رئيس التحرير
عصام كامل

‏إسماعيل الششتاوى لـ " فيتو": تنحى مبارك أنقذ رقابنا

فيتو

الإذاعة أحد الأعمدة الرئيسية للإعلام المصرى، خصوصا وقت الثورة، لانتشار ‏مراسليها وشبكاتها على مستوى الجمهورية، وكانت الأكثر مصداقية فى نقلها للرأى ‏والرأى الآخر، ومتابعة نبض الجماهير، خاصة الساعات القليلة التى سبقت تنحى ‏الرئيس مبارك، وقد كان إسماعيل الششتاوى - رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الحالى ‏‏- هو المسئول الأول عن كل الشبكات الإذاعية الإقليمية، وعن مراسلى الإذاعة، ‏الششتاوى يحدثنا عن كواليس أيام الثورة حتى تنحى مبارك فى أروقة الإذاعة. ‏

‏◄ تردد أنه كانت هناك صعوبات فى نقل أجهزة الإذاعة لبث تنحى مبارك على ‏الهواء مباشرة بسبب إقامته فى شرم الشيخ ما صحة هذا الكلام؟
‏- هذا كله كلام مغلوط ، مبارك كان فى القاهرة وقت تنحيه، ولم يكن قد انتقل بعد ‏إلى شرم الشيخ إلا بعد ظهر يوم الجمعة، وقد أعلن قرار تنحيه عمر سليمان من قصر ‏الرئاسة بالقاهرة، وأول من تلقى البيان كانت الإذاعة وفى نفس اللحظة على الهواء، ‏وكانت حشود الجماهير هائلة حول قصر الرئاسة، فتعذر وصول مراسلينا للخطورة ‏الداهمة على حياتهم، بالإضافة إلى اتهام الإعلام – آنذاك - بالولاء للنظام السابق، ‏وأؤكد أن بيان التنحى كان مذاعا على الهواء، ولم يكن مسجلا.‏
‏◄ ولكن ماذا فعلتم قبل التنحى بـ12ساعة وما نوعية البرامج المقدمة فى الإذاعة؟
‏-  كان شغلنا الشاغل، حتى قبل التنحى بلحظات، إذاعة أخبار المظاهرات ‏والأحداث لحظة بلحظة بواسطة مراسلينا، وكنت قد أعطيت أولوية لتغطية المظاهرات ‏التى كانت تحاصر ماسبيرو، فقد كان الثوار يريدون اقتحامه، وقد كانوا أكثر من 50 ألفا، وكنا نتوقع أن يكون هذا هو "الكارت الأخير" للضغط على مبارك كى يتنحى.‏
◄ ماذا كان حال مبنى ماسبيرو فى تلك الساعات العصيبة؟
- المبنى كان محاصرا منذ صباح يوم الخميس وحتى وقت التنحى، وقد تم الاعتداء ‏على بعض الإذاعيين الذين لم يكن بينهم وبين المتظاهرين سابق معرفة، ولكن لمجرد ‏دخولهم المبنى يعتبرهم المتظاهرون أعداء، بالإضافة إلى أن مقدمى البرامج كانوا ‏يبيتون فى ماسبيرو، خوفا على حياتهم من أن يفتك بهم الثوار الذين يحيطون بالمبنى. ‏
◄ هل كنتم تعملون بكامل طاقتكم الإذاعية؟
‏-  لا، فقد كنا نعمل بقوة 10% من طاقتنا، فقد حدد الأمن الأعداد المفترض ‏وجودها فى المبنى، من مقدمى برامج وفنيين وعمال بالإذاعة، وكان معظم العاملين ‏فى إجازة طبقا للتعليمات الأمنية، إذ يبلغ عدد العاملين فى ماسبيرو أكثر من 40 ألف ‏موظف، وبالتالى لن يستطيع الأمن السيطرة بصورة كاملة، وكان من السهل اختراق ‏المبنى الذى كان مهددا من قوى كثيرة.‏

‏◄ هل كانت العشرة بالمائة قادرة على تغطية كل شبكات الإذاعة؟
‏- كانت كافيه، لأن الشبكات الإذاعية كانت منضمة لشبكة البرنامج العام ، أى أن ‏جميع شبكات الإذاعة كانت إذاعة واحدة.‏
◄ ما نوعية البرامج التى كانت تقدم؟
- لم يكن هناك أى برامج تقدم، وقد تم اقتصار البث على تغطية الأحداث بكل ‏ميادين مصر، مستغلين فى ذلك كل شبكاتنا ومراسلينا على مستوى الجمهورية. ‏
◄ إبراهيم الصياد كان يقول: إننا كنا نبيت فى المبنى، فهل كان حال الإذاعة كحال ‏قطاع الأخبار؟
- هذه حقيقة، فقد كان الرجال يقيمون إقامة كاملة فى المبنى لأيام متواصلة، أما ‏النساء فقد كن ينتهين من أعمالهن بماسبيرو فى الثانية صباحا، وقد كان هناك حظر ‏تجوال فى تلك الفترة، وكانوا يستوقفون الكثير من الإعلاميين والعاملين، وقد تعرض ‏بعض الزملاء للاعتداء والسرقة نظرا للانفلات الأمنى فى الشوارع، وقد أقمت فى ‏الإذاعة لمدة 18 يوما ليلا ونهارا، منذ اندلاع الثورة حتى تنحى مبارك.‏
‏◄ ماذا كان منصبك آنذاك؟
- كنت رئيس شبكة الإقليميات (11 إذاعة)، بالإضافة إلى أن كل المراسلين كانوا ‏يتبعوننى مباشرة، وهذا يعنى أن عبئًا كبيرا كان على عاتقى.‏
‏0 هل كان هناك شعور بالفرح ام بالحزن بعد سماع قرار التنحى داخل الإذاعة؟
‏00 المبنى بأكمله وخاصة الاذاعة كانوا فرحين، عدا الناس كبار السن، لأنهم ارتبطوا ‏بمبارك بحكم السن، اما الاجيال الجديدة فلم يكن لديهم هذا الحنين نحو مبارك، ‏وانطلقوا فى فرحة غامرة، يهتفون : تحيا مصر، واخذوا يحملون بعضهم البعض ‏ويطوفون فى كل ادوار المبنى.‏
‏0 هل تغيرت خريطة الإذاعة بعد التنحى ؟
‏00 الخريطة الاذاعية لم تتغير، فكانت كلها تغطية للأحداث، نظرا للشهداء الذين كانوا ‏يتساقطون يوميا، وكان هناك تداخل لبعض الاغانى الوطنية احتراما للمشهد ومشاركة ‏للمواطنين فرحتهم.‏
‏0 هل كنت تتلقى تعليمات من رئيس الاتحاد مباشرة فى تلك الساعات بصفة خاصة؟
‏00 لا، فلم يكن رئيس الاتحاد اسامة الشيخ متواجدا فى المبنى، وكان يسافر باستمرار، ‏وكان لنا مطلق الحرية فى إدارة شئون الاذاعة ، ولم يكن هناك توجيه من أى مسئول ‏بوزارة الإعلام، لأن الرؤية كانت غائبة عن جميع الناس.‏
‏0 قلت أن المبنى كان معرضا للاقتحام قبل التنحى بساعات قليلة ، ماذا حدث ؟
‏00 ما حدث كان يراه العالم كله ، فقد كان يحيط بماسبيرو أكثر من 50 الف مواطن ، ‏يتهمون الإعلام بالفساد، وكانت هناك خطة لاقتحام ماسبيرو من الابواب الخلفية ( من ‏جهة وزارة الخارجية)، واذاعة بيان التنحى كان إنقاذا لجميع العاملين، فقد كنا ‏معرضين للموت. ‏
‏0 لماذا كان تصريحك بأن الاذاعة كانت أكثر مصداقية من قطاع الاخبار فى ذلك ‏التوقيت بالذات؟ ‏
‏00 بالفعل صرحت بهذا ، فقطاع الاخبار كان يرأسه عبد اللطيف المناوى الذى كان ‏مواليا لمبارك، وبالتالى لم تكن هناك مصداقية فى الاخبار التى يبثها القطاع عن ‏الثورة ، والمناوى شوه إعلاميى ماسبيرو، اما الاذاعة فقد كانت تغطى الأحداث ‏بحيادية كاملة، وكنا نستضيف فى الاذاعة من يقول "لا نريد مبارك"، فكنا نستضيف ‏الرأى والرأى الآخر، وكل شخص يبدى رأيه يتحمل مسئولية ما يقول.‏
‏0 ما الدور الذى قام به مراسلو الاذاعة فى تلك الساعات الحاسمة فى تاريخ مصر؟
‏00 مراسلو الاذاعة كانوا كالجندى فى الميدان، حيث كانوا متواجدين فى الشارع منذ ‏الليلة التى سبقت يوم التنحى وحتى المساء، وقد كانت الاذاعة أول من توقع تنحى ‏الرئيس فى تلك الليلة، وكان هذا من خلال استطلاع اراء المواطنين على مختلف ‏ثقافاتهم، وكان مراسلو الاذاعة هم الوحيدين الذين كانوا يلقون قبولا وسط الجماهير، ‏بخلاف كل مراسلى قطاع الاخبار الذين كان الثوار يضربونهم ويحطمون كاميراتهم ‏كل يوم.‏
‏0 وماذا عن الفترة التى تلت التنحى؟
كل البرامجيين فى الاذاعة ظلوا متواجدين فى ماسبيرو، حتى بعد التنحى بأكثر من ‏ساعتين، إلى أن احتفل الناس فى الشوارع، وخرج مراسلونا لرصد فرحة الجماهي، ‏فلقد كانت اجمل فترة فى عمر الاذاعة بصفة خاصة ، وماسبيرو بصفة عامة، لا اظن ‏ان مر بها المبنى منذ انشائه حتى يومنا هذا.‏
الجريدة الرسمية