رئيس التحرير
عصام كامل

«أصحي يا نايم وحد الدايم».. بلال أول مسحراتي في التاريخ.. بن إسحاق طاف على الديار في الفسطاط.. والمصريون أول من استخدموا الطبلة

المسحراتي
المسحراتي
"أصحي يا نايم وحد الدايم.. رمضان كريم"، العبارة المميزة التي ينطلق صداها في الشوارع المصرية بحلول شهر رمضان المبارك.. أنه المسحراتي أشهر مهنة في شهر رمضان الكريم، يقرع على الطبلة وينادى على الناس لإيقاظهم للسحور، ودائمًا ما يذكرنا رمضان بالسؤال عن تاريخ مهنة المسحراتى.  


تاريخ المسحراتي
وأرجعت بعض الروايات التاريخية، بداية مهنة المسحراتي إلى بلال بن رباح أول مؤذّن في الإسلام وابن أم مكتوم، منذ أيام الرسول، حيث اعتاد المسلمون أن ينبههم أحد الأشخاص لوقت السحور، وكان بلال بن رباح، يؤذن قبل الفجر بوقت كاف، لينبه الناس لاقتراب الفجر فيكفون عن تناول الطعام، ويستعدون للذهاب للمسجد، يتبعه آذان عبد الله بن أم مكتوم ليعلن ابتداء يوم جديد من الصوم، وذلك حسبما ذكرت مجلة اليمامة السعودية في عددها 2023 الصادر في عام 2008.
 
وروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن بلالًا ينادى بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادى ابن أم مكتوم"، ومنذ ذلك الحين أصبحت مهنة المسحراتى مهنة رمضانية متعارف عليها، مارسها العديد من المسلمين الأوائل.

الحاكم بأمر الله
وظهرت مهنة المسحراتى بشكل رسمى فى عهد الحاكم بأمر الله الفاطمى، حيث كان قد أصدر أمرا بأن ينام الناس مبكرا بعد صلاة التراويح، وكان جنوده يمرون على البيوت ويوقظون الناس لتناول السحور.


الدولة العباسية
وفى عصر الدولة العباسية، يعتبر عتبة بن إسحاق أول من طاف على الديار لإيقاظ أهلها للسحور، فكان يخرج بنفسه سيرا على قدميه من مدينة الفسطاط حتى مسجد عمرو بن العاص، وكان ينادي ويقول: "يا عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة"، ومنذ ذلك الحين أصبحت المهنة تلقى قبولًا عند عامة الناس لكون الوالي أول من عمل بها، في شهر رمضان الكريم.

الدولة الفاطمية
ولكن اختلف الأمر فى عهد الدولة الفاطمية، حيث تولى الجنود أمر إيقاظ النائمين، ثم تعين رجلاً يدق على الأبواب بالعصا لإيقاظ النائمين مردداً عبارة "يا أهل الله قوموا تسحروا"، ثم تطورت العبارات بعد ذلك ولعل أشهرها" أصحى يانايم وحد الدايم ..رمضان كريم".

استخدام الطبلة
ويعتبر أول من استخدم الطبلة لإيقاظ الناس لتناول السحور هم المصريون، حيث كان المسحراتي يجوب شوارع القاهرة وأزقتها وهو يحمل طبلة صغيرة ويدق عليها بقطعة من الجلد أو الخشب، وأما فى اليمن والمغرب كانوا يوقظون الناس من خلال الدق على الأبواب بالنبابيت، ولكن الأمر اختلف عند أهل الشام، الذين اعتادوا على إيقاظ الناس بالعزف على العيدان والطنابير، وإنشاد بعض الأناشيد الرمضانية.

تطور المهنة
وبمرور الوقت تطورت مهنة المسحراتي، فلم يكتفي بالطبلة فقد استعان بآلات موسيقية أخرى، كما يهتم بتردد الكثير من الأناشيد الرمضانية، والمناداة على أسماء كل بيت يمر عليه، كما استغني المسحراتي عن ارتداء الجلباب وارتدي بدلا منها القميص والبنطلون.

أما الآن، فقد تغير الوضع، فمع تطور وسائل الاتصال والتكنولوجيا اقتربت مهنة المسحراتي من الاندثار والانقراض، فالناس لا ينامون في ليالي رمضان، وإذا فعلوا قام المنبه والهاتف الجوال بدور المسحراتي، إذ يكفي أن تضبطه لتستيقظ في موعد تناول السحور.

لكن رغم ذلك مازال المسحراتي يجول من حين لآخر شوارع مصر، ليس لإيقاظ النائمين فحسب، ولكن للتعبير عن الفرحة بقدوم رمضان، والاحتفال بأحد مظاهر الشهر الكريم وممارسة طقوسه القديمة.

الجريدة الرسمية