كلاب الشوارع.. واقعة بورسعيد تعيد الأزمة إلى الواجهة.. كلب لكل 3 أشخاص.. و"المحليات": ليس في الإمكان أفضل مما كان
بدأت أزمة كلاب الشوارع تتفاقم خلال السنوات الماضية، فمع تزايد أعدادها تعالت صرخات المواطنين بتحرير الشوارع منها، خاصة مع انتشار حالات العقر، لتخرج جمعيات الرفق بالحيوان تدافع عن تواجد الكلاب الضالة بالشوارع، محذّرة من القضاء عليها حفاظًا على التوازن البيئي، لتقف الحكومة مكتوفة الأيدي بين صرخات المواطنين وتحذيرات جمعيات الرفق بالحيوان.
وجاءت واقعة مقتل مسن بورسعيد بسبب كلاب الشوارع لتعيد القضية إلى الواجهة من جديد.
لا توجد إحصائية دقيقة لكلاب الشوارع، ولكن تصل أعدادهم تقديريًا إلى الملايين، حيث تُقدّر بين 30 -40 مليون كلب، قد يزيد أو ينقص العدد مع احتمالية ارتفاع الأرقام نظرًا لتزاوج الكلاب مرتين في العام وإنجاب الأنثى من 8 إلى 10 كلاب في المرة الواحدة، بما يعادل كلبا لكل 3 أشخاص تقريبا.
محاربة الكلاب الضالة كان يتم التعامل معها قديمًا من قبل وزارة الداخلية، حيث كانت تُضرب بالخرطوش، لتتولى بعد ذلك المحليات المهمة، فكانت تُشن حملات مكبّرة تضم مسؤولي الأحياء والأطباء البيطريين لتسميم الكلاب، حيث كان يتم وضع سم "الاستركنين" بقطع الكبدة وإلقاؤها للكلاب، ولكن كانت هذه الطريقة مكلفة ومرهقة لموازنة الدولة بسبب تكلفة شراء السم وعدم توافره أحيانًا، كما أن جمعيات الرفق بالحيوان كانت تعتبر هذه الطريقة غير رحيمة، لأن السم محرم دوليًا، حتى أوصت هيئة مفوضي الدولة الهيئة العامة للخدمات البيطرية بإيقاف استخدام السم في قتل الكلاب في نهاية عام 2021، ليبدأ فصل جديد للتعامل مع كلاب الشوارع.
مع صدور قانون تنظيم حيازة الحيوانات الخطرة والكلاب رقم 29 لسنة 2023، أصبح التعقيم هو الحل الوحيد لمحاربة الكلاب الضالة لمنع تزايد أعدادها بما يخلّ بالتوازن البيئي، مع القتل الرحيم للكلاب المصابة بالسعار، فما هو دور المحليات في مواجهة كلاب الشوارع، خاصة أنها المتلقي الأول دائمًا لشكاوى المواطنين؟
الدكتور مصطفى رمضان، مدير مديرية الطب البيطري بمحافظة القاهرة، أكد لفيتو أن خطة محاربة كلاب الشوارع تتمثل الآن في التعقيم والتحصين، حيث يتم تحصين الكلاب من مرض السعار من قبل أطباء المديرية، أما تعقيم الكلاب فيتم عبر منظمات المجتمع المدني نظرًا لتكلفته وعدم وجود كوادر بشرية كافية لذلك، مشيرًا إلى أن الكلاب تتزاوج مرتين في العام وتنجب بأعداد كبيرة، لذلك يتم تعقيمها من أجل منع تزايد أعدادها.
ولفت إلى أن القضاء عليها نهائيًا كما يطالب البعض لن يحل الأزمة، لأن ذلك سيؤدي إلى انتشار القوارض والعقارب والثعابين بالمناطق السكنية، لأنها بالفعل متواجدة تحت الأرض، كما أن زيادة الأعداد أكثر من اللازم ستؤدي إلى ضرر، لذلك لا بد من الحفاظ على تواجدها بما يحافظ على التوازن البيئي وعدم إلحاق الضرر بالإنسان.
وأوضح مدير مديرية الطب البيطري بالقاهرة أن منظمات المجتمع المدني تقوم برفع الكلاب من الشوارع وتحصينها وتعقيمها مع إعادتها لأماكنها مرة أخرى، ويتم ترقيم هذه الكلاب ويُعرف بعلامة خضراء تُعلّق بالكلب، أما المديرية فهي تشترك مع موظفي المحليات ومسؤولي البيئة في تحصين الكلاب بالشوارع، على سبيل المثال النزول إلى الشارع وتحصين كافة الكلاب المتواجدة به ضد السعار.
وأوضح أنه في حال وجود شكاوى من انتشار الكلاب في منطقة ما، يتم النزول والبحث عن مصادر القمامة ومخاطبة الحي برفع القمامة وشن حملات نظافة، حيث تنتشر الكلاب عند صناديق القمامة بحثًا عن الطعام، كما يتم تحصين الكلاب بالمنطقة.
أما في حال وجود كلب شرس في سلوكه أو يُحتمل إصابته بالسعار، يتم التعاون مع منظمات المجتمع المدني لاصطياده عن طريق "كاتشر" من خلال تخديره ونقله إلى "شارتر" لمراقبته، على أن يتم التخلص الرحيم منه حال التأكد من إصابته بالسعار أو من سلوكه الشرس الذي قد يُلحق الضرر بالإنسان.
ولفت إلى أن الكلاب المتواجدة بالشوارع الآن هي كلاب هجينة بين الكلاب البلدي القديمة التي كانت تسكن القرى والمدن ويستأنس بها الإنسان، والكلاب القادمة من المناطق الجبلية التي زحف إليها العمران، وهو ما أدى بدوره إلى تغيير في سلوك الكلاب، لذلك يُنصح الأطفال بعدم اللعب معها بعنف أو الاقتراب من صغار الكلاب تجنّبًا لهجوم الكلاب الأنثى عليهم خوفًا على صغارها.
وأشار إلى أن وضع الطعام للكلاب زاد من شراستها، حيث كان الكلب قديمًا يبحث عن طعامه، أما الآن فمع وضع الطعام له، يستقر الكلب بالشارع، وعند عدم وضع الطعام له يُظهر سلوكًا عدائيًا ضد المارة، لذلك يجب على محبي الكلاب وضع الطعام بعيدًا عن المناطق غير المأهولة بالسكان وبعيدة عن طرق المارة.
وقال مدير المديرية إننا نمر بمرحلة انتقالية مع تطبيق القانون 29 لسنة 2023 ومع صدور لائحته التنفيذية، حيث سيتم تشكيل لجان فنية تنبثق منها لجان على مستوى كل إدارة بيطرية لحل المشكلة، على أن يكون المجتمع المدني شريكًا أساسيًا في حلها لأنه من يقوم بعملية التعقيم.
وأوضح أن وجود الكلاب في الشوارع يحافظ على التوازن البيئي، فضلًا عن أنها نوع من الحراسة الشعبية للشوارع، مطالبًا بإطعامها بعيدًا عن المناطق السكنية وعدم الاقتراب منها بشكل يثير الخوف لديها حتى لا يصدر منها رد فعل هجومي عدائي، مؤكدًا أن الهدف الآن هو التحكم في زيادة أعدادها، ويتم ذلك بالفعل بالتعاون مع المجتمع المدني والتخلص من الكلاب الشرسة أو المصابة بالسعار حفاظًا على أرواح المواطنين.