رئيس التحرير
عصام كامل

إيران تستعد للحرب على سوريا.. تغيير رئيس فيلق القدس.. يتولى مهام نشاط إيران التوسعي في 20 دولة.. السليماني جاء في عهد مرسي لتدريب الحرس الثوري الإخواني

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

شهدت السياسة الإيرانية عدة تغيرات لمواكبة ما يحدث في حالة ضرب سوريا، فقد تم تغيير رئيس فيلق القدس اللواء قاسم سليمان ليصبح رئيس الحرس الثوري، ويتحول فيلق القدس للواء محمد فرد المتواجد بسوريا، وقام مركز المزماة للدراسات والبحوث بإجراء دراسة عن "فيلق القدس والتدخل الإيراني في المنطقة" لجاسم محمد الباحث بالمركز.

وتشير الدراسة إلى أن صعود روحاني إلى الرئاسة وتشكيل حكومته مطلع يوليو 2013، جاء وفقًا لرغبة المرشد الأعلى على خامنئي، ومحاولة منه إلى تحسين صورة إيران في المنطقة بوصف روحاني "بالاعتدال" واحتسابه على الإصلاحيين، لذا أعلنت الباسيج وأئمة الجوامع عن تأييدهم لفوز روحاني.

وذكرت الدراسة أنه في خطوة متعاقبة تم تسمية سليمان قاسم قائد فيلق القدس ليكون القائد العام للحرس الثوري الإيراني، وفقًا لما جاء في التسريبات الإيرانية، فمنذ نشوب الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 وإيران تشن حربًا استخباراتية ضد جاراتها من الدول العربية، أولها الإمارات والعراق وتدخلاتها في لبنان وسوريا، وإعلانها الحرب على الغرب بتسمية أمريكا بالشيطان الأكبر، وقطع علاقاتها الدبلوماسية مع كل من أمريكا وبريطانيا مع الأيام الأولى من الثورة، فإيران لديها هاجس وقلق أمني مفرط من الولايات المتحدة والغرب، لذا قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع أمريكا، كخطوة استباقية أمنية واستخبارية.

أما فيلق القدس- وبحسب الدراسة- فالحرس الثوري الإيراني يشهد تغييرات في هيكلته، وسيصبح قاسم سليماني قائد فيلق القدس القائد العام للحرس الثوري، فيما سيحل محله الجنرال محمد فرد الموجود حاليًا في سوريا.

واعتمدت الثورة الإيرانية على الحرس الثوري أكثر من جهاز مخابراتها لحماية أمنها القومي قبل ولادة فيلق القدس، والمعروف أن قائد فيلق قدس السابق سليماني قد زار مصر في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، في مهمة استخباراتية وتدريبية لتشكيل الحرس الثوري الإخواني في مصر.

أما بدايات فكرة تشكيل قوة القدس الإيرانية فيعود إلى العام الأول من الثورة الإيرانية- حسبما أكدت الدراسة- عندما قرر الخميني فرض ولايته الدينية المسلحة على العالم، وكانت التسمية الأولى لجيش المهمات الصعبة بجيش التحرير حتى بعد سنة من اندلاع الحرب العراقية الإيرانية عام 1981، حيث تم تسميته قوة القدس كقوة تابعة لحرس الثورة الإيرانية لتتوسع مهامه إلى جغرافية المصالح الإيرانية في المنطقة، بضمنها لبنان وأفغانستان، وليتحول إلى فيلق القدس عام 1990 ليكون التنظيم شبه الاستخباري الأول المسئول عن تنفيذ إستراتيجية ولاية الفقيه، بالإضافة إلى تقويض المعارضة الإيرانية في الخارج، وبأمر المرشد الأعلى على خامنئي، تولى قاسم سليماني، مسئولية السياسة الخارجية الإيرانية في عدة دول منها لبنان، العراق، الخليج، فلسطين وأفغانستان.

وقاسم سليماني من مواليد 1957 وعين عام 1997 قائدًا لفيلق القدس، خلفًا لأحمد وحيدي ورقي من لواء إلى رتبة فريق في 24 نوفمبر 2011، وكان سليماني من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني خلال الحرب العراقية الإيرانية، التي استمرت ثمانية أعوام بصفته قائدًا للفرقة 41 "ثأر الله"، وتقع مسئولية تدريب المجموعات المسلحة على فيلق القدس داخل أراضيه أو خارجها والعراق ولبنان وسوريا- حسبما ذكر البحث- ويوجد لفيلق القدس ستة دوائر رئيسية ترتبط بقائد فيلق القدس، وهنالك سبع دوائر أخرى مرتبطة بمعاون قائد الفيلق وتتفرع منها ثلاث عشر مديرية تحت إشراف رئيس أركان الفيلق.

وأضاف التقرير بوجود ما يزيد على عشرين محطة ومقرًا تعمل داخل العراق ولبنان وسوريا والخليج ودول أخرى، تضم المحطة الرئيسية، شبكة من مقرات فرعية ففي العراق مثلًا، هناك أربع مقرات وهي (ظفر، نصر، رعد، فجر) وجميعها قريبة من الحدود العراقية وتشرف على إدارة المجاميع المرتبطة بها.

وتعتبر قوة "الولاية"، من أخطر المليشيات الإيرانية التابعة للحرس الثوري والتي تعمل بأمرة فيلق القدس، أدخلت إلى العراق بعد 2003، وتحمل عناصر القوة رتب عسكرية، ومن بعض مسؤوليات فيلق القدس تدريب جيوش من المتطوعين في العراق.

وطبقًا للمعلومات التي سرّبها عضو المجلس الوطني السوري عبد الإله بن ثامر الملحم، فإن ميلشيات مُقرّبة من حركة حزب الله العراقي سربت معلوماتٍ مؤكدة، عن تدريب فيلق القدس لقرابة مائة ألف مقاتل تمهيدًا لإرسالهم إلى سوريا للمشاركة في الحروب الدائرة هناك، وأهم ما يميز الحرس الثوري وفيلق القدس هو ارتكازه على الولاء العقائدي قبل الخبرة العسكرية.

وأشارت الدراسة إلى أن المادة الثالثة والمادة 154 من الدستور الإيراني، أعطت فيلق القدس الحق والشرعية من وجهة نظر الثورة الإيرانية، لتنفيذ عملياته بهدف نشر وتصدير الثورة الإيرانية، لتعطي فيلق القدس الشرعية وليكون وبامتياز جهاز استخبارات حرس الثورة الإيرانية والفقيه أكثر من غيره من الأجهزة الاستخباراتية التقليدية، والمسئول عن عمليات التجسس الخارجي وأحيانًا مكافحة التجسس بالداخل، ويتخذ من إسرائيل ذريعة وفزاعة للتدخل في دول المنطقة. 

وتقول تصريحات الإيرانيين "يجب أن يعلم جيراننا، ودول المنطقة التي تربطها علاقات، بالنظام الصهيوني، أنّه سينظر إليها على أنّها تهديد لإيران." هذه اللغة الخالية من الدبلوماسية والقائمة على هواجس المؤامرة والقلق، أكثر من أن تعكس بأنها صادرة من دولة مؤسساتية مستقرة وتفهم علاقة حسن الجوار.

وتؤكد الدراسة أن تطور ثورات الربيع العربي التي شهدتها المنطقة منذ عام 2010 وإلي الآن، كانت تسير لصالح إيران باعتبارها قوة إقليمية، فسقوط النظام في ليبيا ومصر ما قبل ثورة 30 يونيو 2013 وتونس كان يصب في صالح إيران، رغم اختلاف المذهب بعد أن كانت في حروب صامتة مع نظام القذافي وحسني مبارك وكذلك النظام في تونس بمحاربته التيارات الإسلامية، ماعدا تطورات الأوضاع في سوريا التي جاءت مفاجئة لإيران والمنطقة رغم كل التحديات والتحضيرات التي أعد لها النظام السوري، في مواجهة تسونامي الربيع العربي والتي لم تنفع معها أي محاولات إصلاح "ترقيعية" من قبل النظام السوري وحلفائه.

فتداعيات المناخ السياسي الساخن في المنطقة كان يتجه إلى مصلحة طهران، ما عدا التطورات في سوريا ومصر بعد سقوط الإخوان، وقد كشفت المعارك الأخيرة في سوريا وأبرزها القصير في شهر أبريل 2013، عن نزول الحرس الثوري الإيراني وميليشيات إيرانية عراقية بالإضافة إلى حزب الله، لتأخذ المواجهة في سوريا خارطة مذهبية جديدة.

والتطورات جاءت تتماشى مع الرأي الذي يقول بأن هذا العقد هو عقد الاستخبارات، والحروب السرية الناعمة غير المعلنة وهو زمن التزاوج الاستخباري أكثر من العمليات العسكرية الواسعة.

وقد نجحت إيران بجعل العراق أرضًا محروقة لخدمة مصالحها لتثبت إستراتيجية الاستخبار أكثر من الغزو العسكري، لقد اعتمدت إيران على عدة عوامل لتثبيت وجودها الإستخباري الخفي، مستفيدة من امتداد الحدود الإيرانية مع العراق، ومن بين تلك الدعائم هي المؤسسات "الثقافية والخيرية والإغاثية والتجارية والدينية "، واعتماد وسائل الإعلام لتثقيف المجتمعات المغلقة وفق الثقافة الإيرانية، لذا بدأ العراق منذ 2003 يشهد ظواهر دينية معقدة وفيها الكثير من الغلو والابتعاد عن وسطية الدين تحت باب أسلمة المجتمعات العراقية، رغم أن الطبيعة السكانية للعراق لا يمكن أن تتقبل ذلك بسبب اختلاف الأديان والطوائف والمذاهب، وربطت إيران العراق اقتصاديًا وسياسيًا ليكون ولاية إيرانية، فالحراك السياسي في العراق كان يدار مرة من قبل بايدن نائب الرئيس الأمريكي، ومرة من قبل قاسم سليماني قائد فيلق القدس.

هكذا وضعت إيران بثقلها في العراق اقتصاديًا واستخباريا لتمسك بقادة بعض الكتل السياسية مباشرة وتمسك بالقرار السياسي العراقي من وسطه، ولتكون اللاعب الرئيسي في تشكيل الحكومات العراقية بل تصل سيطرتها إلى تسمية المرشحين للوزارات العراقية، وتشكيل الحكومة العراقية بالتوافق الأمريكي الإيراني الذي تصفه إيران بالشيطان الأكبر، واستطاعت ملالي طهران تحقيق ذلك من خلال اعتمادها على فيلق القدس والحرس الثوري الإيراني، وميليشيات شيعية أكثر من قواتها النظامية لتنفيذ سياستها الخارجية.
الجريدة الرسمية