رئيس التحرير
عصام كامل

مبادرة أوربية للحوار حول دور الإعلام في النزاعات الدينية والثقافية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تستعد هيئات إعلامية من أوربا والعالم الإسلامي لتفعيل مبادرة باقامة مركز أوربي للحوار حول دور الإعلام إزاء النزاعات الدينية والثقافية. 

ومن المقرر أن يحتضن البرلمان الأوربي خلال العام الجديد ملتقى إعلاميا اقترحه نائب اشتراكي فرنسي.

ومن جانبه اقترح النائب الاشتراكي الفرنسي في البرلمان الأوربي، جيلز بارنيو، عقد لقاء إعلامي في البرلمان الأوربي في بروكسل، خلال السنة الجديدة (2014)، يشارك فيه إعلاميون من العالمين الغربي والإسلامي بهدف الحوار حول نبذ الصورة النمطية المتبادلة في وسائل الإعلام بين الجانبين.

النائب الأوربي عرض اقتراحه أمام ملتقى للخبراء في مجال الإعلام احتضنته أخيرا مدينة ليل الفرنسية بتنظيم مشترك بين المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) ومعهد ابن سينا للعلوم الإنسانية في ليل. 

ولقى الاقتراح ترحيبا من المشاركين في الملتقى الذي أوصى بتنظيم اللقاء والعمل على إنجاحه.

وأوضح النائب الفرنسي لـDW أن اللقاء الإعلامي الذي اقترحه، سيكون فرصة للحوار بين خبراء وإعلاميين وصناع قرار من دول أوربية وإسلامية، بهدف تجاوز الأحكام المسبقة والصور النمطية المتبادلة والمنتشرة على نطاق واسع في وسائل الإعلام.

أرضية للحوار 
يقترح خبراء أن ينطلق الملتقى المزمع عقده برعاية البرلمان الأوربي، بمناقشة وثيقة اعتمدت في اجتماع مدينة ليل بعد سلسلة مناقشات ومشاورات نظمت برعاية ايسيسكو ومؤسسات أكاديمية وإعلامية أوربية في مدن أوربية وعربية، وهى بمثابة منهاج لتكوين الصحفيين من العالمين الغربي والإسلامي، وأعد الوثيقة فريق من الخبراء على رأسه الأكاديمي المغربي عبد الوهاب الرامي.

ويهدف المنهاج إلى مساعدة الصحافيين في معالجة القضايا الإعلامية الشائكة المتصلة بقضايا العلاقات بين الأديان والثقافات والاثنيات، وغالبا ما تتسبب في اشتباكات ونزاعات، على غرار الرسوم المسيئة للنبي محمد وفيلم "براءة المسلمين" الذي أنتج في أمريكا وأثار ردود فعل غاضبة في العالم الإسلامي، كما تسبب في مقتل السفير الأمريكي في ليبيا.

ويعتقد الخبير محجوب بنسعيد مدير الاتصال في إيسيسكو أن تجاوز الأحكام السلبية والصور النمطية المتبادلة، يتطلب حوارا معمقا حول"المفاهيم والخلفيات الثقافية والأرضية الاجتماعية المختلفة التي يعمل في إطارها الإعلاميون" وينتج عنها معالجة متباينة للقضايا المطروحة. 

فما يعتبره إعلاميون في العالم الإسلامي "مسا بالمقدسات" يتعامل معه إعلاميون آخرون في دول أوربية باعتبارها قضايا تتعلق بـ"حرية التعبير والفن".

ودعا بنسعيد الإعلاميين في الدول الغربية لمراعاة ظروف الانتقال التي تعيشها بلدان الجنوب، حيث ما تزال بصدد بناء وتطوير قواعدها القانونية والمؤسساتية التي تنظم ممارسة حرية التعبير، بما يلائم المواثيق العالمية لحرية الإعلام.

وبرأي الخبير الفرنسي، ايف رونار، مدير تنمية التعاون الدولي في معهد الصحافة بليل (شمال فرنسا)، فإن أنجع السبل لإقامة جسور تعاون بين الإعلاميين في العالمين الغربي والإسلامي، تكمن في التركيز على"الجانب العلمي والواقع اليومي لحياة الناس التي يعالجها الإعلاميون".

وأوضح رونار أن أداء الإعلامي هو إلى حد كبير انعكاس لمجتمعه أو فئات من المجتمع. إذ لا يمكن للصحفي أو وسيلة الإعلام أن يكون ضد جمهوره. 

لكن يتعين الاجتهاد من أجل البحث عن المشترك مع الثقافات الأخرى من خلال بلورة نماذج عملية وواقعية تشجع الحوار والتفاهم.


قضايا خلافية
ورغم إقرار الجانبين من إعلاميي العالمين الغربي والإسلامي بوجود مبالغات وأحكام مسبقة وتصورات سلبية عن الآخر، فأن الخلاف قائم في النظرة لدى الجانبين، وحتى في داخل المؤسسات الإعلامية نفسها، حول المدى الذي يمكن أن تذهب إليه حرية التعبير وتناول القضايا الحساسة في الأديان والثقافات الأخرى.

وبرأي الخبير المغربي في القانون الدولي، على كريمي، فإن المؤسسات الدولية بدءا من الأمم المتحدة ووصولا إلى المنظمات الإقليمية في أوربا والعالم الإسلامي، باتت متفقة حول قواعد ومواثيق ترفض الإساءة للأديان والأنبياء، وتذهب بعض تلك القواعد القانونية إلى حد فرض عقوبات على من ينتهك المقدسات الدينية.

بيد أن هذه المسألة تثير الخلاف، لدى الأوساط الإعلامية، فبالنسبة لدومينيك برادالييه أمينة النقابة الوطنية للصحافة الفرنسية( سي أن جي)، فأن معالجة الإشكالات المتعلقة بسوء التفاهم أو النزاعات الثقافية في الإعلام، لا يمكن أن يتم عبر إجراءات قانونية عقابية، بل من خلال هيئات الصحافيين أنفسهم.

وهى ترى أن الاحتكام للمواثيق المهنية والقواعد التي تنظم عمل الصحافيين، كفيل بمعالجة المشاكل الناجمة عن الإساءات للأديان أو الثقافات الأخرى. وبرأيها فإن "وضع قيود قانونية جزائية من شأنها التضييق على حرية الصحافة والتعبير".

ودعت الإعلامية الفرنسية إلى وضع قوانين تحمي مصادر الصحافيين وتجنبهم الضغوط التي يتعرضون لها أثناء أداء عملهم.

ويعتقد خبراء شاركوا في ملتقى مدينة ليل أنه بالإضافة إلى وثيقة منهاج تكوين الإعلاميين، سيكون لإحداث مركز أوربي لتكوين الصحافيين من العالمين الإسلامي والغربي على مبادئ التسامح ونبذ الصور النمطية المتبادلة في وسائل الإعلام المختلفة، الذي أقره الملتقى، دور إيجابي في تفعيل الحوار وتقليص الفجوة بشأن القضايا الخلافية.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل

الجريدة الرسمية