رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. «مملكة الجنس» من «حمام الملاطيلي» لـ«حلاوة روح».. «عبد الناصر» يدافع عن «سمعة الجيش» بمنع «الله معنا».. و«العصفور» يهدد &


هل يستحق "حلاوة روح" كل هذه الأزمة؟ هل خطط أصحاب الفيلم من البداية للوصول إلى قرار "المنع".. رغبة في "دعاية مجانية"؟.. وكيف وافقت الرقابة الفنية على الفيلم.. لتخرج بعدها الحكومة لتمنعه؟ مع الأخذ في الاعتبار أن رئيس "الرقابة الفنية" موظف أصدر قرار تعيينه في منصبه وزير من "حكومة الفضيلة" حكومة "محلب سابقًا"...!



الأسئلة السابقة لم تجد إجابة عليها، رغم حالة الزخم التي أحاطت بـ"حلاوة روح".. فـ"الأزهر" أثنى على القرار.. و"الثقافة" التزمت الصمت.. وكبار المبدعين قالوا "الشهر اللي مالناش فيه نفقة.. نتعب ليه في عد أيامه".. صمت الجميع، وتحدث "السبكي" - منتج الفيلم، الرجل أقسم أن "الحكومة ما شفتش الفيلم".. ليس هذا فحسب بل اتهم كل من ساهم في صدور قرار المنع، ومن أعلن موافقته عليه بأنهم "ناس مش بتتقي ربنا" - على حد قوله.

"أزمة المنع".. ليست بجديدة على السينما المصرية.. وأزمة "الجنس السينمائي" هي الأخرى تكاد تكون "مستهلكة"، وبالرجوع لسنوات طويلة، نكتشف أن "الممنوع دائما أصبح مرغوبا ومشهورا.. ويحقق مبيعات أفضل".. فـ"عبد الناصر" صنع من فيلم "شيء من الخوف" "أيقونة للحرية".. استمع "ناصر" لكلام المقربين منه بأن "عتريس" البلطجي هو الرئيس، وكاد أن يصدر قرارا بـ" المنع" لولا أن شاهد الفيلم، وكان تعليقه الوحيد عليه "لو أنا كده.. بأعمل زي عتريس.. استاهل اللي يجرى لي".

"حكمة ناصر" لم تكن دائما حاضرة "في الفن".. فقد صدر في عهده قرار "منع أفلام من العرض".. والأمر ذاته تكرر "أيام السادات".. ولم يظهر بوضوح "أيام مبارك أو المعزول"، حتى جاء "حلاوة روح" ليعيد الأمور إلى "سيرتها الأولى".. ونذكر "الممنوع من العرض في السينما المصرية".



الله معنا".. ممنوع "حتى لا يعود فاروق"
لم يكن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حريصًا على مظهره فقط، ولكنه كان حريصًا أيضاُ على مظهر الجيش المصرى أمام شعبه، حتى لا يفقد الشعب الثقة في جيشه، لهذا كان من الطبيعى أن يمنع عرض فيلم "الله معنا" الذي قامت ببطولته فاتن حمامة، ماجدة، شكرى سرحان، وعماد حمدى، وأخرجه أحمد بدرخان.

"الله معنا" كان يتحدث عن الفساد داخل الجيش المصرى في ذلك الوقت، على خلفية صفقة الأسلحة الفاسدة في حرب فلسطين 1948، موضحًا دور بعض رجال الجيش في توريد الأسلحة الفاسدة التي تسببت في هزيمة الجيش المصرى في الحرب، وهو ما نتج عنه تذمر بين رجال الجيش العائدين من الحرب، ويقررون الانتقام لوطنهم، وتنتهى الأحداث بالإطاحة بالملك، ولم يكن السبب الوحيد هو المحافظة على صورة قيادات الجيش المصرى، بل كان السبب الأهم هو عدم إتاحة الفرصة للجمهور للتعاطف مع الملك فاروق، الذي تم الإطاحة به قبلها بسنوات.



المتمردون.. والتهمة "الإساءة لسمعة مصر"

تبدأ الأحداث عندما يذهب الدكتور " عزيز" شكرى سرحان، للعلاج في إحدى المصحات الموجودة بالصحراء بعيدًا عن المدينة، لكنه وجد هناك الفساد مستشريا، والعنصرية والتفرقة في التعامل والطبقية تسيطر على المصحة التي كانت منقسمة إلى قسمين، الأول لرجال الثروة والمال والنفوذ الذين تمتعوا بأفضل طرق العلاج ووسائل الترفيه والراحة في هذا المكان النائى، في حين أن القسم الآخر الخاص بالمواطنين البسطاء لم يكن به أبسط الحقوق التي يجب توفيرها للمرضى، ليثور البسطاء على المسئولين عن المصحة ويتولون هم إدراتها ويختارون الدكتور عزيز لإداراتها، ولكن السلطات تقضى على هذا التمرد مع نهاية الفيلم.

وخرج البعض وقتها ليؤكد أن المصحة ترمز إلى مصر وتوضح الطبقية التي كانت توجد بها، ولكن تدخل رجال السياسة في الأمر تسبب في منع عرض الفيلم، حيث رفضت الشركة المنتجة توزيعه بحجة أنه يسيء لسمعة مصر، وقد شارك في بطولة الفيلم ميمى شكيب وتوفيق الدقن وأخرجه توفيق صالح، وهو الفيلم الذي شاهده "عبد الناصر" فيما بعد وأعطى مخرجه نيشانًا.


ميرامار.. المنع بسبب الإساءة لـ " الاتحاد الاشتراكي"

على الرغم من أن قصة الفيلم الذي أخرجه الراحل كمال الشيخ عادية ولم يكن بها أي إسقاطات سياسية، إلا أنه واجه مشكلة في عرضه، حيث تدور قصة الفيلم حول "زهرة" التي تهرب من قريتها بعدما كان ينوى أهلها تزويجها برجل كبير في العمر لأنه ثرى، وتذهب إلى الإسكندرية لتعمل في أحد الفنادق هناك

ومن خلال عملها تقابل العديد من الشخصيات المختلفة، فهناك الرجل الثرى العابث، والشاب المثقف المناضل، والطالب الإقطاعى الذي يحقد على الثورة، وتتعرف الشابة الجميلة على شاب استغلالى، لكنها في النهاية تتزوج من بائع الجرائد الذي حماها من كل هؤلاء، ولكن فيما بعد.. علم الجميع أن الحرب التي واجهها الفيلم كانت بسبب احتواء مضمونه على عبارات تنتقد الاتحاد الاشتراكي.

ولم يتم عرضه إلا بعدما أجازه رئيس مجلس الشعب آنذاك محمد أنور السادات، والفيلم كان يضم كوكبة كبيرة من النجوم على رأسهم يوسف وهبى، شادية، عماد حمدى، يوسف شعبان وأبو بكر عزت.



العصفور.. أزمة "جنسية شاهين"

فيلم كاد يتسبب في سحب الجنسية من المخرج يوسف شاهين بعد زيادة حدة النقد والاتهامات ضده، الفيلم يتحدث عن مجرم خطير تطارده الشرطة، في الوقت الذي يقوم فيه أحد الصحفيين بكشف الفساد في القطاع العام، حيث يكتشف فساد سلطات الدولة من خلال سرقة معدات أحد المصانع الذي يتم بناؤه، بإيعاز من بعض المسئولين حتى يتربحوا على حساب الشعب، دون أن يظهروا في الصورة، كما استعرض الفيلم هزيمة يونيو 1967 والتي كان هذا الفساد سببًا فيها، وينتهى الفيلم على تنحى عبد الناصر وخروج المظاهرات المطالبة ببقائه في الحكم.

صدر قرار منع الفيلم بسبب الإسقاط على بعض الشخصيات الموجودة في السلطة في ذلك الوقت، وقام ببطولة الفيلم محمود المليجى، صلاح قابيل، مريم فخر الدين، محسنة توفيق، وأحمد بدير، وقد تم السماح بعرض الفيلم بعد نصر أكتوبر 1973 ولكن بعد حذف بعض مشاهده.



"غرباء".. المنع بقرار "الرئيس المؤمن"

على الرغم من أن الأفلام التي كانت ممنوعة في فترة حكم عبد الناصر كانت كلها سياسية، إلا أن فترة حكم السادات شهدت تنوعًا في الأفلام الممنوعة من العرض، حيث تم منع عدد الأفلام لأسباب دينية، وكان في مقدمتها فيلم "غرباء"، الذي قام ببطولته شكرى سرحان، حسين فهمى، عزت العلايلى وسعاد حسنى، وأخرجه سعد عرفة.

قصة الفيلم تدور حول فتاة يوجد في حياتها 3 رجال، الأول هو أخوها، والثانى حبيبها، والثالث أستاذها، فأخوها هو شاب متدين متزمت يدخل في نزوة مع جارته، وأستاذها صاحب الآراء العلمانية والذي يغرم بالحياة الغربية ولكنه ينتحر في النهاية، وتقع نادية ضحية هذه الآراء المختلفة ما بين الدينية والعلمانية، وينتهى الفيلم على صدى كلمات أستاذها الذي يطلب منها أن تبحث عن الحقيقة بنفسها، وهو الفيلم الذي منعته السلطات بسبب عدم إثارته للبلبلة، حيث إنه يدور في نطاق فلسفى قد يؤدى إلى إلحاد بعض من ليس لديهم إيمان قوى بالله، حيث كان الصراع الدينى على أشده في تلك الفترة من تاريخ مصر، خاصة بين الإسلاميين والاشتراكيين والليبراليين.



"ذئاب لا تأكل اللحم".. و"عري ناهد شريف"

مشاهد "العري الصارخة" في "ذئاب لا تأكل اللحم" جعلته يدخل موسوعة "الممنوع من العرض"، والفيلم يتحدث عن صحفى يسارى يقوم من خلال مهنته بتغطية أخبار الحروب والمجازر التي تقع في المنطقة، وبالأخص مذبحة دير ياسين، وحرب فيتنام، وحرب كوريا، ويتحول بإرادته من شخص يتعاطف مع المستضعفين إلى سفاح يتسبب في مآسٍ ودمار للجميع،

وكان هذا الفيلم في وقته من الأفلام السباقة، حيث تم تصويره على أعلى مستوى من حيث مشاهد القتل والمطاردات بالسيارات والانفجارات، وكذلك جودة الصورة، ويبدو أن منتجه سمير خورى، وهو أيضًا مخرجه، لم يبخل عليه بشيء حتى يخرج بأفضل صورة ممكنة، إلا أن ظهور ناهد شريف، بطلة الفيلم، خلاله عارية تمامًا، كان سببا رئيسيا في تصنيف الفيلم على أنه فيلم إباحى من الدرجة الأولى، خاصة بعدما جمعت بعض المشاهد ناهد شريف ومحمد المنصور وهي عارية تماما..



"حمام الملاطيلي".. مشاهد فجة وفنان شاذ

"من منا لم يشاهد حمام الملاطيلي في فترة المراهقة.. ويكاد الفيلم يكون "القاسم المشترك الوحيد" بين غالبية من عاصروا فترة منعه، وأيضا الأجيال التالية التي لم تكن على أيامها "هوجة الفضائيات".. وكانوا يكتفون بـ"نسخة فيديو" من الفيلم يشاهدونها "بعيدا عن الرقابة"..

تدور قصة الفيلم حول أحد الشباب القادمين من الإسماعيلية والذي جاء للقاهرة للدراسة في كلية الحقوق، ولكن بعد تخرجه يفشل في إيجاد وظيفة، فيترك الفندق الذي يسكن به، ويتعرف على إحدى الفتيات التي تعمل بالدعارة وتنشأ بينهما قصة حب، وبعدها يضطر للعمل والمبيت بحمام الملاطيلى الذي يتعرف من خلاله على رسام شاذ جنسيا، ثم يدخل الشاب في علاقة مع زوجة صاحب الحمام الذي يعمل به ويتهرب من حبيبته، التي يقتلها أهلها فيما بعد انتقامًا لشرفهم، وهنا يشعر الشاب بالذنب فيترك الحياة في القاهرة كلها ويعود إلى الإسماعيلية لبدء حياة جديدة.

الرقابة قررت منع "حمام الملاطيلي " من العرض بسبب المشاهد الجنسية الفجة التي احتوى عليها، وفى بداية التسعينيات سمحت الرقابة بعرضه ولكن بعدما تم حذف عدد كبير من المشاهد التي كان هناك اعتراض عليها.



"زائر الفجر".. المنع بـ "الجمل الحوارية"

تدور قصته حول وكيل نيابة يقوم بالتحقيق في وفاة إحدى الصحفيات، على الرغم من أن التقرير الجنائى يثبت أنها ماتت بسبب هبوط مفاجئ في الدورة الدموية، ولكن وكيل النيابة كانت لديه شكوك أخرى، خاصة وأن المجنى عليها كانت عضوة في جماعة ثورية، وسبق اعتقالها أكثر من مرة بسبب مقالاتها اللاذعة للحكومة، ويبدأ وكيل النيابة في تحرياته، وتختلف الآراء حوله ما بين مؤيد ومعارض، ولكن تأتى الأمور له في النهاية، من أحد المسئولين الكبار، بإغلاق التحقيق في القضية.

تم منع عرض الفيلم بسبب الإسقاطات السياسية التي يحتوى عليها المضمون، إضافة إلى الجمل الحوارية الساخنة التي احتوى عليها النص، وظلت منتجته الفنانة ماجدة الخطيب تسعى لمقابلة الرئيس السادات بعدما منع الفيلم من العرض بأوامر من وزارة الداخلية، إلا أنها فشلت على مدى سبع سنوات كاملة في مقابلته.

الجريدة الرسمية