رئيس التحرير
عصام كامل

دماء لا تنتهي .. وعقول لا تتعلم‏


مكتوب على مصر أن تعانى.. منذ أن اختارت الفقر والجهل طريقا للحياة واختار حكامها إطعام الشعب بدلا من تعليمه، وإخضاعه بدلا من تكريمه، وإرهاقه بدلا من بنائه، مكتوب على تلك البلاد أن تلقى معاملة العبيد فى العالم وأن يذل شعب أجداده حكموا العالم، ويساعد على ذلك الشعب نفسه الذى نسى نفسه ونسى العيش فى العالم ويردد نفس الوتيرة التى ماتت ولم يصبح لها وجود وهى التمسك بالتاريخ والتباهى بما فعله الأجداد.. وتناسى أن العالم الحالى لا يرحم وأن الأجداد ماتوا وماتت معهم إنجازاتهم وعلى كل جيل أن يبحث عن إنجازاته هو.



فقد ولد من رحم الجهل والفقر والتخلف الكثير من الأمراض الاجتماعية التى إن ظهر فى أى مجتمع بشائر مرض واحد فقط منها قد يعصف بها وينهيها ويتسبب فى هلاك أمم وضياع بلاد، فى بلادنا العزيزة مصر حصلنا على صفقة كاملة من تلك الأمراض من تخلف حضارى، ونقاشات بيزنطية، وتعصب طائفى، وعنصرية كاملة، ونفاق مستمر، وفساد أخلاقى، وفساد سياسى، وفساد إدارى، وخيانة معلنة للدولة وللوطن فى كل المستويات والطبقات تحت مسميات مختلفة .

فى مساء أول أمس خرج ملتحيان من مكانهما الساكنين به لصلاة العشاء والإيمان يملأ قلوبهم حيث يبغون الجنة، فركبا "الدراجة النارية الخاصة بهما (الموتوسيكل) وذهبا للصلاة فى إحدى الزوايا وأمهما فى الصلاة شيخهما، وكانوا فى الصف الأول .. فصليا من خلفه وفى نهاية الصلاة سلما عليه وطلبا منه أن يدعو لهما بالتوفيق، فدعى لهما أن يسدد الله خطاهما، فخرجا من مكان الصلاة وسارا فى طريقهما، وفى أحد الشوارع قابلا أحد أعوانهما سلما عليه وأعطاهما لفافة كبيرة بها أشياء حديدية طولها 65 سم متر تقريبا وأكملا بطريقهما. 

وقبل دخولهما للشارع المقصود قام سائق الدراجة بالتوقف فى أحد الأماكن المظلمة حيث قاما بإخفاء وجههما وأصبحا ملثمين لا يرى منهما إلا عيونهما وقاما بإخراج ما بداخل اللفافة ليظهر للعلن رشاشات آلية، حمل كل منهم واحد واضعين إياه بداخل الجاكت الذي يرتديانه ليحميهما من برد الليل، وأكملا طريقهما لداخل الشارع المقصود، وعند دخولهما للشارع كان صوت الأغانى يعج بالمكان واتضح أن بداخله فرح فتوقفا حيث خرج الصوت، وكان المصدر قاعة أفراح بداخل إحدى الكنائس، وفى لمح البصر أخرجا أسلحتهما للعلن وقاما بالتكبير الله أكبر فيما يطلقان رصاصات كالمطر على هؤلاء الأطفال والشيوخ والنساء والرجال الذين قادهم حظهم للوقوف فى مدخل الكنيسة.. دون أن يعلموا أنه حان مصيرهم .

ومع رصاصات الغدر التى أصابت هؤلاء المصريين أمام الكنيسة وتكبيرات الإرهابيين الذين يتقربون إلى ربهم (غير المعروف) بسفك الدماء، كان هذا ملخصا للوضع فى مصر من فقر وجهل وتعصب أصاب معظم الشعب، وتخاذل وفقدان أمن وأمان من الدولة تسبب فى وجود السلاح، وإطلاق عنان خونة الأوطان كلاب الإرهاب للعبث بالوطن .

القضاء على الفقر والجهل والتخلف والتعصب أساس لأى نهضة، القضاء فكريا وجسديا ولا رحمة ولا هوادة حتى مع المتخاذلين من الدولة .
ibra_reda @twitter

الجريدة الرسمية