موقف حدث ونرجو ألا يتكرر!
من وقت لآخر، مع تركيز ملحوظ في مناسبات محددة، يمكن رصدها، تظهر على صفحات الملايين منا، في مصر وبين العرب، تقارير ومنشورات تضرب في العمق، في الجذور، في الثوابت، تريد إلى بتر الجذر، تزيد إلى بث الفرقة والانقسام وقطع الأصول بيننا..
تقارير ومنشورات تستهدف فصل مصر عن نسيجها العربي، بإذاعة فيديوهات ومعلومات، فيها الصادق وأغلبها الكاذب، عن امتلاك العرب باستثمارات ضخمة لأراض مصرية يشككون في أن اليهود وراءها.. وشتائم هنا وسباب هناك، ومعايرة هنا لنا وردود قاسية هناك.. فيم كل هذا؟
فشلت الصهيونية فشلا ذريعا كاملا في بث الفرقة داخل مصر، بينما نجحت بالعملاء والخونة في تقسيم دول عربية نذرف الدموع أسى وحزنا عليها، يتقاتل أبناؤها لحساب الأجنبي، يسفكون دماء بنى أوطانهم ويبددون مواردهم..
السودان وليبيا وسوريا واليمن.. وكان الهدف الأكبر مصر لكن الوعي الوطني المصري أحبط المخطط وحفظ المصريون وطنهم.
في الآونة الأخيرة، وقبلها كما أشرنا، تنتشر منشورات تسيء إلى السعودية، وتسيء إلى الإمارات، ومن كلتا الدولتين الشقيقتين تنتشر منشورات وفيديوهات تسيئ إلينا في مصر، وهذا كله بعيد عن الدولة الرسمية في الدول الثلاث..
آخر الفيديوهات ما تعلق بتعرض فرد أمن سعودي بالحرم المكي الشريف بالجذب والشد لسيدة جلست في الحرم فرفعها فرد الأمن بغلظة، فلما احتج مواطن مصرى على غلظة الأسلوب وتعاليه، انقلب فرد الأمن عليه دفعا وحاول الاعتداء عليه، وتم تصوير المشهد الذي تبادله الناس وانتشر كالنار في بئر بترول..
مشهد لا يمكن قبوله بالقطع فمعاملة ضيوف الرحمن بالحسنى والأدب والذوق من تعاليم الإسلام ومن أصول الضيافة. والجميع يستنكر ما وقع، وتداركت السلطات السعودية الأمر وعالجته بكياسة. وتم التحقيق مع الطرفين وخرج المعتمر المصري يشيد بحسن المعاملة مع المحققين لجلاء الأمر ومحاسبة فرد الأمن..
نحن بالطبع ضد إهانة السيدة وجذبها بقوة، وهو موقف مستفز لنخوة أي رجل أو امرأة، وبالفعل يتعرض البعض لغلظة هنالك في مطار وفي زحام الطواف، ونمرر هذه المواقف حتى لا يتكدر صفو وروحانية المعتمر أو الحاج الذي جاء ليتطهر ويقدس الله تقديسا..
من ناحية أخرى فإن الحشود الكبيرة الزائرة تخلق ما يسمى بثقافة الزحام، وهي ثقافة يغلب عليها عدم السيطرة والتدافع والنكز بالكوعين ومعروف عن بعض إخواننا الأفارقة هذه السلوكيات في الطواف.. هم وهن أقوياء البنية ما شاء الله، تعرضت لذلك وتعرضت له زوجتي في موسم حج..
ثقافة الزحام تقتضى الضبط والربط ولاشك أن قوات حفظ الأمن الخاصة بالحرمين لديها تعليمات صارمة بحسن معاملة المعتمرين والحجيج، ومع ذلك فإن تصرفات فردية تعكس ضيق صدر الفرد الحارس وأخلاقه، أو شدة الضغوط والتدافع أخرجته عن مقتضى الذوق والضيافة الحسنة، لا ينبغي أن نعممها على تصرفات الأشقاء السعوديين..
عشنا وسطهم سنوات، ومازلنا، نحبهم ويحبوننا، فمنهم رسول الله الأكرم، وفيهم بيت الله الأعظم، وبينهم ملوك عظام ساندونا وقت الشدة العظمى، وقت الحرب، المرحوم الملك فيصل بطل معركة البترول في حرب أكتوبر، المرحوم الملك عبد الله بن عبد العزيز حبيب المصريين، ووزير الخارجية العظيم الراحل سعود الفيصل.. وحاليا الملك سلمان وولي العهد ابنه محمد.. يعرفون قدر مصر وقامتها السامقة.. لا يضيع العمل الطيب لدينا.. ولا كرامتنا.. موقف حدث وتم احتواؤه ونرجو ألا يتكرر..