رئيس التحرير
عصام كامل

دكتوراه للبيع.. ولّا لتعيين حملة الماجستير والدكتوراه؟!


من أسوأ سلبيات 25 يناير أنها رسخت أمورًا لا يمكن أن تراها في أي مجتمع متقدم، وهى الاستجابة للصوت العالى سواء كان صاحب حق أم لا !! ويقابل ذلك حالة من النفاق والمزايدة من الإعلام، مما يخلق مناخًا سيئًا وغير صحى مطلقًا للعمل أو حل المشاكل الحقيقية للوطن.


كلنا نتابع الوقفات الاحتجاجية الآن من الكثير من القطاعات، لكن لفت نظرى أمر يخص حملة الماجستير والدكتوراه الذين يطالبون الحكومة بتعيينهم..!

الحقيقة لا أميل إلى الشعارات البراقة ولا إلى العواطف في اتخاذ مثل هذه القرارات؛ لأن الذي يحدد قرار التعيين هو الاحتياج من عدمه لهؤلاء، والأهم من هذا المعايير والضوابط التي تحكم مثل هذه الحالات، فلم يعد سرًا أو أمرًا مخفيًا أن الكثير من حملة هذه الشهادات حصلوا عليها لقتل الفراغ، وأن منهم من اشترى الدكتوراه وما أكثرهم، وقليل منهم من حصل عليها من خلال البحث الجاد من أجل العلم بحق وليس زيفًا وأعتقد الشريحة الأخيرة وهى النادرة لا أتصور أنها تقف مع هؤلاء في هذه الوقفات بل الحياء العلمى يمنعهم من هذا.

ولك صديقى القارئ هذه الواقعة التي حدثت معى، جاءتنى إحدى الحاصلات على الدكتوراه، عمرها 44 عاما، في النقد للفن التشكيلى، تم تعيينها في أحد قطاعات وزارة الثقافة، وعندما سألتها عن إنتاجها طوال 20 عاما قضتها في الحياة بعد التخرج قالت: إنها انخرطت في تربية الأولاد والزواج.. الخ؛ ولأن زوجها أستاذها في الكلية ساعدها في الماجستير والدكتوراه وهى في البيت، ولم تكتب أو تنشر مقالا ولا كتابا ولا أي شىء مطلقا..!!

ماذا يمكن الاستفادة بسيدة عمرها في منتصف الأربعينات ولا تحمل أي خبرة سوى ست بيت تحمل دكتوراه؟!! الغريب أنها في مجال النقد وزوجها أستاذ في إحدى كليات الفنون ولم تحاول مطلقًا ممارسته أو محاولة إرسال مقالات للصحف أو المجلات...إلخ. وعندما سمعت قصتها لم أفاجأ عندما قالت إن حالتها ليست فريدة.. بل الأغلبية تحصل على الماجستير والدكتوراه لقتل الوقت أو لتأخر الزواج وهذا أمر معروف تماما.

عندما سألت في هذا الأمر جاءنى الرد من قبر العالم الراحل الدكتور أحمد مستجير عندما طرحت عليه سؤالًا عن الفارق بيننا وبين العالم المتقدم؟ قال: في العالم المتقدم يبحث ويعمل من أجل زيادة الرفاهية لدى الإنسان من خلال القضاء على مرض أو لحل مشكلة تواجه المجتمع وتعرقل رفاهيته ولا يضع الباحث هناك فكرة الحصول على درجة وظيفية أو يحمل لقبا.. أما نحن فالباحثون أو الذين يهرولون للحصول على لقب ماجستير أو دكتوراه فمن أجل الوجاهة وأيضًا لرفع راتبهم 4 جنيهات..!!

من هنا أرفض التعيين الذي يتم بلا معايير ولا ضوابط تتوافق تمامًا مع احتياج العمل وإلا فلا أمل إلا للصوت العالى.. ويصبح هدف الثورة الحقيقى هو الإصلاح وإعلاء قيمة القانون في مهب الريح..!
الجريدة الرسمية