رئيس التحرير
عصام كامل

اللاجئون العرب في ألمانيا يواجهون واقعًا صعبًا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

في ظل الإحصائيات التي تشير إلى زيادة عدد اللاجئين وطالبي اللجوء إلى ألمانيا، إلا أن حلم الوصول إلى "الجنة الموعودة" سرعان ما يصطدم بواقع صعب في بلدهم الجديد.


يستعدون للتدريب على رقصة في عرض مسرحي في مهرجان فيستيفالا، الذي تنطلق فعالياته الـ17 من أكتوبر الجاري، شباب يبدون مفعمين بالحيوية، ولكن في عيونهم نظرة انكسار، إذ ينتظرون أي أخبار عن الوطن، وحينما علموا أن هناك زائرين من بلدان عربية، تهللت وجوههم وبدءوا في الضيافة بكرم بالغ.

ويقام المهرجان المسرحي الشبابي سنويا لتسليط الضوء على قضايا اجتماعية تهم الشباب في ألمانيا وأوربا والعالم، ويشارك في المهرجان مشروع أمبولسه البرليني، وهو منظمة ثقافية اجتماعية تهدف إلى مساعدة اللاجئين من الشباب على تجسيد معاناتهم الحياتية بشكل إبداعي، عن طريق المسرح والموسيقى.

كانت رقصتهم تشبه رقصة الأحلام في خطواتها، إذ فروا من حروب دامية في بلادهم، ويحلمون بالجنة الموعودة على أرض أوربا، وفي حوار مع DW عربية قال أحد الراقصين: "لا أريد أن اذكر اسمي لأني اشعر بصعوبة بالغة في تقبل ما عانيت.. لقد تركت زوجتي في منتصف الطريق من سوريا إلى هنا في إحدى الدول الأوربية، حيث قبض عليها على الحدود أثناء عبورنا معًا.. لا أدري ما الخطوات القانونية لمحاولة لم الشمل، خاصة أني لم أحصل بعد على حق اللجوء في ألمانيا".

النور أحمد، لاجئ سوداني شاب، يقول إنه جاء إلى برلين قبل عام ونصف العام هربًا من الحرب في جنوب السودان. "كغيري لم آت إلى هنا طمعًا في حياة رغيدة، لكننا نريد فقط حياة كريمة.. من أبسط حقوقنا حرية التنقل، قد خرجنا من بلداننا المسجونة داخل حروبها إلى سجون أخرى، ممنوع فيها على اللاجئ، الذي لم يحصل بعد على حق اللجوء بشكل رسمي، أن ينتقل من مقاطعة إلى أخرى".

أما حصولهم على عمل فقيد آخر في هذا السجن "لنا حقوق ولسنا بمجرمين.. المجرمون فقط هم من يتم عقابهم بمنعهم من حرية التنقل، لكننا نُعاقب على جريمة تقترفها الحكومات في بلداننا".

قصة لجوء أخرى، قد لا تختلف عن الأولى بالكثير من التفاصيل، لكن بطلها يحبوه الأمل.. فرأس الشاطر، شاب سوري، دفعته الحرب في بلاده إلى هجرها والبحث عن السلام في برلين هو الآخر، عن ذلك يقول الشاطر: "وضعي مختلف عن كثير من اللاجئين الآخرين، فأنا لاجئ سياسي، إذ كنت ناشطًا سياسيا في سوريا وشاركت في الدعوات والتجهيز للتظاهرات ضد نظام الأسد".

اعتقل الشاطر أربع مرات خلال عامين، إحداها كانت على يد المخابرات الجوية السورية، وعانى فيها التعذيب البدني والحرق بالبلاستيك، "كما اعتقلتني أيضًا اللجان الشعبية والتي يُطلق عليها شبيحة النظام وأخرى كانت على يد إحدى الجماعات الإسلامية".

لكن لحسن حظه فقد تم استبداله في عملية تبادل للأسرى بين الجماعة الإسلامية والجيش الحر، "بعدها سافرت إلى المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر شمال سوريا وبدأت في العمل كمصور صحفي ومراسل لوكالات أجنبية".

من خلال هذا العمل واصل الشاب السوري نشاطه السياسي: "كان لي صديق يصنع فيلمًا عن الثورة السورية ويقيم في الأصل بألمانيا، مات صديقي أثناء وجودي بالمعتقل في انفجار أثناء تصويره للفيلم، وطلبت مني شركة الإنتاج إكمال الفيلم، فجئت إلى ألمانيا لإنهاء فنيات الفيلم"، لكن أصدقاءه هنا نصحوه بعدم الرجوع إلى سوريا فمكث لاجئًا سياسيا.

ويأمل الشاطر في أن يحصل قريبًا على المستمسكات القانونية كلاجئ سياسي، "وتصبح أمامي الفرصة للعمل والدراسة وسأكمل دراستي في التمثيل، التي كنت قد بدأتها في سوريا وأوقفها اعتقالي".

في زاوية من المكان يجلس لورانس، الشاب الكردي القادم من عامودا السورية، محتضنًا عوده، ويغني للحاضرين، لورنس جاء إلى ألمانيا قبل أربعة أشهر ولم يتغير شيء من وضعه ولم يصبح لاجئًا رسميا بعد، ويشارك في المسرح والغناء من أجل اللاجئين، "فالغناء يذكرني بالوطن ويجعلني أتناسى أنني وحيد هنا"، لكن لورنس يأمل في تحسن الأوضاع سريعًا.

موسيقي آخر وقصة لجوء أخرى، أحمد يحاول خجلًا تجنب الكاميرا، فالشاب السوري جاء ليشارك في العزف على الفلوت بمهرجان شبابي للموسيقي الكلاسيكية ببرلين، وبعد انتهاء المهرجان قرر أن يبقى في ألمانيا بسبب الأوضاع السيئة التي عاناها في سوريا.

ويضيف أحمد، الذي اكتفى بذكر اسمه الأول: "حاولت البقاء في سوريا ولم أستطع بسبب ضراوة الحرب، سافرت إلى تركيا لمدة ستة أشهر، لكني لم أستطع خلالها الدراسة أو العمل"، سافر الموسيقي الشاب إلى العراق، ومنها إلى ألمانيا، التي طلب فيها حق اللجوء ويأمل في أن يكمل دراسته الموسيقية ودراسة اللغة الألمانية والانضمام إلى فرقة موسيقية.

لكن كل هذه الأحلام تبقى متوقفة على موافقة السلطات الألمانية على طلبه، وحتى ذلك الحين يجب عليه كغيره من اللاجئين التأقلم مع مجتمع جديد وإيجاد طريقة لكسب العيش والاندماج في الحياة اليومية، وهذا ليس بالشيء السهل على الكثيرين، خاصة أولئك الذين يتركون عائلاتهم خلفهم ويتمنون أن يلتئم شملهم ذات يوم من جديد.
الجريدة الرسمية