تنسيق حكومي جديد بين البيئة والكهرباء.. تعاون بين الوزارتين لحماية التنوع البيولوجي.. التزام كامل بمعايير مواجهة التغير المناخي واستراتيجية التحول الطاقي
عقدت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية والقائم بأعمال وزير البيئة، والدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، اجتماعًا موسعًا بمقر وزارة الكهرباء بالعاصمة الإدارية الجديدة.
جاء الاجتماع لبحث سبل التعاون والتنسيق المشترك بين الوزارتين في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة، واستكشاف الموارد الطبيعية، وحماية البيئة والتنوع البيولوجي، في إطار استراتيجية الدولة للتحول الطاقي وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
اجتماع تنسيقي رفيع المستوى في العاصمة الإدارية
وشهد الاجتماع حضور عدد من القيادات التنفيذية والخبراء من الوزارتين، بينهم الدكتور حامد ميرة، رئيس هيئة المواد النووية، الذي شارك عبر تقنية الفيديو كونفرانس، والدكتور علي أبو سنة، الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة، واللواء أ.ح خالد عباس، رئيس قطاع حماية الطبيعة، والدكتور تامر كمال، رئيس الإدارة المركزية للتنوع البيولوجي بوزارة البيئة.
وناقش الاجتماع تنظيم آليات العمل الميداني في بعض المواقع الواقعة ضمن اختصاص هيئة المواد النووية، واستكمال عمليات البحث والاستكشاف والاستخراج للخامات الأرضية والعناصر النادرة، مع التأكيد على ضرورة الالتزام بالاشتراطات والمعايير البيئية، بما يضمن الحفاظ على التنوع البيولوجي، وحماية النظم البيئية الحساسة في مناطق العمل.
توافق بيئي مع مشروعات الطاقة لتحقيق التحول العادل
وأكدت الدكتورة منال عوض خلال الاجتماع أهمية التنسيق المستمر مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، في إطار سعي الدولة نحو التحول العادل في قطاع الطاقة وتقليل الانبعاثات الناتجة عن أنشطة هذا القطاع الحيوي.
وأوضحت أن هدف مصر الوطني يتمثل في الوصول إلى نسبة ٤٢٪ من الطاقة المتجددة ضمن مزيج الطاقة بحلول عام ٢٠٣٠، بما يشمل التوسع في مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها من مصادر الطاقة النظيفة.
وشددت الوزيرة على أن هذا الهدف لن يتحقق إلا عبر تعاون مؤسسي وتخطيط متكامل يضمن توافق الأنشطة والمشروعات مع القواعد والاشتراطات البيئية المعتمدة، مشيرة إلى أهمية أن تلتزم جميع الهيئات التابعة لوزارة الكهرباء، بما في ذلك الهيئات النووية وهيئة المواد النووية، بالمعايير البيئية في جميع مراحل عملها، سواء في البحث أو الاستكشاف أو التشغيل.
كما أكدت أهمية إعداد دراسات تقييم الأثر البيئي لكل مشروع جديد لضمان عدم تعارضه مع مكونات البيئة الطبيعية أو المناطق المحمية، مع إعداد دراسات مستقبلية تتضمن بدائل متعددة وخططًا لتقليل الأثر البيئي المحتمل، بما يحقق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على الموارد الطبيعية.
تنسيق بين الوزارتين لحماية التنوع البيولوجي
تناول الاجتماع المشترك بين الوزارتين محاور متعددة، من بينها التوافق حول آليات العمل في المناطق ذات الحساسية البيئية العالية، وضمان ألا تؤثر أعمال البحث أو الاستخراج على مكونات التنوع البيولوجي.
وفي هذا السياق، شددت وزيرة التنمية المحلية والقائم بأعمال وزير البيئة على ضرورة صياغة تصور شامل بالتعاون مع الجهات المعنية، لوضع ضوابط واضحة تنظم العلاقة بين أنشطة هيئة المواد النووية ومتطلبات الحفاظ على البيئة الطبيعية.
وأكدت الدكتورة منال عوض أن الدولة تضع في أولوياتها حماية المحميات الطبيعية والمناطق ذات القيمة البيئية الخاصة، موضحة أن وزارة البيئة تعمل حاليًا على تطوير قاعدة بيانات متكاملة للمحميات والمناطق الحساسة، لتكون مرجعًا عند التخطيط لأي مشروع تنموي أو طاقوي جديد، بما يضمن استدامة الموارد.

التزام كامل بالمعايير البيئية واستراتيجية للتحول الطاقي
من جانبه، أعرب الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة عن تقديره للتعاون المثمر مع وزارة البيئة، مؤكدًا أن هذا اللقاء يأتي في إطار الاستراتيجية الوطنية للطاقة، التي تستهدف زيادة مساهمة الطاقات المتجددة في مزيج الطاقة المصري، وتوسيع نطاق مشروعات البحث والاستكشاف الخاصة بالعناصر والخامات الأرضية والمواد النادرة.
وقال عصمت إن الوزارة تولي اهتمامًا خاصًا بـالحد من الانبعاثات الكربونية في جميع مراحل إنتاج الطاقة، مشيرًا إلى أن الطاقة النظيفة أصبحت محورًا أساسيًا في خطط الدولة التنموية، ليس فقط لتحقيق الأمن الطاقي، ولكن أيضًا للوفاء بالتزامات مصر الدولية تجاه قضايا المناخ.
وأوضح أن هيئة المواد النووية تمثل أحد أذرع الدولة الاستراتيجية في استغلال الثروات الطبيعية النادرة، مشددًا على أن جميع أنشطة الهيئة تسير وفق اشتراطات بيئية صارمة، وبالتنسيق الكامل مع وزارة البيئة، لضمان عدم الإضرار بالنظم البيئية في مواقع العمل.
تكامل الطاقة والبيئة طريق مصر نحو التنمية المستدامة
تضمن الاجتماع مناقشات موسعة حول آليات تعزيز التكامل بين مشروعات الطاقة المتجددة وبرامج حماية البيئة، بما يتوافق مع أهداف رؤية مصر 2030. وتم التأكيد على أن التنمية الاقتصادية والبيئية وجهان لعملة واحدة، وأن نجاح الدولة في تحقيق النمو المستدام مرهون بقدرتها على إدارة مواردها الطبيعية بكفاءة ومسؤولية.
وفي هذا الإطار، تم الاتفاق على استمرار التنسيق بين الوزارتين من خلال لجان فنية مشتركة، تعمل على متابعة تنفيذ المشروعات ومراجعة دراسات الأثر البيئي الخاصة بها، لضمان التوافق الكامل مع المعايير المحلية والدولية، وبما يسهم في تقليل البصمة الكربونية لمشروعات الطاقة في مصر.
خطة وطنية لتعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية
تطرق النقاش كذلك إلى خطة الدولة لتعظيم الاستفادة من الخامات الأرضية والمعادن والعناصر النادرة، التي تمثل ثروة قومية يمكن أن تسهم في دعم الاقتصاد الوطني. وتمت الإشارة إلى أن هيئة المواد النووية تعمل ضمن برنامج بحث واستكشاف متكامل، يهدف إلى تحديد مواقع تلك الموارد واستغلالها بطريقة تراعي الاعتبارات البيئية.
وأكد وزير الكهرباء أن الوزارة تسعى من خلال هذا البرنامج إلى تعزيز التكامل الطاقي وتوفير احتياجات الدولة من الطاقة بأسلوب مستدام، من خلال الاعتماد على الطاقات المتجددة وتطبيق التكنولوجيا النظيفة في جميع مراحل العمل. كما أشار إلى أن الوزارة مستمرة في جهودها لتقليل الانبعاثات وتحقيق الحياد الكربوني على المدى الطويل.
نحو شراكة مستدامة بين الطاقة والبيئة
اتفق الطرفان في ختام الاجتماع على أن المرحلة المقبلة ستشهد شراكة مؤسسية أوسع بين وزارتي الكهرباء والبيئة، من أجل ضمان تنفيذ مشروعات الطاقة وفق أعلى معايير الجودة البيئية، وتعزيز التعاون في مجال الأبحاث العلمية والدراسات الفنية المشتركة، بهدف دعم صانعي القرار ببيانات دقيقة حول الموارد الطبيعية والأنظمة البيئية.
وأكد الجانبان أن هذه الجهود تأتي في إطار التزام الدولة المصرية بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتحويل التحديات البيئية إلى فرص حقيقية للنمو الأخضر والاستثمار المستدام، مشددين على أن مصر تمتلك من الخبرات العلمية والكوادر الفنية ما يؤهلها لأن تكون نموذجًا رائدًا في المنطقة في إدارة مواردها الطبيعية والطاقة المتجددة.