رئيس التحرير
عصام كامل

الإفراج عن مختطفي "أعزاز" يكشف العلاقة القطرية المشبوهة بالخاطفين.. قطر تغازل حزب الله وإيران بالإفراج عن المخطوفين بعد 17 شهرا.. تركيا دخلت في الخط بعد خطف طياريها في لبنان

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كشف المركز العربي للدراسات المستقبلية عن الدور القطري والتركي في الإفراج عن اللبنانيين التسعة الذين تم اختطافهم منذ 17 شهرًا، وأن تحرّر المخطوفين من يد «ثوار الحرية» في مدينة أعزاز السورية كان بأوامر مشغليهم في قطر التي دفعت لواءها في سوريا لاختطاف اللبنانيين.


ويشير تقرير للمركز إلى أن قطر باتت في مأزق داخل سوريا بعد انحسار دورها، أما علاقتها في لبنان وخاصة مع حزب الله فهى في أسوء حالاتها، لذا كان قرار الإفراج عن المخطوفين لتحسين علاقتها مع حزب الله وإيران، ودخلت تركيا على الخط بعد خطف طياريها في لبنان، فما كان من تركيا وقطر إلا الرضوخ بعد انكشاف مخططها وسقوطهما في مستنقع ضرب سوريا.

المركز كشف أن الجهود الحثيثة التي بذلها مدير الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم تكلّلت أخيرًا بالنجاح، بعد أن قام بجولات مكوكية من المفاوضات أجراها في تركيا وقطر وسوريا وفي كل عاصمة غربية أو عربية خلال الأشهر الماضية، ليعلن إبراهيم -بالأمس- أن المخطوفين اللبنانيين التسعة صاروا في عهدة السلطات التركية، بعدما أفرج عنهم خاطفوهم وسلموهم إلى منظمة دولية اجتازت بهم الحدود السورية - التركية.

ومن المنتظر أن يصل المحرَّرون إلى بيروت اليوم أو غدًا على أبعد تقدير، في طائرة يستقلها وزير خارجية قطر خالد العطية الذي أصرّ على إيصال اللبنانيين التسعة إلى بلادهم سالمين، في محاولة لتحسين وجه قطر في لبنان.

أسباب عديدة ساهمت في التوصل إلى الحل، بعد عملية الاعتقال الطويلة -حسبما أشار تقرير المركز- في الميدان السوري، حيث سيطر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) على مدينة أعزاز، ولاحق مقاتلي «لواء عاصفة الشمال» الذي يحتجز اللبنانيين، وبات مقاتلو اللواء في خطر، فرعاة «عاصفة الشمال» في تركيا وقطر لم يتمكنوا من تحصيل ثمن سياسي من حزب الله وإيران لقاء تحرير المخطوفين.

وفي ظل هجوم «داعش» وإمكان تصفيتها للبنانيين في حال وقعوا بين أيدي مقاتليها، صار الزوار التسعة عبئًا على القطريين والأتراك -وفقما أكد التقرير- والدوحة تنسحب من سوريا، ولا مصلحة لها في إبقاء هذا الجرح النازف الذي يوسع الهوة بينها وبين حزب الله وإيران.

وفي ظل تقدّم السعودية في الميدان السوري على حساب القوى المسلحة التابعة للدوحة وأنقرة، أتت عملية خطف الطيارين التركيين في لبنان لتزيد من ثقل حمل المخطوفين اللبنانيين على كاهل السلطة التركية.

وعلى هذه الخلفية، وُضِعَت اللمسات الأخيرة التي أدت إلى حل قضية المخطوفين اللبنانيين في أعزاز، خاطف اللبنانيين، عمار الداديخي المعروف بأبو إبراهيم، قُتِل، وتنظيمه الذي كونه من مهربين وقطاع طرق يحتضر تحت ضربات «داعش»، وراعيتاه تركيا وقطر تتراجعان في الميدان السوري، ولم يحقق خاطفو اللبنانيين شيئا سوى أن ملف المخطوفين كان مفتاحًا استخدمته قطر عندما أرادت فتح باب التواصل مجددًا مع حزب الله في لبنان، ومع إيران على الضفة الأخرى من الخليج.

وفي المحصلة كانت قطر المسئولة الأولى عن الخاطفين –تقرير المركز- تمويلًا ورعاية وتسليحًا، وبعد 17 شهرًا على ارتكابها خطيئة الخطف، قررت الدوحة «التكفير عن ذنبها»، فأطلقت اللبنانيين.

وفي المقابل، يغلق الإفراج عن المخطوفين التسعة ملف المخطوفَين التركيين في لبنان، فبحسب مصادر خاطفيهما، فإنهم سيطلقون سراحهما فور صدور بيان رسمي تركي يُعلن أن المخطوفين اللبنانيين باتوا على الأراضي التركية، ما دفع رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان لقوله: «توصلنا إلى تطورات إيجابية بشأن الإفراج عن الطيارين التركيين».

وكان وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية سليم جريصاتي قد أعلن أمس أن «المعادلة في المنطقة تغيّرت، والوساطات جدية على صعيد السعي لإطلاق سراح مخطوفي أعزاز».

من جهة أخرى، لا يزال لبنان «يستعطف» الدول المانحة لمساعدته في موضوع النازحين السوريين قبل الوصول إلى كارثة إنسانية، فيما أعلن الاتحاد الأوربي تقديم 70 مليون يورو للمساعدة

وكان رئيس الجمهورية اللبناني ميشال سليمان جمع في قصر بعبدا سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي ونبّههم إلى «أن المشاركة في الأعباء المالية ما زالت غير كافية، فيما لا تزال المشاركة في تقاسم الأعباء العددية رمزية»، ودعا إلى عقد اجتماعات أخرى لمتابعة هذه المسألة.
الجريدة الرسمية