فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

من قصص القرآن الكريم، حقيقة القرية التي نزلت فيها سورة "يس"

حقيقة القرية التي
حقيقة القرية التي نزلت فيها سورة "يس"، فيتو

نستعرض في السطور التالية مشاهد من القصص التي وردت في كتاب الله العزيز، القرآن الكريم، علنَّا نستخلص منها العبر والدروس التي تفيدنا في الدنيا، بتغيير سلوكياتنا إلى الأفضل، فنستزيد من الأفعال الطيبة، والتصرفات الراقية، ونتعامل بالحسنى مع الآخرين، فنفوز ونسعد في الآخرة.

 

 

حقيقة القوم الذين نزلت فيهم سورة "يس"

أصحاب "يس" هم أصحاب القرية، الذين قال الله تعالى عنهم: "وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلًا أَصۡحَٰبَ ٱلۡقَرۡيَةِ إِذۡ جَآءَهَا ٱلۡمُرۡسَلُونَ (13) إِذۡ أَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡهِمُ ٱثۡنَيۡنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزۡنَا بِثَالِثٖ فَقَالُوٓاْ إِنَّآ إِلَيۡكُم مُّرۡسَلُونَ (14) قَالُواْ مَآ أَنتُمۡ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا وَمَآ أَنزَلَ ٱلرَّحۡمَٰنُ مِن شَيۡءٍ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا تَكۡذِبُونَ (15) قَالُواْ رَبُّنَا يَعۡلَمُ إِنَّآ إِلَيۡكُمۡ لَمُرۡسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيۡنَآ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ (17) قَالُوٓاْ إِنَّا تَطَيَّرۡنَا بِكُمۡۖ لَئِن لَّمۡ تَنتَهُواْ لَنَرۡجُمَنَّكُمۡ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٞ (18) قَالُواْ طَٰٓئِرُكُم مَّعَكُمۡ أَئِن ذُكِّرۡتُمۚ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمٞ مُّسۡرِفُونَ (19) وَجَآءَ مِنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِينَةِ رَجُلٞ يَسۡعَىٰ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلۡمُرۡسَلِينَ (20) ٱتَّبِعُواْ مَن لَّا يَسۡـَٔلُكُمۡ أَجۡرٗا وَهُم مُّهۡتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ (22) ءَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةً إِن يُرِدۡنِ ٱلرَّحۡمَٰنُ بِضُرّٖ لَّا تُغۡنِ عَنِّي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيۡـٔٗا وَلَا يُنقِذُونِ (23) إِنِّيٓ إِذٗا لَّفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ (24) إِنِّيٓ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمۡ فَٱسۡمَعُونِ (25) قِيلَ ٱدۡخُلِ ٱلۡجَنَّةَۖ قَالَ يَٰلَيۡتَ قَوۡمِي يَعۡلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ (27) ۞وَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ مِنۢ بَعۡدِهِۦ مِن جُندٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ (28) إِن كَانَتۡ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ فَإِذَا هُمۡ خَٰمِدُونَ (29)". (يس: 13 – 29).
ورد في أقوال كثير من المفسرين، والمؤرخين أن هذه القرية هي "أنطاكية".
وقيل: كان لها ملك اسمه "أنطيخس بن أنطيخس"، وكان يعبد الأصنام، فبعث الله إليه ثلاثة من الرسل، وهم: صادق، ومصدوق، وشلوم، فكذبهم.

رسلٌ من الله عز وجل

ويتضح من هذا أنهم رسلٌ من الله، عز وجل.
وذكر أحد المفسرين وهو "قتادة" وآخرون، أنهم كانوا رسلا من المسيح، وأن اسم المرسلين الأولين: شمعون ويوحنا، والثالث ثاسمه بولس، والقرية أنطاكية.
وهذا قول ضعيف؛ لأن ظاهر سياق القرآن يعني أن هؤلاء الرسل هم من عند الله، ولأن أهل أنطاكية لما بعث إليهم المسيح ثلاثة من الحواريين كانوا أول مدينة آمنت بالمسيح، عليه السلام، في ذلك الوقت.
ولذا كانت إحدى المدن الأربع التي تكون بها بطاركة النصارى، وهن: أنطاكية، والقدس، وإسكندرية، ورومية، ثم بعدها القسطنطينية، ولم يهلكوا.

أهل القرية المذكورة في القرآن

وأهل هذه القرية المذكورة في القرآن أُهلكوا، كما قال في آخر قصتها بعد قتلهم المرسلين: "إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون"، ولكن إن كانت الرسل الثلاثة المذكورين في القرآن، بعثوا إلى أهل أنطاكية قديما فكذبوهم وأهلكهم الله، ثم عمرت بعد ذلك، فلما كان في زمن المسيح آمنوا برسله إليهم، فلا يمنع هذا.
روى الثوري: كان اسم الرجل الذي نصح القوم بأن يؤمنوا بالرسل "حبيب بن مري"، ثم قيل إنه كان نجارا، وقيل حياكا (ترزيا)، وقيل إسكافا.
وعن ابن عباس: كان حبيب النجار قد أصيب بالجذام، وكان كثير الصدقة، فقتله قومه، ولهذا قال تعالى: "قيل ادخل الجنة"، يعني لما قتله قومه أدخله الله الجنة، فلما رأى فيها من النضرة والسرور: "قال يا ليت قومي يعلمون، بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين"، يعني: ليؤمنوا بما آمنتُ به فيحصل لهم ما حصل لي.

الرجل الصالح نصح قومه مرتين

قال ابن عباس: نصح قومه في حياته بقوله: "يا قوم اتبعوا المرسلين"، وبعد مماته في قوله: "يا ليت قومي يعلمون، بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين"، تنمنى أن يعلم قومه بما رأى من كرامة الله، وما هو عليه.


قال المفسرون: بعث الله إليهم جبريل، عليه السلام، فأخذ بضلفتي باب مدينتهم، ثم صاح بهم صيحة واحدة فإذا هم خامدون، أي خمدت أصواتهم، وسكنت حركاتهم، ولم يبق منهم عينٌ تطرف.
وهذا كله مما يدل على أن هذه القرية ليست أنطاكية؛ لأن هؤلاء أهلكوا بتكذيبهم رسل الله إليهم.