رئيس التحرير
عصام كامل

بيان العزل.. كواليس اجتماع قصر قرطاج لإنقاذ تونس من عصابة الإخوان

اجتماع قيس سعيد مع
اجتماع قيس سعيد مع القيادات الأمنية
تعيش تونس منذ أشهر أزمة سياسية طاحنة، فى ظل صراع المؤسسات الدائر بين حركة النهضة المسيطرة على مجلس النواب "البرلمان"، والرئيس قيس سعيد، الذي سعى راشد الغنوشي زعيم الحركة ورئيس النواب لعزله وتهميشه وجعله دمية فى قصر قرطاج.


وشهدت الأشهر الماضية منذ الانتخابات البرلمانية الأخيرة تصاعد مؤشرات الأزمة بشكل يهدد استقرار الدولة بعد دخولها فى نفق مظلم تبحث عن مخرج منها قبل الانهيار، وتحولت قاعة البرلمان لحلبة صراع سياسي وصل لحد صفع والعراك بالأيدي، وتناسى الجميع أوجاع الشعب فى ظل تراجع الحالة الاقتصادية وتفشي فيروس كورونا الذي فتك بالمواطنين.

وتعالت مؤخرًا الأصوات الرافضة لوجود حركة النهضة على الساحة السياسية بعدما تسبب فى الوضع الكارثي الذي وصلت له الخضراء، من خلال مشروع التمكين الذي تبنته بهدف شل مفاصل الدولة ونزع الصلاحيات من رئيس البلاد.

مع تصاعد مؤشرات الانهيار ودخول البلاد فى حالة صراع مؤسسات بدون حلول واضحة فى الأفق القريب، اختار المواطن التونسي حماية ثورته، وقرر الخلاص من عصابة الإخوان كما وصفها الوزير السابق محمد عبو، وعاد المواطن التونسي للشارع للتعبير عن غضبه من خلال حرق مقرات حزب النهضة والمطالبة بحل برلمان الإخوان، وإقالة حكومة هشام المشميشي التى تحولت لمجرد ذراع سياسي لتحقيق رغبات راشد الغنوشي، من خلال التوقيع على اتفاقات مشبوهة مع دول خارجية.


فى النهاية لم يجد رئيس البلاد قيس سعيد، مخرج للأزمة بهدف إنقاذ شعب قدم له الدولة أمانة من خلال صناديق الاقتراع، سوى الاجتماع العاجل مع القيادات العسكرية والأمنية فى البلاد مساء أمس الأحد الموافق 25 يوليو التاريخ الذي يضاف لتاريخ تونس الحديث ويرقى لوصفه بيوم ثورة جديدة فى تاريخ الدول العربية.

يذكر أن تونس أحيت، أمس الأحد 25 يوليو 2021، الذكرى 64 لعيد الجمهورية، والذي يتزامن هذا العام، مع الذكرى الثانية لوفاة رئيس الجمهورية السابق الباجي قائد السبسي والذكرى الثامنة لاغتيال القيادي السابق بالجبهة الشعبية محمد البراهمي.

بعد اطمئنان الرئيس على ولاء قيادات عسكرية لا تعرف سوى الانتماء لتراب الوطن وحماية شعبه، أعلن بعده عدة قرارات شملت تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب، وإقالة الحكومة وأضاف أنه قرر تولي السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة جديد يعينه بنفسه استنادًا إلى الفصل 80 من الدستور.

الفصل 80 من الدستور التونسي هو الفصل الأكثر تداولًا لا ريب بين التونسيين أو على الأقل المتابعين منهم باهتمام للمشهد السياسي في البلاد خلال الأيام الأخيرة، إذ تتعدد الدعوات لتفعيله أو الاستنجاد به كما يحلو للبعض القول، على اعتبار أنه قد يمثل حلًا، وفقهم، لترتيب المشهد السياسي الراهن، الذي يخيم عليه العنف المتبادل والاحتجاجات والإضرابات  وتعطل مصالح عدة في مؤسسات الدولة.

ينص الفصل 80 من الدستور التونسي على التالي: لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن عن التدابير في بيان إلى الشعب.


وكعادة فروع جماعة الإخوان التى تدير خراب البلاد وخسارة العباد وتعود للتشدق بالديمقراطية، اعتبر رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، أن رئيس الجمهورية قيس سعيد انقلب على الدستور، وأن هذا الانقلاب لن يعيد الحقوق الاجتماعية للشعب التونسي.

وقال: "رئيس الجمهورية استشارني فقط في إجراءات طارئة، وقد اعتاد الاستشارة حول الطوارئ، ولم يعلمنا بقراراته، أما بخصوص رئيس الحكومة هشام المشيشي فقد أكّد الغنوشي أنّه "لا علم لهم بمصيره"، ودعا الشعب إلى ما اسمها "النضال سلميًا" لاستعادة الديمقراطية" حسب تعبيره.

ومع انتشار منشورات تحرض على العنف ضد الدولة، حذر الرئيس التونسي، من أي عمليات حرق أو نهب قد تحدث خلال الساعات المقبلة بالشارع التونسي، حيث نبه لمن يعدون أنفسهم هذه الليلة ويوزعون الأموال للحرق والنهب بأن القانون فوق الجميع وسيطبق عليهم، وأكد أنه على الجيش الرد بوابل من الرصاص على مَن يُطلق رصاصة واحدة.

وتفاعل الشعب التونسي مع قرارات الرئيس التى طال انتظارها، وخرجت جموع المواطنين إلى الشوارع للاحتفال بالإطاحة بجماعة الإخوان، وأظهرت مقاطع فيديو التظاهرات الاحتفالية في شوارع العاصمة تونس.

وتوافد آلاف المواطنين احتفالًا بالقرارات ودعمًا لموقف الرئيس التونسي المنحاز للإرادة الشعبية والرغبة في إنهاء حالة الجمود والاحتقان في المشهد السياسي التونسي.
الجريدة الرسمية