رئيس التحرير
عصام كامل

معارك وهمية


خلال هذا الأسبوع، وقع أكثر من حادث يستحق أن يتصدر المشهد على الساحة فى مصر، ويكون فى مقدمة الاهتمامات ويحظي بتعليقات المواطنين وانشغالهم، يتصدرها الخلاف الدائر حاليا حول المادة 219 ومواد الهوية وتصريحات شيوخ حزب النور المستفزة، والتي تؤكد بوضوح أنهم سينفذون ما يريدونه فى مواد الدستور وكأنهم مازالوا يعيشون فى وهم حكم الإخوان، والأغرب من إصرار شيوخ حزب النور على عدم تغيير هذه المادة هو صمت باقي التيارات الأخري داخل لجنة الخمسين وعدم وجود مناقشة جادة حول هذه الأزمة.


أيضا الاشتباك الدائر حاليا بين مجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية حول الاختصاصات، فكل طرف يريد أن يضم لنفسه جميع المميزات والمكاسب، أما حق المواطن البسيط فى معرفة أهم ما جاء فى الدستور وما له وما عليه على يد قضائه، فهذا له موضع آخر.

من الأمور الهامة التي وقعت خلال الأسبوع الحالي تصريحات مسئولي الإمارات خلال زيارة الوفد المصري برئاسة رئيس الوزراء أن المساعدات الإماراتية لن تستمر طويلا وأنه على المصريين أن يتدبروا أمورهم بأنفسهم ويفكروا فى حلول غير تقليدية، وفعلا أصاب الإماراتيون.

فالتسول لا يبني اقتصادا والمساعدات لا تنقذ وطنا وشكرا لهم على كل ما قدموه إلى مصر خلال الفترة الأخيرة.

ومن القضايا الهامة التي لم تغفلها عين فى مصر أيضا المظاهرات التي ينفذها طلاب الإخوان داخل الجامعات المصرية واقتحام جامعة الأزهر برعاية قادة الإرهاب، ظنا منهم أن المعزول سيعود على يد التلاميذ للحكم مرة أخري.

وعندما تجتمع هذه المشاكل والأزمات فى وطن فمن المؤكد أن هذا الوطن يعيش على أجهزة التنفس الصناعي وأنه يحتاج مجهودا كبيرا حتي يتحرك بمفرده، وحتي يتحقق هذا فمن المؤكد أن مواجهة هذه المشكلات تحتاج شعبا يدرك فقه الأولويات ويعلم جيدا طبيعة المرحلة التي يعيشها وأنه بحاجة إلى جميع المخلصين من أبنائه حتي يتجاوز هذه المرحلة الحرجة، وفي سبيل تحقيق هذا لابد أن يتنازل هذا المجتمع عن النظر إلى صغائر الأمور والانشغال بما لا يعود بالنفع على الوطن والتوقف عن التفاهات، وإذا لم يحدث فمن المؤكد أن هذا المجتمع يعيش فى عالم افتراضي ومصاب بالهلوسة وعدم الاتزان ومخاصمة الفهم.

وهذا ما حدث بالفعل خلال الأسبوع الماضي، فقد استبد بنا الفراغ وتركنا كل ما يواجهنا من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية وأغلقنا جميع منافذ التفكير فى حلها وتفرغنا للتعليق على حلقة برنامج باسم يوسف الأخيرة، ودار الجدل حول خروجه عن الذوق والأخلاق والأدب وهل التلميحات الجنسية والجمل البذيئة مقصودة أم أنها زلة لسان؟ وهل تطاوله على المؤسسة العسكرية "الذي رفضه الجميع" الدافع له مجد شخصي لكسب كل التيارات أم أن مقدم البرنامج تغيرت انتماءاته السياسية بعد سقوط الإخوان، ورغم حالة الجدل التي صنعها البرنامج بعد عودته إلا أنه لا يتجاوز أن تكون حلقة فى برنامج له جماهيرية كبري وأن التفرغ لتحليل الحلقة ليس له مسمي سوي الفراغ وأن هذا المجتمع رغم قيامه بثورتين خلال عامين لا يحب سوي العيش فى التفاهات وتجاهل عظائم الأمور ويخاصم العمل والإنتاج ولهذا سنظل فى جدل حول ما يقدمه باسم يوسف.
Essamrady77@yahoo.com
الجريدة الرسمية