رئيس التحرير
عصام كامل

صخر الغى.. صعلوك شايف نفسه!

فيتو

من صعاليك الجاهلية، شاعر، اسمه الحقيقي صخر بن عبد الله الهذلي أو الخيثمي أحد أبناء بني خيثم، أما الغي هذه فلقب أطلق عليه لخلاعته زي ما نقول على واحد كدا بتاع علاقات غرامية إنه فلانتينو مثلًا، لأن الغي دي جاية من غوى والغاوي ينقط بطاقيته وغوى على وزن هوى يعني كان الرجل يتبع قلبه حيث يكون الاستمتاع بالحياة، أو جايز أطلق عليه اللقب دا لبأسه وكثرة شره وضلاله.

صاحبنا صخر كان له ثلاثة من الإخوة.. الأول اسمه الأعلم ودا الأخ الكبير والتاني اسمه صخير والتالت أبو عمرو، والأربعة دول كانوا عاملين فريق مرعب اسمه «صخر وإخوته» وكان شعار هذا الفريق إحنا الفتوات بتوع الغزوات، نفوت في الحديد ولا يهمنا بني المصطلق ولا حتى بني عبيد، وجميعهم كانوا من العدائين الذين يحسنون التخلص من خصومهم ويشكلون عصابة ويغيرون على القبائل.
واضح إن العلاقة بين الصعلكة والعدو زي علاقة شهر رمضان بفوازير نيللي وشريهان أو علاقة الإخوة بالعشيرة أو الثورة بالتفويض يعني علاقة متلازمة متجذرة متقعقرة متدثرة وواصلة من تحت لحد الشواشي.
وعن علاقة صخر بإخوته فقد ورد فيها أخبار كثيرة.. وهناك قصة تروي أن الأعلم أنقذ أخويه صخر وصخير من العطش الظاهر إذ أنهما تاها في الصحراء في غزوة من غزواتهم والمية اللي معاهم خلصت فقال لهما خليكوا هنا وراح هو في شيء من المغامرة نزل على قوم بينهم عداء وأحضر لهم الماء في قربة ورجع ليهم بيها بعد ما خلاص كان قربوا يعموا من العطش.
وهناك قصة أخرى لصخر ينعي فيها أخاه أبا عمرو اللي نهشته حية برضه في غزوة من غزواتهم ومات في ساعتها فقال:
لعمر أبي عمرو لقد ساقه المنا *** إلى جدث يوزي له بالأهاضب
ومن هذه القصص التي وردت عن أخباره بإخوته يتضح أن هذه العلاقة كانت زي السمن على العسل وكانوا إيد واحدة، وهما الأربعة كونوا تشكيلا عصابيا مرعبا لم تفلح المؤامرات في تفريقه ولم يفرقهم غير الموت.
ولصخر معارك خاضها مع بعض الصعاليك المنافسين أو شعراء معاصرين له ومن هؤلاء شاعر اسمه «أبو المثلم» وقصة الخلاف اللي بينهم بدأت بأن هناك شخصا يطلق عليه المزني والظاهر إن المزني دا كان مضايق صخر حبتين وهو كان جار لأبي المثلم، المهم الحكاية اتطورت بين صخر والمزني فقتله صخر، فمشى أبو المثلم إلى قومه، وبعثهم على مطالبته بدم جارهم المزني والإدراك بثأره، فبلغ ذلك صخرًا فقال:
ولست عبدًا للموعـدين*** ولا أقبل ضيمًا أتى بـه أحـد
يعني كان عايز يقلهم أعلى ما في خيلكوا اركبوه واللي أنتوا عايزين تعملوه ميهزش شعرة من رأسي.
وكان له خلاف آخر شهير مع صعلوك آخر اسمه «تأبط شرا» والخلاف دا تطور إلى عداء شديد، واضح إن هما كانوا بيغلوا على بعض شوية وكان في تنافس على الغزوات بينهم وبما إنهم الاتنين صعاليك زي بعض فكان صخر دايما بيقول ما يكرهك إلا ابن كارك، وكان صخر دايما بيتريق على تأبط شرا وكان مسميه ابن ترني.
توفي صخر الغي في عصر صدر الإسلام ونهايته كانت على إيد بني المصطلق وهم من خزاعة، وذلك في واحدة من تلك الغزوات لأن عصابة صخر وإخوته كان باين عليها في اليوم دا مش مستعدة ولا إيه وهو كان مستعجل على الغزو فقال لعصابته خلاص هسبقكوا أنا وأنتوا ابقوا حصلوني فقالوا له بلاش استنى نمشي سوا ليقتلوك وأنت لوحدك فرد عليهم بعنطظة وقال لهم دا لو حد يفكر يبصلي دا أنا أبيع السيف دا وأشتري بيه «توك توك» وأشغله بالنفر في شعاب مكة، لما تجهزوا ابقوا حصلوني وفعلًا سبق أصحابه إلى الغزو فتأخروا عنه فاجتمع عليه أعداؤه وقتلوه.. الغريبة إنه لما كان بيفرفر وبيطلع في الروح قال كلمة غريبة حيرت بني المصطلق ومقدروش يفهموها لدرجة إنهم افتكروها كلمة سر أو شفرة وجابوا كبيرهم اللي فتح المندل عشان يحاول يفك الشفرة فقال لهم: الظاهر إن دا دين جديد قد اتبعه صخر..
والكلمة اللي كانت محيراهم قوي كانت «شرعية شرعية»!
الجريدة الرسمية