إعلان ضم القدس 1949، هكذا نجحت إسرائيل في ابتلاع المدينة المقدسة
في مثل هذا اليوم من عام 1949، خرج دافيد بن جوريون، أول رئيس وزراء في إسرائيل، وأعلن صراحة ما كانت تل أبيب ترتب له في الخفاء منذ أشهر قبل هذا التاريخ، أن القدس جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل، ليفجر بهذا الإعلان صراع تاريخي، ويفتح جرحًا لا يزال ينزف حتى اليوم.
كواليس إعلان ضم القدس لـ إسرائيل
منذ اندلاع حرب 1948، كانت القدس هي الجائزة الكبرى، حيث خطط بن جوريون مبكرًا لتغيير واقع المدينة، واستغل الداهية الصهيوني ارتباك قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947، الذي نص على جعل القدس مدينة عالمية خاضعة لإدارة دولية خاصة، لكن إسرائيل وبعد أن سيطرت عسكريًا على غرب المدينة أثناء الحرب، بدأت تنقل مؤسساتها إليها بالتدريج تمهيدًا لفرض واقع جديد.
وفي ديسمبر 1949، قرر بن جوريون اللعب على المكشوف بإعلانه القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، بعد تخطيط سياسي وعسكري متقن، بدأ قبل إعلان الدولة نفسها، فالمعركة على القدس كانت بالنسبة لإسرائيل معركة هوية أكثر منها معركة حدود، وكان بن جوريون يرى أن بقاء المدينة خارج السيطرة الإسرائيلية ينسف فكرة العودة إلى صهيون التي قامت عليها الحركة الصهيونية.
ردود فعل العرب والعالم على ضم القدس
اشتعل العرب وخرجت الجامعة العربية تعلن أن القدس مدينة عربية مقدسة لا تقبل المساومة، فيما احتجت الدول الغربية علنًا لكنها اكتفت دبلوماسيًا بترك سفاراتها في تل أبيب، في إشارة إلى رفضها الاعتراف بالضم دون اتخاذ أي إجراء عملي، أما الأمم المتحدة فجددت تأكيدها على الطابع الدولي للقدس، لكن القرار ظل حبرًا على ورق أمام الواقع الجديد الذي فرضته إسرائيل بقوة السلاح.
وعلى الأرض كان الفلسطينيون الخاسر الأكبر، حيث قسمت مدينتهم بين شرق خاضع للأردن وغرب احتلته إسرائيل، وبدأت عمليات تهجير واسعة شملت آلاف السكان العرب الذين أجبروا على ترك بيوتهم في الأحياء الغربية، لتتحول إلى أحياء يهودية مغلقة.
ومع الوقت أصبح التقسيم حقيقة وبدأت مرحلة جديدة من الاحتلال تعتبر فيها القدس «الحق الإلهي» الذي عاد إليهم، ومن هذا المنطلق ارتكتبت سلسلة من المجازر بلغت ذروتها بعد احتلال القدس الشرقية عام 1967 واستمرت بعدها بعد أن أصبح قرار ضم القدس حجر الأساس في مشروع السيطرة الإسرائيلية على المدينة المقدسة.