رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور..«مريوط.. بحيرة تموت إكلينيكًا».. البحيرة الأصغر في مصر تعود للعصر الروماني.. 85 مصنعًا تلقي مخلفاتها بها.. ردم أجزاء منها وبيعها لرجال أعمال.. تشريد الصيادين ونفوق الأسماك أبرز التحد

فيتو

بحيرة مريوط واحدة من أربع بحيرات ضحلة في مصر هي «المنزلة ومريوط وإدكو والبرلس»، إلا أن «مريوط» تعد أصغر بحيرة، وكانت الأكثر في إنتاج الاسماك وأصبحت الأكثر تلوثا، وتقع جنوب مدينة الإسكندرية وتبعد عن البحر المتوسط بنحو 20 مترا.


ويستقبل الحوض الرئيسي بالبحيرة 6 آلاف فدان مياها تأتى من مصارف القلعة ومحطة التنقية الزراعية ومصرف العموم ومحطة التنقية الغربية، وكانت «مريوط» موجودة منذ العصر الروماني وعرفت في ذلك العصر ببحيرة مريوتس ، وكانت البحيرة متصلة بأحد فروع النيل الرئيسية .. ومنذ القرن الـ12 حتى القرن الـ18 اندثرت فروع النيل وجفت وتعرضت البحيرة للإهمال منذ ذلك التاريخ.

وفى العهد الحديث، تعرضت البحيرة السمكية للتلوث بجميع المخلفات والنفايات الصلبة نتيجة إلقاء الصرف الصحي والصناعي والقمامة فيها، فضلا عن ردم أجزاء كبيرة منها .. مما أدى إلى تشريد آلاف الصيادين، كما أدى تلوث البحيرة إلى تناقص الاسماك فيها واختلال التوازن الأيكولوجي للأحياء المائية والنباتية، إضافة إلى تأثير ذلك على الصحة العامة والبيئة.

ولعل ما يلفت الانتباه أن أكثر من 85 شركة محلية وعالمية ذات أنشطة مختلفة، تشارك بقوة في عمليات التلوث التي تتعرض لها البحيرة.

وقال الدكتور محمد عباس أستاذ ورئيس قسم الأنثروبولوجيا السابق، إن بحيرة مريوط تعتبر أريكة الإسكندرية لموقعها المتميز والفريد بين بحيرات مصر ، ولها تاريخ مجيد وجغرافيا رحبة، نظرا لأنها كانت تتصل بفرع النيل الكانوبي .. وكانت مريوط تمتد لمسافة 30 كيلومترا جنوب شاطئ البحر وتمتد لـ80 كيلو مترا بمحاذاة الساحل الشمالي غرب الإسكندرية، ولم يتبق من البحيرة سوى 17 ألف فدان فقط.

ومن مصادر تلوث البحيرة المصرف الصناعي الذي يلقى 22500 متر مكعب يوميا من الصرف الصحي .. ومصرف غيط العنب والذي يلقى 25000 كيلو متر مكعب يوميا من مخلفات مصانع ومخلفات الحيوانات .. ومصرف القبارى والذي يلقى 17500 كيلو متر مكعب يوميا من الصرف الصحى .. ومصرف القلعة والذي يلقى 47 ألف كيلو متر مكعب يوميا من مخلفات الصرف أيضا.

وفى عهد المحافظين السابقين، تحولت مريوط إلى ملاذ لعدد من رجال الأعمال منذ عهد اللواء فوزى معاذ ومرورا باللواء محمد عبد السلام المحجوب ووصولا إلى اللواء عادل لبيب وفى عهد كل محافظ تم ردم جزء من البحيرة.

وأوضح سيد عبد الكريم أمين الإعلام بمنظمة البرلمانات العربية، أن البحيرة تعرضت للتلوث الشديد بعد غلق المخارج الشاطئية للصرف الصحى وتحويلها عن طريق مجمع رئيسى إلى مصرف القلعة لتصب في مريوط بدون أي معالجة، إضافة إلى ثلاثة مصبات مباشرة على الشاطئ الشمالى للبحيرة لمياه الصرف ومخلفات المصانع.

وأضاف أن الثروة السمكية تدهورت أكثر في عهد المحافظ السابق اللواء عادل لبيب وانبعثت الروائح الكريهة في الجزء الجنوبى الشرقى للبحيرة نتيجة تراكم المواد العضوية المشبعة بالغازات الناتجة عن تحلل المواد العضوية المترسبة.

ولفت إلى أن البحيرة التاريخية شهدت منظومة فساد متكاملة في عهد وزير الزراعة السابق يوسف والى عندما قام بردم جزء منها وحوله إلى مدينة مبارك للألعاب الأوليمبية وجزء آخر تم ردمه لبناء ما يسمى بالحديقة الدولية والمغلقة حاليا، أما الكارثة فهى التي حدثت في عهد المحجوب عندما خصص 40 ألف متر لرجل أعمال سكندرى بقيمة 20 جنيها للمتر.

وكشف عبد الكريم خلال حديثه أن رجل الأعمال ماجد الفطيم الكويتى شارك هو الآخر في منظومة ردم البحيرة، مشيرا إلى أن سلسلة كارفور مقامة على أرض مريوط.

وترصد فيتو عدة بلاغات تم تقديمها للجهات المختصة في أزمة مريوط أهمها البلاغ رقم 1323 والذي كشف المهزلة، عندما تقدم فريد بدران الفار ببلاغ للنائب العام ضد من اسماهم بمافيا ردم بحيرة مريوط، وكشف فيه أن الردم يشمل منطقة باب العبيد وقائمة بأهم المتورطين في عملية الردم.

واتهم عددا من المتعدين على منطقة باب العبيد التابعة لدائرة أبيس محرم بك داخل بحيرة مريوط، وقال في بلاغه إنه يمتلك مستندات تقطع بما لا يدع مجالًا للشك باستمرار التعديات على تلك البحيرة، حيث يقوم بعض الأفراد في الوقت الحالى ببيع بعض الأراضي من تلك البحيرة بعد ردمها من طرفهم مدعين ملكيتهم لتلك الأراضي خلافًا للحقيقة رغم أن تلك البحيرة بمشتملاتها تتبع الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية وتلك التعديات ثابتة بمستندات قاطعة تهدف هذه المستندات في ذاتها التحايل على القانون واثبات ملكية هؤلاء الأفراد خلافًا للحقيقة حيث انهم يقومون بمساعدة ومعاونة بعض الأفراد والاشخاص داخل الهيئة حسبما ذكر البلاغ باستصدار اوراق رسمية.

كما يقومون بأعمال بلطجة ضد أي صياد يقوم بمزاولة مهنة الصيد فضلًا عن قيامهم بالبناء عشوائيًا على تلك البحيرة بهدف جعل هذا الأمر واقعًا مفروضًا تحايلًا على القانون.

وأضاف صاحب البلاغ أن بحيرة مريوط منذ بداية الثورة وهى تشهد تعديات غير مسبوقة، وقال إنه لابد أن يتحرك كل مسئولي الإسكندرية بداية من اللواء طارق مهدى المحافظ ووصولا إلى أصغر موظف في هيئة الثروة السمكية حتى ينقذوا مريوط من خطر الاختفاء من على الخريطة السكندرية.
الجريدة الرسمية