رئيس التحرير
عصام كامل

عفوا أيها القانون.. بأي ذنب قتلت؟


ليست الضحية الأولى ولن تكون الأخيرة.. وبالفعل هي ليست أيضا الأخيرة فبعد الجريمة الشنعاء التي أدمت قلوبنا جميعا وراحت ضحيتها الطفلة البريئة زينة ذات الخمسة أعوام.. تم ارتكاب ذات الجريمة ضد طفل آخر يدعى أحمد عوض عادل.. حتى وإن اختلفت التفاصيل لكن تبقى بشاعة الجريمة واحدة.. وتبقى العدالة غائبة ويبقى العدل منقوصا..


والمأساة الحقيقية تكمن في عدم وجود قانون رادع يحمي أرواح أطفالنا ويحمي حقوقهم.. فوثيقة حقوق الطفل التي أعاقت القضاء من القصاص العادل للطفلة زينة وإصدار حكم بالإعدام على مرتكبي الجريمة البشعة في حقها بحجة أنهما طفلان لم يبلغا الثامنة عشرة بعد والتي تم توقيعها عام 2006 على أساس أنها حامية حمى حقوق الطفل المصري لم تكفل له على أرض الواقع أية حقوق فعلية.. فزواج الفتيات القاصرات والأطفال منهن لا يزال يتم على مرأى ومسمع من الدولة دون أن تحرك ساكنا لإنقاذهن من هذا المصير الذي يغتال طفولتهن.. أما عن أطفال الشوارع ومشكلاتهم فحدث ولا حرج، هذا خلاف عمالة الأطفال التي يجرمها القانون بخلاف التجارة بهم..

هذه الوثيقة لم تضمن حماية حقوق الطفل على أرض الواقع ولكنها في الوقت ذاته أهدرت حق طفلة بريئة تم اختطافها واغتصابها وقتلها عمدا على يد اثنين مجرمين لا يجوز وصفهما بأنهما طفلان.. فالطفل لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يفكر في ارتكاب مثل هذه الجريمة اللإنسانية واللأخلاقية ويقوم بتنفيذها بدم بارد كما فعل هذان المجرمان.. فالقانون أي قانون إنما تم تشريعه لحماية حقوق الناس فكيف لنا أن نتمسك بقانون أهدر حق طفلة بريئة دون أي ذنب أو جريرة سوى أنها تعيش في بلد وقع على وثيقة حقوق الطفل التي تحمي مرتكبي الجرائم الجنائية كالاغتصاب والقتل وتهدر حق الضحية؟!..

مع العلم أن الولايات المتحدة الأمريكية، البلد الذي يدعي أنه يحمي الحقوق والحريات، لم توقع على هذه الوثيقة من الأساس وتطبق عقوبة السجن المؤبد على من هم دون الثامنة عشرة من العمر.. ولا تزال تطبق عقوبة الإعدام على البالغين والتي أوصت منظمة العفو الدولية بإلغائها على الإطلاق بحجة أنها تسلب الإنسان حقه في الحياة مع إغفال أنها القصاص العادل ضد من قام بسلب حياة إنسان آخر عامدا متعمدا.. والسؤال المهم هنا لماذا تتبنى منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية في بلداننا ما يهدر حق الضحايا ويمنح للجناة حقوقا لا يستحقونها من الأساس في حين أن الدول التي تصدر لنا هذه الوثائق لا تعمل بها؟..

والسؤال الأهم إلى متى سنظل نعاني نحن في مجتمعاتنا قوانين لا تقيم عدلا ولا تحقق عدالة؟.. عفوا أيها السادة المشرعون نحن بحاجة ماسة إلى تعديل هذه القوانين المعيبة لتمكين القضاء من إصدار أحكام تكفل القصاص العادل في الجرائم الجنائية كالاغتصاب والقتل العمد وتحقيق العدل الذي هو أساس إصدار الأحكام القضائية.. فالقاتل حين يتم إعدامه حتى وإن كان حدثا فهو يتلقى جزاء ما ارتكبه من جريمة جنائية.. أما زينة الطفلة البريئة فبأي ذنب قتلت؟.. وكيف لنا نحن وأطفالنا أن نعيش آمنين في مجتمع تقتل البراءة فيه ثم يرقص قانون معيب على أشلائها؟!
الجريدة الرسمية