كيف ينظم قانون العمل التدرج المهني؟
أعاد قانون العمل الجديد صياغة العلاقة بين صاحب العمل والمتدرج، في محاولة لتحقيق توازن دقيق بين حق المؤسسة في تأهيل عمالة ماهرة، وحق المتدرب في بيئة تعلم عادلة تحميه من الاستغلال أو الإقصاء المبكر.
سن المتدرج وشروط الاتفاق في العمل
القانون وضع حدًا أدنى لعمر المتدرج لا يقل عن أربعة عشر عامًا، باعتباره العمر الذي يبدأ فيه الفرد اكتساب المهارات الأولية للمهنة. ويصدر الوزير المختص قرارًا ينظم تفاصيل عملية التدرج المهني داخل المنشآت، بما يضمن وضوح القواعد وعدم ترك الأمر للاجتهاد الفردي.
ويشترط أن يكون اتفاق التدرج مكتوبًا، محددًا فيه:
مدة تعلم المهنة أو الحرفة.
المراحل المتتابعة للتدريب.
المكافآت المالية بصورة تصاعدية مع تقدم المتدرج في المستويات، على أن لا تقل المرحلة الأخيرة عن الحد الأدنى للأجر المقرر لفئة العمال في ذات المهنة.
ضوابط إنهاء التدرج
منح القانون صاحب العمل حق إنهاء اتفاق التدرج إذا ثبت عدم صلاحية المتدرج أو عدم استعداده لتعلم المهنة بصورة جادة. وفي المقابل، منح المتدرج ذاته الحق في إنهاء الاتفاق إذا تعذر عليه الاستمرار.
لكن القانون ألزم الطرف الراغب في الإنهاء بإخطار الطرف الآخر قبل ثلاثـة أيام على الأقل، كإجراء يحقق قدرًا من التوازن ويمنع التعسف.
امتيازات المتدرج
رغم الطابع التعليمي للعلاقة، فإن القانون لم يغفل حقوق المتدرج. إذ نص على سريان نفس الأحكام المطبقة على العمال النظاميين فيما يخص:
الإجازات السنوية
ساعات العمل.
فترات الراحة.
وهو ما يضع المتدرج في دائرة حماية قانونية تحميه من الضغط المفرط، وتؤكد أن التدرج ليس بابًا مقنعًا للعمل الرخيص، وإنما خطوة منظمة لإعداد جيل جديد من الكفاءات.
إعادة تنظيم التدرج المهني في القانون الجديد ليست مجرد تفاصيل إجرائية، بل هي رسالة مزدوجة:
للمؤسسات، بأن استثمارها في المتدربين يجب أن يكون جادًا وملتزمًا بالقانون. وللشباب، بأن الدخول إلى سوق العمل بات يتم عبر مسار واضح يوفر ضمانات قانونية، ويعترف بجهد المتدرج ويكافئه تدريجيًا حتى يصل لمستوى الأجر العادل، وبهذا الشكل، يتحول التدرج من مجرد فترة اختبار هشّة، إلى جسر حقيقي بين التعليم والعمل، مدعومًا بقواعد قانونية تضمن استمرار العلاقة أو إنهاءها بشفافية.