رئيس التحرير
عصام كامل

معاش تقاعدي من ألمانيا لمجموعة من ضحايا النازية اليهود

صوره أرشيفية
صوره أرشيفية

يحق لليهود الذين أجبروا على أعمال شاقة في المدن الأوربية خلال فترة النظام النازي، أن يتقدموا الآن بطلب للحصول على معاش تقاعدي من ألمانيا، غير أن القوانين الألمانية بهذا الشأن معقدة جدا، حيث من المقرر أن يتم تعديلها

ويشتغل أفري شتاينر تقريبا كل يوم في ورشته، حيث يقوم برسم لوحات تتناول معاناة اليهود خلال فترة النظام النازيي في ألمانيا. بالنسبة لشتاينر البالغ من العمر 83 عاما يشكل الرسم نوعا من العلاج، لما عايشه من مآسي في الماضي عندما كان شابا في حي اليهود (جيتو) في بودابست

من بين كل أفراد أسرته كان شتاينر الشخص الوحيد الذي نجا من فتك النازيين، حيث كان يعمل في حي اليهود. "تمثل عملنا في جمع جثث أولئك السكان الذين لقوا مصرعهم بسبب الغارات الجوية بشكل خاص"، كما يقول أفري شتاينر.

ويضيف: "وجب علينا أن نقوم بحرق الجثث. ومقابل ذلك حصلنا على نوع من الماء الساخن أطلق عليه اسم الشربة".وكان شتاينر في الثالثة عشرة من العمر، عندما غزت قوات ألمانية دولة المجر وزجت بالسكان اليهود في حي خاص بهم بودابست

و بعد مرور 70 عاما على ذلك يعيش شتاينر اليوم في بلدة إسرائيلية صغرة قريبة من تل أبيب، ومن معاش تقاعدي هزيل يحصل عليه من الدولة الإسرائيلية. على مدى سنوات طويلة كان المتقاعد في نزاع قضائي مع السلطات الألمانية بهدف الحصول على معاش من ألمانيا واعترافها بفترة عمله في حي اليهود آنذاك

وفي عام 2002 كان البرلمان الألماني قد وافق على قانون بشأن تقديم معاش تقاعدي إلى الناجين من أحياء اليهود. غير أنه تم رفض نسبة 90 بالمائة من الطلبات المقدمة بهذا الشأن. ففي حالات كثيرة لا تتوفر لدى المعنيين مستندات حول عملهم لإثبات حقهم في الحصول على معاش تقاعدي، حيث إن "الإدارة النازية لم تعر اهتماما لتسليم مثل تلك المستندات لهم بسبب رغبتها في استغلالهم"، كما يقول المحامي نيلس يوهانزن

واجه أفري شتاينر أيضا صعوبات كبيرة مع البيروقراطية الألمانية. "لم أكن أعرف ما يلزم تقديمه من مستندات لمثل هذا الطلب. ولم تتوفر لدى الأموال الضرورية للتكاليف كما افتقرت إلى العزيمة المعنوية بهذا الشأن" وبعد ذلك كلف شتاينر شركة استشارية إسرائيلية للقيام بتوجيه طلبه إلى محام ألماني، رغم أنه كان يعلم أن مراجعة مثل تلك الطلبات في ألمانيا تستغرق لسنوات طويلة في بعض الحالات

وكانت الشركة الاستشارية قد تقدمت بطلب أفري شتاينر عام 2003. غير أنه لم يتم الاعتراف بطلبه إلا عام 2010. في عام 2009 أصدرت المحكمة الاجتماعية الألمانية الاتحادية حكما ينص على أن جميع الذين عملوا خلال الفترة النازية في أحياء اليهود (غيتو)، لهم الحق في معاش تقاعدي. وبالتالي فقد بدأ أفري شتاينر يحصل على معاش بقيمة 219 يورو شهريا من صندوق التقاعد الألماني

وتقول وزيرة العمل الألمانية أندريا نالس في حديث مع DW أنه من المقرر تسهيل عملية تقديم طلبات بهذا الشأن والقيام بمراجعتها. وقالت: "نريد الآن ترسيخ حق أغلبية المعنيين في معاش تقاعدي ابتداء من عام 1997". في ذلك العام صدر عن المحكمة الاجتماعية الاتحادية حكم آخر يخص العمالة في حي اليهود بمدينة وودج البولندية. ومن المقرر أن يصدر في صف العام المقبل قانونا جديدا بهذا الشأن

ورغم هذا المسار الإيجابي في هذا الموضوع لازال التشاؤم يأخذ من بعض المواطنين اليهود المعنيين مثل أفري شتاينر. حيث"يبلغ عمر الناجين اليوم 80 عاما تقريبا، وليس لهم وقت للإنتظار بشكل أطول. وبالنظر إلى عمرهم المتقدم في السن فلمذا الإنتظار مرة أخرى إلى حين دخول هذا القانون حيز التطبيق؟

عند التفكير في وطنه المجري ليس في حوزة لأفري شتاينر إلا صورة قديمة يظهر فيه مع أبيه وأمه. وقد لقي أبوه مصرعه في الحي اليهودي في بودابست. أما أمه فقد شاهدها لآخر مرة في محطة لقطارات السكة الحديدية قبل نقلها إلى معتقل نازي، وهناك تم قتلها. بالنسبة للمواطن أفري شتاينر، فإن الحصول على معاش تقاعدي من ألمانيا لا يشكل تعويضا حقيقيا عن طفولته المفقودة، غير أن ذلك يشكل على الأقل نوعا من الالتفاتة، رغم أنها جاءت متأخرة جدا.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل... اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل...

الجريدة الرسمية