رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا الاهتمام بالغرب؟


الأديب الإنجليزي كبلينج، يقول «الغرب غرب والشرق شرق».. أي أن الغرب له عاداته وتقاليده وأفكاره ومصالحه، التي أبدا لن تتفق مع مصالح الشرق وعاداته وقيمه تقاليده، وأن الغرب لن يرضى أبدا عن الشرق...


أقول هذا بمناسبة اهتمامنا الزائد في مصر بما يقال عنا في الخارج، سواء من المسئولين في أوربا وأمريكا أو في وسائل الإعلام هناك، ونفرح ونهلل حينما يتم ذكرنا بشيء إيجابي حتى لو كان ذلك من صحيفة تحت بئر السلم ونملأ الدنيا ضجيجا حينما يذكر المسئولون في الغرب الثورة المصرية بسوء.

حدث ذلك مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حينما اعترف بشكل غير مباشر أن ٣٠ يونيو لم يكن انقلابا عسكريا وأن حكم الرئيس المعزول كان فاشلا، فكان خطاب أوباما محور اهتمام كل وسائل الإعلام المصرية وبرامج التوك شو وكأن كلام الرئيس الأمريكي مقدس أو منزل من السماء، الغرب يعلم جيدا أن ٣٠ يونيو ثورة شعبية، ولم تكن انقلابا وأن الجيش استجاب لرغبة الشعب وأنه حما مصر من حرب أهلية، والموقف الغربي من الثورة المصرية ليس ناتجا عن نقص معلومات لأن لديه وسائل إعلامه في مصر وكذلك سفاراته وهي بمثابة أجهزة مخابرات، يعلمون كل كبيرة وصغيرة.. فالموقف الغربي من الثورة المصرية نابع من مصالحه التي كانت مرتبطة بحكم الإخوان.

ولذلك، فلا غرابة أن تجد دولة مثل ألمانيا والتي أهانت الرئيس المعزول في زيارته الوحيدة إليها، وكلنا يعلم ماذا فعلت ميركل في مرسي ورفضت كل طلباته وقيل في الصحف الألمانية إن مرسي كان يريد إلغاء الزيارة بسبب الظروف السياسية في مصر وقتها ولكن المستشارة الألمانية رفضت وأصرت على الزيارة، وقالت للرئيس الفرنسي الذي ألغي زيارة مرسي إلى فرنسا، قالت ميركل «إنها سوف تستقبل مرسي لكي تعطيه درسا في كيف يكون الحكم؟.

حتى الرئيس الفرنسي نفسه الذي رفض استقبال مرسي دافع عنه بشدة، الغرب أيضا الذي يعتبر حماس منظمة إرهابية يتعامل مع الإخوان رغم أن حماس فرع من الإخوان، وليس ببعيد علينا؛ كيف كانت أمريكا تدعم أسامة بن لادن في أفغانستان وحينما انتهت مهمته اعتبرته إرهابيا هو وتنظيمه وقتلته، إن تعامل الغرب مع الثورة المصرية نابعٌ من مبدأ أنه لا توجد صداقة دائمًا ولا توجد عداوة دائمًا، ولكن توجد مصلحة دائمة فالإخوان قدموا للغرب خدمات جليلة وهذا هو سر تمسكهم بهم ودفاعهم عنهم حتى الرمق الأخير وأكبر خدمة قدمها الإخوان للغرب هي تجميع كل الإرهابيين في مصر من كل دول العالم، ولذلك على مدى عام كامل فترة حكم محمد مرسي، لم تحدث عملية إرهابية في العالم ولم يتم تفجير خط الغاز في سيناء مرة واحدة، ومصالح الغرب إطلاقا لن تتفق مع رغبات الشعوب في منطقة الشرق الأوسط وأن الغرب دائمًا كان داعما للأنظمة الاستبدادية في الوطن العربي طالما أنها كانت تضمن له مصالحه في المنطقة.. المشكلة لدينا نحن كعرب ومسلمين أننا نتهم أنفسنا ثم نحاول أن ندفع عنا الاتهام..

سبق واتهمنا أنفسنا بالإرهاب ونحاول تبرئة أنفسنا من هذا الاتهام رغم أن الذي صنع الإرهاب هم الأمريكان ورغم أننا دائمًا ضحايا وأرضنا مغتصبة وحروبنا كانت للدفاع عن النفس ولم نرتكب مجازر جماعية في حق البشرية كالتي ارتكبتها إسرائيل أو النازيون أو الغرب عموما في حروبه العالمية، ولم نستخدم قنابل ذرية مثلما فعلت أمريكا في اليابان وارتكبت جريمة بشعة راح ضحيتها الملايين وللأسف الشديد العالم يتناسى ذلك.

الخلاصة أن الغرب لن تتفق مصالحه مع تطلعات شعوبنا وأنه يجب علينا أن نسير في طريقنا، وإصلاحنا الاقتصادي قبل السياسي، ولا نهتم بمواقف الغرب نحونا، فهذه المواقف سوف تتغير حسب قدرتنا على الصمود، وقوتنا وإرادتنا سوف تجبره على تغيير موقفه والتعامل معنا؛ الند بالند.
الجريدة الرسمية