فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

ميلر.. مجرم يهرب من جريمته

 ماثيو ميلر المتحدث باسم وزارة الخارجية في إدارة بايدن وجه جامد، عابس، غليظ الملامح رغم نحافته، لا يبدو عليه أي تأثر وهو يتحدث عن الإبادة الصهيونية ضد شعب أعزل في غزة طوال فترة وجوده في منصبه، وقد أشتهر في منطقتنا بإطلالته المستفزة طوال فترة الاعتداء.


خرج ماثيو ميلر عن صمته بعد أن أصبح خارج نطاق الأداء الرسمي؛ ليقول بأن الكيان الصهيوني ارتكب مجازر ومذابح ضد الأبرياء، وأن إدارة بايدن كانت تعلم أن جيش الاحتلال يرتكب جريمة إبادة جماعية، وأن هناك من طالب بمنع تدفق السلاح الأمريكي إلى هذا الجيش المعتدي.


وتساءل هل كان من الممكن أن نفعل شيء آخر يؤدى إلى وقف المجازر؟ وأجاب: نعم كان من الممكن، وحكاية ماثيو ميلر مع الكيان الصهيوني تتشابه إلى حد كبير من حكايات رؤساء ووزراء سابقون في إدارات أمريكية مختلفة اعترفوا بعد تركهم مناصبهم أنهم شاركوا دون رغبة منهم في ظلم وقتال غير مبرر ترتكبه قوات جيش الاحتلال.


كثير من المسئولين السابقين في الإدارات الأمريكية قالوا كلاما مهما حول عدم قدرة أي شخص في الحكومات الأمريكية المتعاقبة على إعلان مواقف ضد الكيان المحتل، لأن هناك قوى تدير المشهد وتدير السياسية الأمريكية والخروج عنها يمثل خطرا كبيرا على من يتمردون لصالح الإنسانية أو لصالح الحق.


رؤساء ووزراء ومفكرون وساسة ومحللون أمريكيون سابقون قالوا كلمتهم وهم على مشارف وداع الحياة الدنيا، وبعضهم قالها بعد خروجه من المنصب، وكثير منهم دوّن ذلك في مذكرات تداولتها الصحف العالمية دون أن يغير ذلك من الموقف الأمريكي الراسخ بدعم الكيان الصهيوني الدائم مهما كانت جرائمه.


وماثيو ميلر مثل غيره من الذين قالوا كلمتهم بعد خروجهم من مناصبهم، إنما أراد التوافق مع ذاته الإنسانية ليخرج من عقدة المشاركة بالقتل ضد أطفال فلسطين، ومثل غيره من السابقين الذين اعترفوا بارتكاب جرائم حرب في فيتنام والعراق وأفغانستان والصومال، وماثيو وأمثاله مجرمون يهربون من جرائمهم وهم بفضيلة الاعتراف بعد فوات الأوان.
 

وشيئا فشيئ تفقد أمريكا الوازع الأخلاقي لبقائها القوة المهيمنة على العالم، وتفقد دورها كوسيط قادر على حل النزاعات الدولية، وشيئا فشيئ تفقد أمريكا المسمى الأخلاقي للدول والإمبراطوريات الكبرى في عالم لم يعد القتل فيه سريا، بل أصبح على الهواء مباشرة بعد فقدها الانفراد بالحقيقة التي تريد تصديرها للعام عبر وسائل إعلامها.


اعترافات ماثيو ميلر لم تأتِ بسر لا يعرفه أحد فقد شاهد العالم عبر وسائل الإعلام الاجتماعي كيف تقتل الآلة الصهيونية المدعومة بالسلاح الأمريكي أطفالا رضع وشيوخا ركع ونساء لا ذنب لهم إلا أنهم عاشوا وانتموا إلى أرض محتلة، وشاهد العالم بأسره جرائم لا يمكن إنكارها.

 


فقدت أمريكا قدرتها على التأثير في الرأي العام العالمي، وفقدت وازعها الأخلاقي حول المساواة والحرية والديمقراطية وحق الإنسان في الحياة، بعد أن تصورت خطأً أنها لاتزال تملك أقوى ترسانة إعلامية أدارت بها حروبا سابقة وارتكبت بها جرائم لم نعرفها إلا بعد عقود من انتهائها.