رئيس التحرير
عصام كامل

سكرات الموت، تفسير الشيخ محمد سيد طنطاوي للآية 16 من سورة ق

الشيخ محمد سيد طنطاوي،
الشيخ محمد سيد طنطاوي، فيتو

سكرات الموت، أوضح الشيخ محمد سيد طنطاوي في تفسيره لـسورة ق، معنى القرب للإنسان من حبل الوريد الذي ذكره المولى عز وجل في آياته، كما بيَّن مدى العلم التام من الخالق بمخلوقه.

 

سورة ق الآية 16

قال تعالى: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ».

سورة ق الآية 16

تفسير الشيخ محمد سيد طنطاوي للآية 16 من سورة ق 

قال الشيخ محمد سيد طنطاوي في تفسير هذه الآية: إن المراد بالإنسان في قوله- تعالى-: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ.. جنسه، وقوله: تُوَسْوِسُ من الوسوسة وهو الصوت الخفي، والمراد به حديث الإنسان مع نفسه، قال الشاعر: وأكذب النفس إذا حدثتها... إن صدق النفس يزرى بالأمل، وما موصولة، والضمير عائد عليها والباء صلة، أي: ونعلم الأمر الذي تحدثه نفسه به، ويصح أن تكون مصدرية، والضمير للإنسان، والباء للتعدية، أي ونعلم وسوسة نفسه إياه.

Advertisements

الشيخ محمد سيد طنطاوي، فيتو

خالق الشيء أدرى بتركيب جزئياته

وتابع الشيخ طنطاوي: والمتدبر في هذه الآية يرى أن افتتاحها يشير إلى مضمونها، لأن التعبير بخلقنا، يشعر بالعلم التام بأحوال المخلوق، إذ خالق الشيء وصانعه أدرى بتركيب جزئياته، أي: والله لقد خلقنا بقدرتنا هذا الإنسان، ونعلم علما تاما شاملا ما تحدثه به نفسه من أفكار وخواطر، وقوله: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ تقرير وتوكيد لما قبله، وحبل الوريد: عرق في باطن العنق يسرى فيه الدم، والإضافة بيانية، أي: حبل هو الوريد، أي: ونحن بسبب علمنا التام بأحواله كلها، أقرب إليه من أقرب شيء لديه، وهو عرق الوريد الذي في باطن عنقه، أو أقرب إليه من دمائه التي تسرى في عروقه، فالمقصود من الآية الكريمة بيان أن علم الله- تعالى- بأحوال الإنسان، أقرب إلى هذا الإنسان، من أعضائه ومن دمائه التي تسرى في تلك الأعضاء، والمقصود من القرب: القرب عن طريق العلم، لا القرب في المكان لاستحالة ذلك عليه تعالى.

الشيخ محمد سيد طنطاوي، فيتو

آراء العلماء

قال القرطبي: قوله: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ يعنى الناس. وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ أى: ما يختلج في سره وقلبه وضميره، وفي هذا زجر عن المعاصي التي استخفى بها.. وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ هو حبل العاتق، وهو ممتد من ناحية حلقه إلى عاتقه، وهما وريدان عن يمين وشمال.. والحبل هو الوريد فأضيف إلى نفسه لاختلاف اللفظين.. وهذا تمثيل لشدة القرب. أى: ونحن أقرب إليه من حبل وريده الذي هو من نفسه.. وهذا القرب، هو قرب العلم والقدرة، وأبعاض الإنسان يحجب البعض البعض، ولا يحجب علم الله- تعالى- شيء، وقال القشيري: في هذه الآية هيبة وفزع وخوف لقوم، وروح وأنس وسكون قلب لقوم.

الشيخ محمد سيد طنطاوي، فيتو

وأضاف الشيخ طنطاوي: وعلى هذا التفسير الذي سرنا عليه، وسار عليه من قبلنا جمهور المفسرين يكون الضمير نَحْنُ يعود إلى الله- تعالى-، وجيء بهذا الضمير بلفظ نَحْنُ على سبيل التعظيم، ويرى الإمام ابن كثير أن الضمير هنا يعود إلى الملائكة، فقد قال- رحمه الله- وقوله: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ يعنى ملائكته- تعالى- أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه، ومن تأوله على العلم فإنما فر لئلا يلزم حلول أو اتحاد، وهما منفيان بالإجماع- تعالى الله وتقدس- ولكن اللفظ لا يقتضيه فإنه لم يقل: وأنا أقرب إليه من حبل الوريد وإنما قال: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ كما قال في المحتضر وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ، يعنى ملائكته.

وأتم الشيخ طنطاوي: وكذلك الملائكة أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه، بإقدار الله لهم على ذلك، وهذا الذي ذهب إليه ابن كثير وإن كان مقبولا- لأن قرب الملائكة من العبد بإقدار الله لهم على ذلك- إلا أن ما ذهب إليه الجمهور من أن الضمير نَحْنُ لله- تعالى- أدل على قرب الله- سبحانه- لأحوال عباده، وأظهر في معنى الآية، وأزجر للإنسان عن ارتكاب المعاصي.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية