رئيس التحرير
عصام كامل

"الإخوان" أرادوا كل شىء


من المنطق أن نفترض أنه لو شاور رئيس المحكمة فى القاهرة زملاءه الصغار من حكام كرة القدم، فربما قضى بقضاء مختلف ولم يحكم بالموت على 21 مشجعا لكرة قدم، بتهمة مشاركتهم فى أحداث فبراير الماضى الدامية والتى أدت لمقتل 72 مشجعاً فى مجزرة حقيقية.

ربما كان حكم كرة القدم يذكر رئيس المحكمة بأن هذا الحكم أكبر من أن يصدر بحق مشجعى كرة قدم، وأن وقوع أكبر مأساة فى تاريخ كرة القدم المصرية ليس مسئولية المشجعين وحدهم، وإنما ايضاً مسئولية قوات الأمن والسلطات المصرية التى أظهرت عجزا مخيفا فى التعامل مع المأساة ومنع تطورها إلى تلك الحالة المرعبة.
وكان يجب على القاضى أن يتذكر أنه فى أحداث ميدان التحرير التى أفضت إلى سقوط مبارك أدى مشجعو نوادى كرة القدم ولاسيما نادى الأهلى دورا مهما. وقد رأى كاتب هذه السطور آنذاك تأثيرهم الكبير فى الميدان. لكن ما كان يجب على القاضى فقط أن ينتبه إلى ذلك بل كان يجب ذلك على الرئيس محمد مرسى أيضا.
إن مصر بعد سنتين من سقوط مبارك هى مصر هشة غير مستقرة جدا. فالدولة على شفا فوضى سياسية واجتماعية واقتصادية فى الأساس. وقد استولى الإخوان المسلمين بصورة طبيعية تقريبا على السلطة لكنهم لم يستولوا بنفس الصورة الطبيعية على الشارع كله. فالمعارضة الليبرالية التى أسقطت نظام مبارك غير ناضجة للحكم لكنها ذات خبرة بالمظاهرات. ويفترض أن يفوز الإخوان أيضا فى انتخابات مجلس الشعب المخطط لها إذا تمت أصلا فى شهر إبريل، لكن ليس من الواضح أى ثمن سيدفعون.
لم يأمل الإخوان المسلمين هذا المولود حينما عزلوا المجلس العسكرى عن تولى السلطة واستقرت آراؤهم على إدارة مصر وحدهم. انتظر الإخوان المسلمين هذه اللحظة منذ 1928 لكن صبرهم نفد. فأرادوا كل شىء (الرئاسة والأغلبية فى مجلس الشعب ودستورا جديدا)، مثلما أرادوا أن يتحقق ذلك سريعا. وقد غفر الجيش لمرسى العملية الخاطفة، لكنه يريد مقابل ذلك الاستقرار والمصالحة الاقتصادية.
يستطيع مذنبو نهاية الأسبوع الاعتراض على الحكم بالطبع، فالحكم بالإعدام فى مصر ليس نهائيا إلا إذا وقع عليه على جمعة المفتى الأعلى لمصر وهو أعلى سلطة دينية فى الدولة. والحديث على نحو عام عن خطوة صورية فقط، وقد يطلب الاخوان من المفتى فى هذه المرة وهو خاصة لا يحب المتطرفين، أن يتدخل. فعلى جمعة شخص لا يحب العنف وسفك الدماء ولا يؤيد العنف كما يقول إلا إذا كان الحديث عن عمليات انتحارية موجهة على إسرائيل لأن 'فلسطين حالة مميزة'.
يجب على على جمعة أن يفهم أن مصر اليوم أعنف من فلسطين بأضعاف مضاعفة.
-نقلاً عن إسرائيل اليوم-
الجريدة الرسمية