رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو والصور.. «صرخة الموتي».. مقابر «عين الصيرة» تدفع فاتورة طمع الأحياء.. الجثث تستغيث من مياه المجاري..المخلفات أغلقت البحيرة ورفعت منسوب المياه..وخبراء البيئة يحذرون من "الت

فيتو

إنها حقا كارثة.. حتى الموتى لم يسلموا من الواقع المرير الذي يعيشه البشر؛ فأمام القبور التي تسبب الإهمال في انهيارها وظهور رفات الموتى؛ تعجز الألسنة عن الوصف، وتقف مكتوف الأيدي؛ بعد أن تقع عيناك، على أجساد بلا أرواح.


تشعر بصراخ الأموات وغضب من الأحياء الذين يسارعون دائما إلى العويل ورفع اللافتات وثورات للغضب والمطالبة بعدالة للأحياء متناسين حرمة الأموات وتكريم مثواهم، هذا هو أقرب وصف لمأساة الأموات الغرقى بمقابر عين الصيرة، التي غض عنها البصر نظام مبارك، ومن بعده نهضة المعزول محمد مرسي، وتستمر الحياة بأحياء شبه موتى بلا مأوى لهم إلا أحواش القبور، وأموات غرقى في المياه داخل القبور وحينها لن تسأل عن"تكريم الأموات وحرمة الموت"؛ فلن تجد من يجيب عليك.

فبجوار أبراج أطلس التي تم تشييدها على أرض شركة المعادي للتعمير والبناء بكل قسوة لتضع نهاية مأساوية لبحيرة عين الصيرة بتاريخها السياحي الطبيعي العلاجي، وتوجد أكبر كارثة في حق البشرية بعد غرق الموتى بالقبور في بحيرة من مياه الصرف والمجاري بعين الصيرة، ليدفع الأموات فاتورة أطماع الأحياء الذين تناسوا مصير هذه القبور، وسارعوا بإلقاء مخلفات البناء على ضفاف وداخل بحيرة عين الصيرة مما أدى لتقلص مساحتها، وهو ما جعل منسوب المياه يرتفع بصورة غير طبيعية، وكانت النتيجة غرق الشوارع المحيطة، ومنطقة المقابر بحي الخليفة والمناطق المجاورة، والطريق الموازي للبحيرة "شارع الخيالة"، واقتحام القبور.

البحيرة التي تقع على مساحة أكثر من 30 فدانًا بمصر القديمة حسب تقديرات هيئة المساحة الجيولوجية، اشتهرت بمياهها النقية الطبيعية التي تندفع من جوف الأرض، وكانت مزارًا علاجيًا سياحيا للاستشفاء والوقاية لكثير من الأمراض، فضلًا عن أن الكارثة أدت لحرمان الدولة المصرية من دخل بالعملة الصعبة من السياحة العلاجية.

ويأتي الفصل الأخير من الكارثة لتحول غرف دفن الموتى إلى صناديق قمامة، وبرك من المياه بداخلها أموات "بلا حول ولا قوة"، وإلى جوارهم أحياء لا مكان لهم بين ذويهم من بني البشر، منهم من ضاقت به السبل ولم يجد إلا قبور الأموات ليتخذ منها مأوى لأسرته، في ظل أنظمة لا تعنى بحقوق موتى أو أحياء.

وفي وقت لاحق حذر خبراء البيئة من كارثة بيئية محتملة من اندفاع المياه إلى القبور، وما ينتج عنها من " التخمر اللاهوائي" ومفرخة للعديد من الأمراض والبكتريا والديدان والملوثات البيولوجية التي تهدد بأوبئة من الاتصال المباشر بمياه عين الصيرة، والتعامل مع المياه سواء بالشرب أو الري.
الجريدة الرسمية