رئيس التحرير
عصام كامل

فتنة العصر


سأقول لكم كلمات، خذوها أو اتركوها، ولكن كلماتى صادرة عن قلب صادق يحب دينه ووطنه، وقد أتعبنى وقض مضجعى أننا ابتعدنا عن الإسلام سلوكا، ولكننا مارسناه كلاما، الإسلام الذي عرفته أيها السادة هو التسليم لله، لذلك قال سبحانه عن إبراهيم إنه «كان حنيفا مسلما» وقال الله أيضا «ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون» وفى الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» كل من قال لا إله إلا الله دخل الجنة، فالشهادة التي تدخل الجنة هي الشهادة بوحدانية الله، وعندما أراد الصحابى أبو عمرو سفيان بن عبدالله الثقفى أن يعرف ما هو الإسلام فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، قل لى في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدا غيرك، قال قل آمنت بالله، ثم استقم، فالإسلام إذن هو الإيمان بالله ثم الاستقامة.


ولكننا الآن نعيش تحت وطأة خطاب دينى لا يعرف السلام والحب والرحمة، الخطاب الدينى الذي نرزح تحته لا يعرف إلا القتل والدم والإكراه والإرهاب، هو خطاب لا يعرف الإسلام، ولم يقترب منه قيد أنملة، وفى ظل هذا الخطاب الإرهابى الذي تخفى تحت واجهة الجهاد، إذا بأصحاب هذا الفكر المتعسف ينشغلون بالآخرة قولا ولم يعملوا لها، فنحن أمة استعمرنا الله في الأرض ولم نعمرها، وأنزل لنا سورة الحديد، فلم نتقن صنع الحديد، عرفنا أن النظافة من الإيمان فلم نقم تلك الشعبة في حياتنا، نهانا الله عن الكذب فكذبنا، ونهانا عن النفاق فنافقنا، قال لنا في كتابه الكريم «يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون» فقلنا ولم نفعل، ثم إذا بأصحاب الخطاب التكفيرى بدلا من أن يسعوا إلى العمل الإصلاحى والارتقاء بأخلاق الناس ومشاعرهم، إذا بهم يأمرون الناس بالبر ونسوا أنفسهم، جعلوا كل فقههم حرمان خلق الله من رحمة الله، فجعلوا الجنة لهم وحدهم، وفعلوا ما نهانا الله عنه عندما أعلمنا بخبر الأمم التي سبقتنا بقوله «وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم».

فتنة عصركم أيها الناس هي توسيع دائرة التكفير، واضمحلال التفكير، والتمسك بالفروع، وإهدار الأصول، أنتم أمة «اقرأ» ولا تقرءون، وأمة «اعملوا» ولا تعملون، وأمة «يسروا» ولا تيسرون، وأمة عمِّروا ولا تعمرون، وأمة اجتهدوا ولا تجتهدون، وأمة ارحموا ولا ترحمون، وأمة لا تكذبوا وتكذبون، وأمة أتقنوا ولا تتقنون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الجريدة الرسمية