رئيس التحرير
عصام كامل

فتحى الشاذلى:استبعد أخونة الخارجية و تهميشها متعمد

.السفير فتحي الشاذلي
.السفير فتحي الشاذلي في حواره مع الفيتو

- عصام الحداد ليس لديه دراية بملف العلاقات الخارجية - فى أواخر الخمسينات تحولت الخارجية كمكان للتصفية السياسية المهذبة - التحسن الوحيد الذى طرأ فى إدارة العلاقات الخارجية ما يتعلق بحوض النيل - هناك خلل فى الرؤية السياسية فى علاقاتنا بدول الخليج - العلاقات مع أمريكا تسير بالدفع الذاتى استبعد مساعد وزير الخارجية السابق السفير فتحى الشاذلى، إمكانية "أخونة وزارة الخارجية"، وأنه من العبث وإهدار مكانة مصر الاعتداء على المؤسسة الدبلوماسية، مؤكداً فى الوقت نفسه أن هناك تهميشاً معتمدا لدور وزارة الخارجية يتمثل فى بعض رموز النظام، الذين يمارسون اتصالات دولية ويقومون بأعمال تدخل فى صميم اختصاص وزارة الخارجية، دون تشاور معها، ودون ترك مساحة للعمل فى المؤسسة الدبلوماسية. أوضح الشاذلى فى حوار خاص لـ "فيتو" أن الدبلوماسية المصرية سحبت منها ملفات مهمة كان لها دور كبير فيها، خاصة فيما يخص دول الخليج. - ما رأيك فيما يثار حول "أخونة الخارجية"، فى ظل سعى جماعة الإخوان المسلمين منذ وصولها للحكم على السيطرة على كافة الهيئات والوزارات؟ • استبعد أن يحدث أخونة للخارجية، بصرف النظر عما لحق بمؤسسة الخارجية من تهميش وتقليل لقيمتها، فهذه المؤسسة تتعامل مع موضوعات لها من الدقة ومن التأثيرعلى مجمل مصالح الوطن وصورته فى الخارج، ما يؤكد أهمية الاحتراف، والخارجية المصرية هى من أعرق المؤسسات الحكومية فى مصر، وأكثرها خبرة فى موضوع عملها، وعلى الرغم من ذلك تم الاعتداء عليها فى مراحل الفترة التى سبقت ثورة 25 يناير، وخصوصاً من بعد يوليو 1952. - بمعنى..؟ * فى أواخر الخمسينات أجريت حركة تطهير واسعة، ومن لم يجد اسمه فى الكشوف أصبح خارج السلك الدبلوماسى، وكان هناك "الهابطون بالباراشوت" على الخارجية خصوصاً ضباط القوات المسلحة، وكانت الخارجية وقتها مكاناً مختاراً لإبعاد بعض الشخصيات التى لا يرغب النظام فى وجودها عبر تصفية سياسية مهذبة. - رأينا شيئا مشابها فيما يخص النائب العام السابق وتعينه فى الفاتيكان؟ * أقر معك أن هناك تهميشا لدور وزارة الخارجية يتمثل فى بعض رموز النظام، الذين يمارسون اتصالات دولية ويقومون بأعمال تدخل فى صميم اختصاص وزارة الخارجية، دون تشاور معها، ودون ترك مساحة للعمل فى المؤسسة الدبلوماسية، وهو ما يعد من العبث ومن إهدار المكانة ومن الإساءة إلى الذات أن يمارس هذا الاعتداء على المؤسسة الدبلوماسية. - هل ما جرى بعد ثورة يوليو فى الخارجية من المتوقع أن يحدث الآن ونجد تمكيناً لبعض الشخصيات المحسوبة على جماعة الإخوان داخل الوزارة كسفراء لدى الدول المهمة أو غير ذلك؟ * استبعد هذا لأن الناس اكتشفت أنه عمل يتطلب خبرة وتراكم معرفة لا يمكن أن تكتسب خارج العمل الدبلوماسى، وبالتإلى أنا أميل إلى استبعاده إنما ممكن أن يراد أن يكون هناك وزير متسامح أكثر مما ينبغى، وأن يتم مثلا الاحتفاظ ببعض الملفات خارج الوزارة، ومن ضمن الاأمور التى أظن أنه يجب على الدولة أن تعيد النظر فيها، الملفات التى كانت فى السابق مبعدة عن متناول العمل الدبلوماسى، كبعض ملفات دول الجوار، والقضايا الإقليمية التى كان يستأثر بالقرار فيها لمؤسسات أخرى من بينها مؤسسة الرئاسة. فالمصالحة الفلسطينية مثلا ملف لا بد أن يكون للخارجية دور ووجود فيه، فموضع الاهتمام بالعلاقات الخارجية لمصر لايمكن التغاضى عنه، فمثلاً القضية الفلسطينية، ولا يمكن أن التغافل عن البعد السورى، مجمل العلاقات بين مصر وإسرائيل على المستوى الثنائى، مجمل النشاط الإسرائيلى على المستوى الإقليمى، الفلسطينيون فى المهجر، اللوبى اليهودى فى الولايات المتحدة، كل هذا يصب بتأثيرات مختلفة على الموضوع، والأوضاع فى سوريا، والعلاقات مع تركيا، والوضع فى لبنان، وهكذا، فمن شأن العلاقات الدولية أنها تشتمل على ملفات كثيرة تتبادل التأثير فيما بينها، ولكن عندما يسحب ملف معين من الخارجية ويكون له تفاصيل وأسرار بعيدة عن إدراك المؤسسة الدبلوماسية، فله تأثير بالغ السلبية على رؤية هذه المؤسسة لما ينبغى عمله. - وما رأيك فى عمل وزارة الخارجية الآن، وهل هى كما تقول فى دور وضع الرجل المتسامح؟ * أرى أن هناك محددات لا بد من فهمها فالسياسة الخارجية تتجاوز مجرد تغيير الأفراد، لأن هناك أشياء تمليها الجغرافيا، فاليوم التحسن الوحيد الذى طرأ فى منهجية إدارة العلاقات الخارجية المصرية هو ما يتعلق بحوض النيل والعلاقات مع أفريقيا، خاصة أنه كان تعرض إلى تهميش وإهمال كبير فى فترة النظام الذى كان يحكم مصر قبل ثورة يناير. - لكن هذا الملف مهمل الآن أيضا .. رأينا زيارات ولقاءات "ذات طابع كرنفالى" وانتهى الأمر ولم يحدث أى شىء ملموس على الأرض؟. * لا؛ فمجرد أن يشارك رئيس الجمهورية فى اجتماعات القمة الأفريقية بعد أن كانت مصر تقاطعها منذ 1995 إذا ما عقدت اجتماعاتها فى جنوب الصحراء، فهذا تطور إيجابى، وبالتالى هذا أضفى بعض التحسن، فى أن رئيس جمهورية مصر العربية يجلس مع الرؤساء الأفارقة، وخاصة أن مؤسسة القمة الأفريقية هى المؤسسة النافذة فى القرار الجماعى الأفريقى وما زالت الروح القبلية والزعامات معتبرة فى أفريقيا أكثر من أى مكان آخر، ومجرد حضور الرئيس محمد مرسى للاجتماعات هى خطوة إيجابية، لكن بعض الملفات حدث بها خلل وأزمات كالإشكالية الأخيرة التى مع الإمارات، وأضرت ضرراً بالغاً، وهناك خلل فى الرؤية السياسية خصوصا الدول التى تربطنا بها علاقات شديدة الأهمية، مثل دول الخليج، وهناك ضرر كبير حصل، وخلل فى الرؤية، وغموض، وضبابية. - خلل من جانب مصر..؟ * طبعا؛ واضح أن هناك خللا ما، فمجرد عجزى عن فهم الاعتبارات التى لدى الطرف الآخر وإدراكها والتعامل معها بما يليق، فهذا خلل. - تراه عجزا أو أن هناك أمورا تدار من خلف الستار وأن وجود الإخوان بالسلطة فى مصر كان له دور فيما يجرى الآن من توتر للعلاقات بين مصر والإمارات وبعض دول الخليج الأخرى؟ * لا أريد شخصنة الأمور، لكن أقول بأن إخواننا فى منطقة الخليج لهم ظروف خاصة، لهم أوضاع داخلية وإقليمية دقيقة، علينا أن نفهمها ونتعامل مع حقيقتها، لأن هناك معضلات، حتى ولو من الناحية الفلسفية، فى دول الخليج، فعلى الرغم من استيرادهم كل أنواع الحداثة فى البنية الأساسية، وكل ما هو لدى الغرب حتى جامعات على الطراز العالمى، وإلا أنه لا تزال السلفية الفكرية تسود العلاقات والمعاملات إلى آخره، ولا بد أن نعمل على إدراك الحقائق والتناقضات وفهمها، ووضع أسلوب للتعامل معها. - أزمة الإمارات الأخيرة أكدت المقولة التى كانت تشير إلى أن الخارجية تدار من داخل قصر الرئاسة وخاصة عبر مستشار الرئيس "عصام الحداد"، فما رأيك فى ذلك؟ * لست مع هذه المقولة، ولا أعرف "عصام الحداد" ويظهر أن الخبرات والخلفية الدراسية لم تكن فى العلاقات الدولية، وبالتالى ليس لدى معرفة حقيقية بالملف، إنما إجمالا أقرأ الشواهد التى تؤكد أن وزارة الخارجية لا تزال على تغييبها من ملفات مهمة، حتى فى دوائر كان لها وضع فيها، وتغيب الخارجية عن جوانب من العلاقات بين مصر ودول الخليج، فهذا جديد، ومستحدث، إضافة جديدة للتهميش وتقليل القيمة، فى مؤسسة هى باعتراف دولى من أرقى المؤسسات بين أقرانها على مستوى العالم، وأيضا هى على المستوى الوطنى. - العلاقات المصرية أيضا بالغرب خاصة الولايات المتحدة كيف تراها الآن؟ * أنا لا ارى أن هناك وضوحا كاملا أيضا فى هذا الملف، وأيضا ما زالت الإدارة الثانية للرئيس أوباما لم تستكمل بعد، وبعض الأسماء ما زالت مطروحة، وبالتالى كان هناك انتقال للسلطة منذ العام الماضى، والذى كان شديد الدقة لمصر، وحتى الآن شكل الإدارة الجديدة لم تكتمل، بالتالى فإن العلاقات معها كانت تسير بالدفع الذاتى، أما العلاقات مع الاتحاد الأوربى فتدار وفقا لاتفاقية المشاركة.
الجريدة الرسمية