الدول تحيا بأخلاق أبنائها لا بالغيرة والحقد
حين تتحول الغيرة إلى حقد والنقد إلى شماتة، والاختلاف إلى إساءة، لا بد أن نوقن أن الخلل لم يعد في الأفراد فقط، بل في منظومة القيم كلها، وإذا أردنا أن تنهض أمتنا لا بد أن تتطهر قلوب أبنائها من دنس الحسد، ونتعلم أن الجمال الحقيقي ليس في المظهر، بل في النفس التي تسعد لنجاح غيرها كما تسعد لنجاح نفسها.
الآن نرى وجوهًا مكفهرة وهي وجوه عابسة ومتجهمة ومتغيرة، بسبب الحزن أو الغضب. وجوه تظهر عليها علامات الغلظة أو قلة الإحساس، بسبب نجاح الغير، وتتعمد زرع الألغام في طريق النجاح بالوشايات، أو الحديث الكاذب والمغلوط عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو المنصات الإعلامية التي تفتقد مقومات المهنة والوقوف على مسافة واحدة من الجميع.
في عالمنا الآن نعيش وسط نماذج كثيرة من الوجوه المكفهرة التي تخفي فشلها وراء الإساءة للغير، وتتصدى لنجاح الآخرين بوضع العراقيل لمنعها من الصعود للقمة، وللأسف هذه الفئة من الأشرار تجد الأرض الخصبة التي من خلالها تأمل في تحقيق مآربها، ولا تجد من يردعها ويوقفها عند حدها..
وكل هذا نتيجة الحقد والخلل في منظومة القيم، والتي تشبه السوس الذي ينخر في أعمدة البنيان الذي أوشك على السقوط، لأننا سمحنا أن تسكن هذه النماذج داخل جدران البنيان الذي ربما كان محصنا في يوم من الأيام الذي كانت فيه منظومة القيم في أحسن حال.
الدول تحيا بأخلاق شعوبها لا بالغيرة والحقد، تحيا بترسيخ مبادئ حب الوطن، والحفاظ على أمنه وسلامته، تحيا بالحفاظ على العلماء ونخبة المثقفين والخبرات النادرة لدى أبنائها، تحيا ببذل الجهد والعمل الدؤوب لا بالكسل والخفقان، تحيا برسم خارطة طريق لتفادي المشاكل والأزمات والانطلاق للأمام، تحيا بالعلم والثقافة لا بالجهل واللامبالاة، تحيا بالحب لا بالكراهية.
لكن للأسف تصطدم بوجوه قبيحة تفتقد القيم النبيلة، فتخرج من أفواهها روائح كريهة لهدم الأوطان بالشائعات والأكاذيب عبر منصات إعلامية مضللة للحقائق، لزعزعة الاستقرار لدى الدول التي تخطو خطوات النجاح والاستقرار، ومن هنا تكون بداية الخلل، والمخطط الشيطاني الملعون الذي من المفترض أن يقابل بوعي أبناء الوطن، والوقوف جنبا إلى جنب في خندق واحد، لهدم المخطط والحفاظ على الأوطان.
على العموم هناك حقد وغيرة لا حدود لها، وكراهية من أعداء الوطن تتطلب التصدي للموتورين، الذين امتلأت قلوبهم بالحقد على كل نجاح يتحقق، لكن المرضى لا يقتنعون بأنهم مرضى العيون والقلوب ويسيرون صوب الضلال والبهتان، فإذا أردنا وأد مخططات الأشرار فعلينا عدم الالتفاف إليهم لا من قريب ولا بعيد ولنخطو خطوات ثابتة نحو التقدم والازدهار.