الأحاديث الواردة في اسم محمد وأحمد وبيان خصائصها
كثيرون من المسلمين يميلون إلى تسمية مواليدهم باسم محمد أو أحمد، وهو من الأمور المندوبة؛ طلبًا لحصُول بركة اسمه صلواتُ الله وسلامه عليه؛ فقد ورد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «تَسَمَّوْا بِاسْمِي» متفقٌ عليه.
كما ألَّف بعضُ أهل العلم رسائلَ في فضل التَّسمية بالاسم الشَّريف، وأضاف البعض أحاديث مكذوبة في فضل التسمي باسم أحمد ومحمد.
وخلال السطور التالية نستعر معكم الأحاديث الواردة في اسم محمد وأحمد وبيان خصائصها.

أسما محمد وأحمد في القرآن الكريم
ورد اسم "محمد" في أربع آيات من القرآن الكريم:
﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ﴾.
﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ﴾.
﴿ وَءَامَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾.
﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾
أما اسم أحمد، فقد ورد مرة واحدة في قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾، فلم يتسم أحد به قبل الرسول الله صلى الله عليه وسلم أبدًا.
من تسمَّى باسم محمد قبل النبي؟
وأشارت إلى أنه لما قَرُب زمان ظهور النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، سَمَّى بعض العرب أبناءهم باسمه؛ رجاء أن تكون النبوة فيهم، والله أعلم برسالته، وهم نحو ثمانية عشر واحدًا.
وأردفت: وعدَّ العلَّامة عبد الباسط البلقيني ستة عشر في نَظْمٍ ذكره العلَّامة الصالحي في "سبل الهدى والرشاد" (1/ 411، ط. دار الكتب العلمية): [وقد نَظَمَ أسماءهم العلامة الشيخ عبد الباسط البلقيني رحمه الله تعالى في "الشرح" فقال: إنَّ الَّـــذِينَ سُمُــوا بــاسْمِ مُـحَـــمَّدٍ.. مِن قَبْلِ خَيْرِ الـخَلْـقِ ضِعْفُ ثَـمَانِ.. ابـنُ لَبرِّ مُجـَاشِـعُ ابـْنُ رَبِـيعَةَ.. ثُـمَّ ابنُ مَسْــلمَ يُـحْـمِدِيْ حَزْمانِ.. لَـيْثِـيْ هُوَ السُّلَـمِـيُّ وابــنُ أُسَـامَـةَ.. سَعْـدِيٌّ وابـنُ سُوَاءَةَ هَـمْدَانِي.. وابْنُ الجُلاح مَعَ الأُسَيدِيْ يا فَتَى.. ثُمَّ الفُقَيـمِيْ هَكَذَا الـحُمْـراني] اهـ.
ونبهت إلى أنه جاء في "حاشية المدابغي على شرح الأربعين للعلامة ابن حجر الهيتمي"، أن بعضهم قد زاد اثنين آخرَين، ونظمهما في بيت يضم إلى الأبيات السابقة: [وابنًا لِـحَارث زِدْ لِـعَدِّهِم... وزِدْ اِبْنَ الـمُغَفَّلِ جاءَنَا بِبَيَانِ] اهـ.
الأحاديث الواردة في اسم محمد وأحمد
روى الإمام مالك في موطأه عن سيدنا محمد بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا الْعَاقِبُ".
وفي رواية: أنا المقفّى ونبيّ التوبة ونبيّ الرحمة، وفي صحيح مسلم: ونبيّ الملحمة، وسمّاه الله في القرآن العظيم بالبشير والنذير والسراج المنير والرؤوف الرحيم ورحمة للعالمين، ومحمدا وأحمد وطه ويس ومزمّلا ومدثّرا وعبد الله ونذيرا مبينا، ومذكّرا، وغيرها من الأسماء.
وأما أعظم أسمائه الشريفة فهو محمد صلى الله عليه وسلم، سمّاه به جدّه عبد المطلب رجاء أن يحمده أهل الأرض، وجاءت بشرى مولده يوم الفيل بخمسين يوما، ورأت أمه سيدتنا آمنة رضي الله عنها في صدر ليلة مقمرة هاتفا يبشرها بأنها توشك أن تضع سيد هذه الأمة، ويأمرها أن تسميه «محمدا».
وروى ابن وهب في جامعه عن الإمام مالك رضي الله عنه: سمعت أهل مكة يقولون: ما من بيت فيه اسم محمد إلا ورزقوا، وعنه رضي الله عنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما ضرّ أحدكم أن يكون في بيته محمدان وثلاثة".
وذكر القاضي عياض رحمه الله تعالى عن شريح بن يونس أنه قال: "إن لله ملائكة سياحين عيادتهم كل دار فيها أحمد ومحمد إكراما لمحمد صلى الله عليه وسلم".
ومنها ما روي عنه، صلى الله عليه وسلم، فيما رواه الديلمي في الفردوس من حديث سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه: "يوقف عبدان بين يدي الله عز وجل فيأمر بهما إلى الجنة فيقولان ربنا بما استأهلنا الجنة ولم نعمل عملا تجازينا به الجنة؟ فيقول الله عز وجل: عبداي ادخلا الجنة فإني آليت على نفسي أن لا يدخل النار من اسمه أحمد ولا محمد".
ومنها ما رواه أبو نعيم عنه صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: "وعزتي وجلالي لا أعذب أحدا تسمى باسمك في النار".
أحاديث مكذوبة على رسول الله
يروي البعض أحاديث من مثل: "من كان اسمه محمَّدًا فلا تضربه ولا تشتمه"؛ احتراما وإجلالا لهذا الاسم إلا أن هذا لا يمنع من أن يعاقب عند الخطأ أو يوبَّخ، وقد أمر النبي، صلى الله عليه وسلم، الأولياء بتعليم أبنائهم الصلاة وهم أبناء سبع سنين وأن يضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين إذا لم يطيعوا، ولم يستثنِ النبي صلى الله عليه وسلم من اسمه "محمد" أو غيره من الأسماء من هذا الحكم، وقد أوضح أهل الحديث أن هذا الحديث مكذوب وموضوع على الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس له أصل في السنة المطهرة.
وأوضحوا أيضا أن هناك العديد من الأحاديث المكذوبة في هذا الشأن ومنها: "من سمَّى محمَّدًا فإنه له ذمة من محمد ويوشك أن يدخله بذلك الجنة"، "من كان اسمه محمَّدًا فإن بيته يكون لهم كذا وكذا".. وهذه الأخبار لا أساس لها من الصحة.

هل كل من اسمه محمد لا يدخل النار؟
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه ورد حديث صحيح المعاني وردت ألفاظه ومعانيه بروايات متعددة، أمثلها حسنٌ كما قرره أئمة الحديث وغيرهم من جماهير العلماء والفقهاء، فمن كان اسمُه محمدًا أو أحمدَ تبركًا باسمه الشريف، صلى الله عليه وآله وسلم، فقد حصَّل سببًا من أسباب الكرامة والشفاعة في الدنيا والآخرة.
وأوضحت "الإفتاء" في إجابتها عن سؤال: (هل كل من اسمه محمد لا يدخل النار ؟، أو بصيغة أخرى هل حديث كل من كان اسمه محمد لا يدخل النار صحيح؟، وما مدى صحة حديث: «إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: أَلَا لِيَقُمْ مَنِ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَلْيَدْخُلِ الجَنَّةَ كَرَامَةً لِنَبِيِّهِ»؟)، أن الحديث صحيح المعاني وردت ألفاظه ومعانيه بروايات متعددة، أمثلها حسنٌ كما قرره أئمة الحديث وغيرهم من جماهير العلماء والفقهاء.