خبير: الغفلة عن الطفل المميز تحوله إلى صفحة بيضاء مشوهة
شدد الدكتور شريف العماري، الخبير والباحث في شؤون العلاقات الأسرية، على أن الطفل المميز الذي يلاحظ ويقلد ويتحدث بوعي مبكر يحتاج إلى رعاية تربوية خاصة تقوم على الإنصات والمتابعة الدقيقة، محذرًا من أن الإهمال في هذه المرحلة يحوّله إلى "صفحة بيضاء مشوهة" يصعب تصحيحها لاحقًا.
التربية بالإنصات.. لا بالأوامر
وقال العماري، إن التربية التربوية ليست نمطًا ثابتًا، بل تتطلب وعيًا متجددًا من الوالدين، لأن الطفل يراقب تصرفاتهما باستمرار، سواء كانت صحيحة أم خاطئة.
وأكد خلال تصريحات ببرنامج "البيت وناسه" على قناة "العاصمة" أن متابعة الطفل المميز عبادة وسلوك ديني، وليست مجرد دراسة نفسية، موضحًا أن دور الوالدين يجب أن يقوم على توضيح الصواب وتبرير الخطأ:"إذا فعل الأب سلوكًا جيدًا، فعليه أن يوضح للطفل لماذا هو صحيح، وإذا أخطأ فعليه أن يفسر خطأه وكيف سيصلحه".
وحذر من الغفلة عن المتابعة، لأنها تخلق تراكمات في وعي الطفل، حيث "أخطاء ما تبررت وحاجات صح ما توضحتش"، فينشأ على مفاهيم غير منضبطة.
يوسف عليه السلام.. نموذج للتربية بالاستماع
واستشهد العماري بقصة سيدنا يوسف عليه السلام، التي بدأت بحوار تربوي بين طفل وأب، معتبرًا أن استماع سيدنا يعقوب لابنه كاملًا دون انشغال يمثل أرقى صور التربية:"قصة يوسف مثال عظيم على أن الإصغاء للطفل يساعد على اكتشاف ميوله وتوجيهه نحو الخير".
الرؤى بين الحقيقة والوهم: لا تُقص إلا على عالم أو مُحب
وتطرق العماري إلى قضية الرؤى والأحلام التي تشغل كثيرين، موضحًا أن النبي ﷺ قسمها إلى ثلاثة أنواع حديث نفس ناتج عن انشغال الذهن، رؤيا صالحة وهي بشرى من الله، نزغ من الشيطان يجعل الإنسان يرى ما يكره.
وأكد أن الإفراط في سرد الأحلام قد يؤدي إلى نتائج مؤذية، مستشهدًا بالحديث النبوي: "إذا أولت وقعت"، متابعًا:"لا تَقُص الرؤيا إلا على عالم أو على من يحبك"، نصيحة وجهها العماري للمشاهدين، محذرًا من تحويل الرؤى إلى أكاذيب قد تضر صاحبها.
المساواة بين الأبناء.. أقدس من المساواة بين الزوجات
وأكد العماري أن التمييز بين الأبناء أخطر من أي خلل اجتماعي آخر، مستدلًا بحديث النبي ﷺ حين قال لأحد الصحابة الذي ميّز بين أبنائه: "ألا سويت بينهما؟".
وأشار إلى أن عدم المساواة يترك جروحًا نفسية قد تمتد لسنوات، مستشهدًا بحادثة واقعية انتهت بجريمة قتل بسبب تفرقة أب بين ابنته وابنه في أبسط الأمور، متابعًا:"أولادنا مسؤولية في سن الغلمان.. فالمساواة بين الأبناء أولى من المساواة بين الزوجات، لأن علاقة الأبناء لا تنقضي."
تربية على الحب لا على المقارنة
واختتم العماري حديثه بالتأكيد على أن الحب والترابط الأسري هما أساس التربية الصحيحة، داعيًا الآباء إلى تخصيص وقت للإنصات، بعيدًا عن انشغال الهاتف أو العمل، لأن الانتباه للطفل المميز ليس رفاهية.. بل أمانة تربوية ومسؤولية أمام الله.