رئيس التحرير
عصام كامل

كاميليا.. محظية «فاروق».. الملك تعرف عليها في «حليمة بالاس».. وظلت رفيقته لـ 3 أعوام.. والدها أنكر نسبها.. وامتهنت الدعارة في ملاهي الإسكندرية

كاميليا والملك فاروق
كاميليا والملك فاروق

"بالنار يختبر الذهب وبالذهب تختبر المرأة وبالمرأة يختبر الرجل".. هكذا أوضح وليم شكسبير أن الشهوة هي المحرك الرئيسي للإنسان والمرأة شهوتها الرئيسية حب المال والمجوهرات واقتناء الأشياء الثمينة، أما الرجل فشهوته تكمن في اقتناء المرأة، وغالبا ما يسقط الرجل أمام هذا الاختبار الصعب مهما كانت مكانته وسلطته.

الملك فاروق ورغم أنه واحد من الأسرة العلوية وآخر من حكم مصر والسودان، إلا أن كل هذه الأشياء مجتمعة لم تمنعه من السقوط في "فخ" الفتاة الجميلة والابنة غير الشرعية ليسقط وتضيع معه أمة بحالها، بخسارة العرب حرب 48 وضياع فلسطين إلى الأبد.

أما هي.. "ليليان ليفي كوهين" أو الفنانة "كاميليا"، ولدت في 13 ديسمبر 1919 من أبوين مسيحيين بالإسكندرية، كانت أمها إيطالية ووالدها فرنسي، لكن لم يعترف بها الأب وتركها وهرب، فتزوجت أمها من اليهودى"ليفى كوهين" صاحب البانسيون الذي كانت تقيم به، فتبناها وأصحبت يهودية النشأة والتربية.

"ليليان" كانت فائقة الجمال وتقدس المال، فعملت كداعرة في أحد ملاهى الإسكندرية وخلال تلك الفترة تحديدا تم تجنيدها لصالح الوكالة اليهودية، وقتها تعرفت على المخرج أحمد سالم وتحديدا في صيف 1946 بفندق "وندسور" وطلبت منه أن يمكنها من مشاهدة العرض الخاص لفيلمه الجديد "الماضي المجهول" لكنه سألها: ألا ترغبين أن تكوني نجمة سينمائية؟! فأجابته: ولم لا وهي، حيث كانت تحلم بالثراء والشهرة والمجوهرات وتريد أن تكون نجمة مشهورة، وبالفعل عهد أحمد سالم إلى الفنان محمد توفيق بأن يتولاها ويعطيها دروسًا في الإلقاء والأداء والحركة واللغة العربية، ولكن محمد توفيق بعد أول درس فر هاربًا من الوقوع في حب كاميليا وتولي أحمد سالم مسئولية شراء أفخر الثياب والمجوهرات وإظهارها إعلاميًا في الصحف والمجلات والحفلات الخاصة والعامة وقد منحها اسم "كاميليا" إلا أنه لم يحقق وعده بأن تقوم ببطولة أفلام سينمائية.

الفنان يوسف وهبي انتهز فرصة عدم التزام أحمد سالم بوعده لها فاتصل بها سرًا وطلب منها الحضور إلى فيلته بالهرم وبدأ التنافس بين وهبي وسالم حتى تنازل الأخير عنها عاطفيًا وسينمائيًا، وبالفعل تركها مقابل ثلاثة آلاف جنيه، وقدم يوسف وهبي لسالم شيكا بالمبلغ وقدمها في فيلم "القناع الأحمر".

أما علاقة كاميليا بالملك فاروق فبدأت عندما رآها ذات مرة في إحدي الحفلات بكازينو "حليمة بالاس"، وقدمها له مدير الشئون الخاصة للملك "أنطون بوللي" عام 1947، ليقع في غرامها، بعدها ظلت كاميليا المحظية الأولى للملك لمدة ثلاث سنوات، حتى اقتربت من لقب ملكة مصر، وعندها هلل رئيس الوكالة اليهودية آنذاك "جيمس زارب" قائلا مثلما ورد في مذكرات بن جوريون: "تحقق الحلم.. ستعود مملكة داوود.. ستعود إسرائيل".

كما قال عنها ديفيد بن جوريون: "ليليان ليفي كوهين أعظم امرأة في تاريخ الشعب الإسرائيلي.. تمكنت من إمداد تل أبيب بمعلومات هامة عن تعداد الجيش المصري وعتاده وميعاد تحركه صوب فلسطين، وكذلك كل كبيرة وصغيرة عن الجيوش العربية التي تأهبت للعدوان على إسرائيل".

وعندما بدأت علاقة فاروق بكامليا حاول أن يبتعد عن العيون وسافر إلى جزيرة قبرص والتقى هناك بكاميليا، لكن تسربت إلى مصر أنباء العلاقة بين الملك فاروق والممثلة كاميليا، وأثارت سخطا عاما لدى الشعب، وأثارت غيظا شديدا لرئيس الوزراء إسماعيل صدقى، الذي أرسل عدة رسائل إلى الملك يطلب منه العودة إلى مصر حفاظا على سمعته، وليكون قريبا من الأحداث السياسية في بلاده خاصة وأن علاقته السيئة بالملكة فريدة قد أصبحت على كل لسان.

الملك لم يتأثر بكل هذه الرسائل وترك قبرص متجها إلى تركيا حتى تهدأ الأمور في مصر ويبتعد هو عن كاميليا، لكن كاميليا أرسلت إليه بأنها سوف تنتحر إذا لم يعد إليها فعاد من تركيا إلى قبرص، وبعد ذلك تردد اسم كاميليا في قضية الأسلحة الفاسدة وتجنيدها من الوكالة اليهودية ونشاطها كعميلة للمخابرات الإسرائيلية التي تأسست في عاصمة سويسرا برئاسة جيمس زارب الذي كانت له صلات بيهودى مصرى "إيزاك ديكسون" الذي كان يدير صالة لتعليم الرقص في القاهرة.

"مع نهاية عام 1947 جاءت كاميليا إلى الملك تشكو له خوفها من أن تعتقلها الشرطة المصرية باعتبارها يهودية، فقام فاروق بإعداد قصر "المنتزة" لإخفائها فيه، وكان يزورها سرا أثناء حرب فلسطين، وبعد الهزيمة ثارت الدنيا عليه وصارحه رئيس وزرائه محمود فهمي النقراشي بأن الراقصة التي يأويها جاسوسة وتنقل الأسرار للوكالة اليهودية، فثار عليه فاروق ونهره.

وتأتى نهاية الجاسوسة الحسناء عندما أصيبت أثناء تصوير فيلم "صاحبة الملاليم" ببرد شديد وعلى أثره بدأت تنزف من فمها وبعد استشارة الطبيب فاجأها بأنها على مشارف الإصابة بالسل، ولابد من استشارة الأطباء في الخارج وبالفعل سافرت كاميليا إلى سويسرا.

توفيت كاميليا في حادث سقوط الطائرة TWA في 31 أغسطس 1950 فور إقلاعها من مطار القاهرة متجهة إلى سويسرا بالقرب من منطقة الدلنجات في البحيرة واحترقت الطائرة تماما وعثر على جثتها متفحمة، لم يتبق منها سوي فردة حذاء ساتان أخضر بلون الفستان الذي كانت ترتديه وقتها.
الجريدة الرسمية