الاستثمار في مصر.. البيروقراطية، تقلبات السوق، أبرز التحديات.. والحل في التحول الرقمى والشمول المالى والعمالة الفنية المدربة.. وهذه القطاعات يمكنها جذب رؤوس الأموال وتعزيز القيمة المضافة للاقتصاد
الاستثمار، يلعب ملف الاستثمار دورًا محوريًا في دفع عجلة التنمية الاقتصادية في مصر، حيث يعد من العوامل الأساسية التي تساهم في تعزيز النمو المستدام وخلق فرص العمل، وفي ظل التحديات الاقتصادية العالمية.
وتركز الدولة المصرية جهودها بشكل متواصل على تحسين مناخ الاستثمار من خلال تطوير التشريعات وتسهيل الإجراءات، إلى جانب تعزيز دور الهيئات الاقتصادية المختلفة، هذه الهيئات تُشكل العمود الفقري لدعم المستثمرين وضمان توفير بيئة عمل محفزة وشفافة.
اقرأ التالى: البورصة المصرية على صفيح ساخن، المؤشرات تعيد رسم خريطة الاستثمار
البيروقراطية وتقلبات السوق
حيث يواجه الاستثمار في مصر بعض التحديات مثل البيروقراطية، تقلبات السوق، وبعض القيود التشريعية.
وللتغلب على هذه العقبات، تواصل الدولة العمل على تحديث القوانين وتحسين بيئة الأعمال، بالإضافة إلى تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد، كما تُشجع الهيئات الاقتصادية الابتكار وتقديم حلول رقمية لتسهيل المعاملات الاستثمارية، والتعاون بين القطاعين العام والخاص يظل محورًا أساسيًا للتغلب على التحديات وتعزيز بيئة الاستثمار بما يضمن استدامتها وجذب المزيد من رؤوس الأموال.

كيف يتم تقييم مناخ الاستثمار في مصر حاليا ؟
ومن جانبه، قال الدكتور محمد انيس الخبير الاقتصادى لــ"فيتو": لقد استمرينا فى حدود 10 سنوات كانت الاستثمارات العامة هى المسيطرة، حيث إن تلك الاستثمارات العامة هى الصانعة والعاملة على زيادة الناتج المحلى القومى وهى متركزة على الإنشاءات والتنمية العقارية والبنية التحتية، وبالتالى حدث تضخم فى نسبة الاستثمارات العامة على حساب الاستثمارات الخاصة تصل الى 70 %، ايضا هناك تمركز فى قطاعات مثل قطاع العقارات وقطاع الانشاءات والتنمية. ومن المفترض ان تلك المرحلة انتهت منذ 10 سنوات.
ومنذ مارس 2024 حدث تغير فى شكل الإنفاق، فنجد ان نسبة الاستثمارات الجديدة الخاصة وصلت الى 70 % فى الــ 15 شهرا الماضية، بالاضافة الى التنوع فى القطاعات على عكس الــ 10 سنوات الماضية، كما بدأت قطاعات أخرى فى ارتفاع نسبة مساهمتها فى الناتج القومى مثل قطاع الصناعات التحويلية بتفريعاتها الكبيرة.
الاستثمار الأجنبي المباشر المستهدف التصدير
وبالحديث عن كيف يجب ان تكون الخريطة الاستثمارية الفترة المقبلة يجب وضع استراتيجيه اقتصادية مصرية مبنية على خمس كلمات سحرية أساسية: (الاستثمار الأجنبي المباشر المستهدف التصدير).

ما هي أبرز التحديات التي تواجه المستثمرين المحليين والأجانب؟
وتابع انيس قائلا: هناك مايسمى المؤشرات القطاعية الموثوق بها عالميا وهي أدوات تحليلية تستخدم لتقييم أداء القطاعات الاقتصادية المختلفة داخل الدول، وتُعد مرجعًا مهمًا للمستثمرين وصناع القرار ومنها على سبيل المثال منتدى دافوس الذى يعتبر اهم المؤشرات القطاعية وتشكل العديد من التحليلات المدفوعه الدقيقة، فنرى ان مصر منذ 10 سنوات فى بند يسمى جودة الطرق كان ترتيب مصر يتخطى التسعين على مستوى العالم والان مصر تسجل المستوى 18 عالميا.
وتساءل أنيس: هل المستثمر سيأتى فقط لسهولة الطرق والمواصلات؟ الإجابة لا، فالمستثمر يريد العديد من العوامل ومدخلات الانتاج.. إلخ، وبمعنى أدق فالتحديات الاساسية المرتبطة بالمستثمر تتلخص فى 3 أمور؛ أولها البيروقراطية وللقضاء عليها يجب تطبيق تحول رقمى وشمول مالى تام ومنها ستحدث قفزة فى ترتيب كفاءة البيروقراطية المصرية مثل ما حدث فى جودة الطرق.
كما أن التحدي الثانى يتمثل فى توفير الأراضى الصناعية المرخصة وهناك تحفظ حالى على توفير الاراضى الصناعية الحالية، وأرى انه من الانصاف وجود جهة واحدة تمتلك من الكفاءة ورأس المال ما يؤهلها لتوفير ما يحتاجه المستثمر ليبدأ العمل فورا، أيا كان حجم نشاطه بشرط ان تكون تلك الأراضى ليست للبيع والمستثمر الناجح الأجنبي لا يفكر فى الاستثمار فى الارض ولكن فى نجاح العمل والاستثمار.
أما التحدى الثالث فيتمثل فى العمالة الفنية المدربة، فمصر تمتلك أعدادا كافية وتكلفتها أقل ولكن ليست مؤهلة بالشكل الكامل، فالمستثمر يحتاج الى عمالة مدربة ذات كفاءة وذلك لن يتم إلا بالتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص.

الاستثمار عمود الاقتصاد المصري في المرحلة الراهنة
يمثل الاستثمار المحلي والأجنبي أحد أعمدة الاقتصاد المصري في المرحلة الراهنة، حيث تسعى الدولة جاهدة لتوفير بيئة جاذبة ومستقرة تواكب التغيرات العالمية والتنافس الإقليمي.
ورغم الإنجازات المحققة في تحسين البنية التحتية وتبسيط الإجراءات، لا تزال هناك تحديات حقيقية تعرقل انطلاقة الاستثمار بكامل طاقته، فالبيروقراطية، ونقص الأراضي الصناعية المهيئة، وضعف الكوادر الفنية المؤهلة تمثل ثلاثية تحتاج إلى تدخل عاجل، وهي قضايا مرتبطة بكفاءة الإدارة والتكامل بين القطاعين العام والخاص.
التحول الرقمي ضرورة لا رفاهية لتجاوز العقبات التقليدية
كما أن التحول الرقمي والشمول المالي صارا ضرورة لا رفاهية لتجاوز العقبات التقليدية وتحقيق طفرة فعلية في ترتيب مصر على مؤشرات الكفاءة الدولية، في المقابل، تبرز فرص استثمارية واعدة في قطاعات تمتلك فيها مصر ميزة نسبية واضحة مثل الطاقة المتجددة والمنسوجات والصناعات التحويلية، وهي قطاعات يمكنها جذب رؤوس الأموال وتعزيز القيمة المضافة للاقتصاد الوطني، ومع استمرار الإصلاحات التشريعية، وتطوير الخريطة الاستثمارية بما يتماشى مع الأولويات الإنتاجية والتصديرية، تبدو مصر مؤهلة أكثر من أي وقت مضى للتحول إلى مركز إقليمي لجذب الاستثمارات وتحقيق التنمية المستدامة.
دور الاستثمار والهيئات الاقتصادية في مصر
ويواجه الاستثمار في مصر بعض التحديات مثل البيروقراطية، تقلبات السوق، وبعض القيود التشريعية،و للتغلب على هذه العقبات، تواصل الدولة العمل على تحديث القوانين وتحسين بيئة الأعمال، بالإضافة إلى تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد، كما تُشجع الهيئات الاقتصادية الابتكار وتقديم حلول رقمية لتسهيل المعاملات الاستثمارية،التعاون بين القطاعين العام والخاص يظل محورًا أساسيًا للتغلب على التحديات وتعزيز بيئة الاستثمار بما يضمن استدامتها وجذب المزيد من رؤوس الأموال.
اقرا التالى: الذهب فى مفترق طرق، الأونصة تلامس 3366 عالميًّا

ما الدور الذي تلعبه الهيئة العامة للاستثمار في دعم المستثمرين ؟
كمنا اكد الدكتور محمد انيس الخبير الاقتصادى : بكل بساطه انا محتاج مستثمر اجنبي وعشان اعرف اجيبة لازم افكر زيه، فالمستثمر ينظر على المؤشرات القطاعيه التى تحدثنا عنها وايضا كفاءة البيروقراطيه الحكوميه، وترتيبها على مستوى العالم ومقارنتها بالدول الاخرى، وتلك التشابكات يجب ان يتم فكها من خلال التحول الرقمى والشمول والمالى.
هل تعتقد أن التعديلات الأخيرة على قانون الاستثمار كافية لجذب رؤوس الأموال ؟
وتابع انيس قائلا: التعديلات الأخيرة جيدة ولكنها غير كافية وهى خطوة الى الامام ويجب ان تستكمل بما تحدثنا عنه سابقا فالمشكلة ليست فى نصوص قوانين ولكن فى كفاءة التطبيق وكفاءة البيروقراطية
ما مدى تأثير الخريطة الاستثمارية الجديدة على قرارات المستثمرين؟
ونوة الدكتور محمد انيس الى ان المستثمر لا ينتظر خريطه استثمارية لبدء الاستثمار فى مصر ولكن المستثمر الجاد هو من يرى الفرصة ويمتلك خريطه استمارية فى تلك الفرصة، وبالتالى المستثمر متقبل ان لا احد سيساعده فى الاستثمار والعمل على تلك الفرصة ولكنه يريد الا يعيقة أحد بسبب البيروقراطية الحكومية وضعف العمالة الغير مدربة وعدم توافر الاراضى الصناعية.
ما هي القطاعات الأكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي حاليًا؟ ولماذا؟
واشار انيس الى ان القطاعات التى نمتلك بها ميزة نسبية من واقع محلى مثل قطاع الطاقة المتجددة حيث نمتلك قدرات من الشمس والرياح تتخطى الــ 90 جيجا وات وهو ضعف قدرتنا من الانتاج الان وهى طاقة متجددة ورخيصة نسبيا مقارنه بدول اخرى واذا استطعنا جذب استثمارات من دول اخرى، فى قطاع الطاقة المتجددة سنتمكن من تصديرها فأوروبا تحتاج الى تلك الطاقة ويمكن تطبيق ذلك من خلال طرق ربط بين مصر واليونان، بالاضافة الى ان الطاقة المتجدده ستجذب القطاعات الصناعية القائمه على الطاقة المتجددة كما ان توفير الطاقة المتجددة سيتوقف عليه فيما بعد تحويل صناعات تحويلية الى صناعات مراعية للبيئة تمكنك من تصدير منتجاتك الى اوروبا واميركا والعديد من الدول.
أما القطاع الثانى والذى نمتلك فيه ميزة نسبية دولية اكبر هو قطاع المنسوجات الذى نمتلك فيه خبرات متراكمة، فنحن نصدر بـ 4 مليار دولار فقط مقارنه ببنجلاديش التى تصدر بحوالى 40 مليار دولار وذلك لعدة اسباب منها الحرب التجارية بين امريكا والصين وبسبب الجمارك الامريكية.
واذا عاد انتاج الغاز الطبيعى الى معدلاته الطبيعيه فى 2021 / 2022 سنعاود قدرتنا على اجتذاب الاستثمارات فى قطاعى الاسمدة والبتروكيماويات بشرط تامين امدادات الطاقة فالغاز الطبيعى هو روح تلك القطاعات وبالتالى سنستطيع جذب استثمارات جديدة.

الاستثمار المحلي والأجنبي ركيزة أساسية لدفع عجلة الاقتصاد المصري
جدير بالذكر يمثل الاستثمار المحلي والأجنبي ركيزة أساسية لدفع عجلة الاقتصاد المصري في هذه المرحلة الدقيقة، إذ تبذل الدولة جهودًا متواصلة لتوفير بيئة استثمارية جاذبة ومستقرة تواكب التحولات العالمية وتنافس بقوة على الساحة الإقليمية. ورغم ما تحقق من إنجازات ملموسة على صعيد تطوير البنية التحتية وتيسير الإجراءات، فإن الطريق ما زال محفوفًا بتحديات حقيقية تعيق انطلاقة الاستثمار بكامل زخمه.
وتظل البيروقراطية، ونقص الأراضى الصناعية المؤهلة، وضعف الكفاءات الفنية المدربة ثلاثية تؤرق بيئة الأعمال، وتستلزم تحركًا حاسمًا لتحسين كفاءة الإدارة وتعزيز التنسيق بين القطاعين العام والخاص في المقابل، يفرض التحول الرقمي والشمول المالي نفسه كضرورة ملحّة لتجاوز العقبات التقليدية ودفع الاقتصاد نحو آفاق أكثر كفاءة وتنافسية.
وفي ظل هذه التحديات، تبرز فرص واعدة في قطاعات تمتلك فيها مصر مزايا نسبية قوية، مثل الطاقة الجديدة والمتجددة، والصناعات التحويلية، والمنسوجات، وهي مجالات قادرة على استقطاب استثمارات نوعية وتعزيز القيمة المضافة للصادرات الوطنية. ومع استمرار الإصلاحات التشريعية وتحديث الخريطة الاستثمارية بما يتسق مع أولويات الإنتاج والتصدير، تبدو مصر مؤهلة بقوة لتصبح مركزًا إقليميًا جاذبًا للاستثمار وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.