رئيس التحرير
عصام كامل

أحد أهم أسباب فشل الإخوان


من الطبيعى أن تفشل جماعة الإخوان - أو أي جماعة أخرى - عندما تلقى بحمولتها كلها على عاتق فرد واحد.. هي تظلمه وتظلم نفسها.. فالفرد مهما كانت عبقريته ونبوغه يظل فردا، له إطاره الحاكم من حيث الخبرة والتجربة، والإمكانات العقلية والذهنية، والقدرات الفعلية في التعامل مع التحديات الصغيرة والكبيرة، وهكذا.. الفرد لا يستطيع أن يلم بكل تفاصيل الجماعة، خاصة إذا كانت جماعة كبيرة وذات مستويات متعددة ومتنوعة، اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا..


الجماعة لها تعقيداتها، ومشكلاتها، علاوة على مساحات غير محدودة من التداخل والتشابك والتعقيد بين أفرادها ومؤسساتها.. لذا شرعت اللوائح الداخلية التي تنظم عمل هؤلاء جميعا، وتحدد طبيعة العلاقات بينهم، وأسلوب الحركة لتنفيذ برنامج أو برامج معينة، فضلا عن منهج التعامل مع المشكلات.. إلخ، ومن المستحيل أن يقوم فرد - أيا كان - بذلك كله.. هذا من حيث أوضاعها الداخلية، أما وضع الجماعة وعلاقاتها مع مؤسسات الدولة المختلفة ومؤسسات المجتمع المدنى، بكل تعقيداتها وتنوعاتها، فذلك شأن آخر.

للأسف، من الناحية الفعلية والواقعية تم اختزال جماعة الإخوان في مكتب الإرشاد، وتم اختزال الأخير في شخص واحد، هو خيرت الشاطر..لا أنكر أن الرجل متميز من حيث النشاط الذهني والقدرات التنظيمية، لكن يظل في النهاية فردا.. فحال خروج الشاطر من السجن ألقي إليه بمشروع "تطوير الجماعة".. قيل إن الرجل استشار الكثيرين واستمع إلى آراء كبار وصغار من مستويات شتى داخل الجماعة ممن لهم خبرة وتجربة ورأى ورؤية، والنتيجة أن الرجل لم يستطع أن يقدم أو يفعل فيه شيئا، وقيل تبريرا لذلك إن الجماعة انهمكت في العمل السياسي ولم يكن لديها وقت للنظر في أمر التطوير(!)..

وحينما فكرت قيادة الجماعة في أن تقدم شخصا للترشح لانتخابات الرئاسة، لم تجد سوى خيرت، الرجل "الوحيد" داخل الجماعة القادر على صنع المعجزات وصاحب مشروع "النهضة"، بالرغم من أن إمكاناته من حيث الرؤية السياسية والانفتاح على الأحزاب والقوى السياسية كانت متواضعة.

وعندما أُخرج الرجل من سباق انتخابات الرئاسة، وقدم مرسي كبديل، لم يبتعد خيرت عن المسرح، بل كان المحرك الرئيسى لكل ما يجرى.. ربما لم يطلب الرجل ذلك، لكن الذي حدث هو أن ألقيت على كأهله مسئوليات كثيرة، منها - على سبيل المثال - تحديد وتقرير مدى صلاحية وزراء حكومة هشام قنديل.. فكان يقابلهم فردا فردا.. وقد علمت أنه كان جالسا بمكتبه يوما وإذ به يقول لمن حوله إن الشخص الوحيد الذي لم يلتقه هو وزير النقل والمواصلات، وأنه يريد أن يلتقيه، فقال من أحدهم (مداهنة وتملقا): نأتى به إليك يا باشمهندس (!)

الحقيقة أن الدكتور مرسي لم يكن يحكم مصر، بل كان يحكمها بشكل فعلى خيرت الشاطر.. ربما كان يستأنس بآراء آخرين كمحمود عزت وبديع وجمعة أمين، لكن يبقى الرأى الأخير لخيرت.. وكان مرسي - للأسف - يسمع له ويطيع، خاصة أن معظم، إن لم يكن كل من بقى حوله من المستشارين هم من رجال خيرت.. بالتأكيد قدرات وإمكانات خيرت تفوق كثيرا نظيراتها لدى مرسي.. لكن، لو أتيح لخيرت أن يحكم مصر، هل كان الوضع سيكون أفضل، على اعتبار أن خيرت لم يكن ليخضع لأحد من قيادات الجماعة، كما كان مرسي؟! لا أظن..
الجريدة الرسمية