فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

البابا تواضروس: الصمت هو طريق السماع لصوت الله

البابا تواضروس
البابا تواضروس

قال قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إن "الصمت المقدس هو شرط السماع لصوت الله، لأن الله يتحدث في الهدوء، ولا يسمع صوته وسط الضجيج"، مؤكدا أن الصلاة الحقيقية تبدأ حين يسكن الإنسان من الداخل، فيتسع قلبه لسماع صوت الرب.

واستكمل البابا تواضروس سلسلة تعاليمه الروحية تحت عنوان "أصحاحات متخصصة"، متحدثًا في هذا اللقاء عن موضوع "رحلة في السكون وصوت الله في الصلاة"، من خلال تأمل في الأصحاح الثالث من سفر صموئيل الأول (الأعداد ١–١٠)، حيث أشار إلى أن الله يتكلم في الصمت، وأن الإصغاء لصوته يتطلب قلبًا نقيًّا وهدوءًا داخليًّا.

وأوضح البابا تواضروس الثاني أن "القلب النقي هو أذن الله"، مشيرًا إلى أن الرب اختار قلب الطفل صموئيل، لا عقل الشيخ عالي الكاهن، لأن "قامة السماء هي قامة الطفولة"، كما قال القديس يوحنا ذهبي الفم: "القلب النقي يصير مرآة يرى فيها الإنسان وجه الله".

وأضاف البابا تواضروس الثاني أن الله ينادي الإنسان بصبرٍ ومحبة، ولا ييأس من تكرار النداء، مستشهدًا بالقول الإلهي: "هأنذا واقف على الباب وأقرع". ودعا المؤمنين أن يكرروا دائمًا في حياتهم اليومية الآية: "تكلّم لأن عبدك سامع" (١ صم ٣:١٠)، لتصير هذه الصلاة طريقًا لفتح القلب أمام كلمة الله.

وأشار البابا تواضروس الثاني إلى أن التمييز الروحي لا يكتمل دون المشورة، مثلما احتاج صموئيل إلى إرشاد عالي الكاهن، مؤكّدًا أن من بركات الكنيسة القبطية وجود أب اعتراف لكل إنسان، يسمع منه صوت الله من خلال المشورة. كما شدّد على أن الطاعة هي المفتاح الحقيقي للسماع، قائلًا: "من يسمع ولا يطيع كمن يسمع لحنًا جميلًا ولا يتحرك قلبه".

واختتم البابا تواضروس كلمته موضحًا أن من يسمع صوت الله يتحول إلى رسالة للعالم، ناقلًا سلام السماء إلى الأرض، كما قال النبي إشعياء: "هأنذا أرسلني". ودعا المؤمنين إلى ممارسة الصلاة في سكون، ليكتشفوا أن الله لا يتحدث في العاصفة ولا في النار، بل في الصوت المنخفض الخفيف الذي يملأ القلب بالسلام.

وبهذه الكلمات الهادئة والعميقة، رسم البابا لوحة روحية عن "رحلة السكون"، مؤكّدًا أن الصمت ليس غيابًا للكلام، بل حضورًا لله في القلب، وأن "من يصمت في الصلاة يسمع موسيقى السماء في داخله".