ونال رُتْبَة الدَّاخِل المتعارفة الْآن فى بِلَادنَا. 
ولما قدم الوزير أَحْمد باشا الْفَاضِل الى دمشق أعجب بابن فرفور، وأقبل عليه كثيرا لما رأى من فضله، فَلَمَّا تولى الوزارة العظْمى عينه مفتيا بالشام.
وَقد تمكنت قَوَاعِده فى الْفتيا واشتهر أمره، وكان مع عراقته الطائلة وتفوقه فى الْفضل والأدب، متواضعا دمث الأخلاق ودودا حسن الْعشْرَة طارحا للتكلف، فَلهَذَا مَالَتْ اليه الْقُلُوب، وانبعثت إليه الأهواء.
وَكَانَ قمة فى الاطِّلَاع على فروع الْفِقه والأخذ بمحال الأحكام فى الذورة الْعَالِيَة.
وَمن غَرِيب أمره أنه مَعَ فَضله الباهر وعلمه الغزير، لم يُرو لَهُ أثر من تحرير أو تقرير، ويمثل ضياع تراثه الفقهي لغزا محيرا.
وكان ينظم الشّعر.

وفاته

ولم يعش ابن فرفور طويلا، فتوفي وَكَانَت وِلَادَته فى سنة 1012هـ، وَتوفي فى الخامس عشر من المحرم سنة 1073.

ودُفن بمقبرة أجداده "بنى الفرفوري" لصيق مزار الشَّيخ أرسلان، قدس الله تَعَالَى سره العزيز.