رئيس التحرير
عصام كامل

تحالف حزب الوفد مع الإخوان 1984 خطأ تاريخي!

يُروى أن أحد أفلام السينما كانت نهاية الفيلم، انطلاق البطل على فرسه بأقصى سرعة، الذي يسقط في حفرة عميقة لا يستطيع الخروج منها، تكرر حضور أحد المواطنين لمشاهدة هذا الفيلم، لدرجة لفتت نظر الشخص الذي يقوم بقطع التذاكر، وجه سؤالًا لهذا المواطن الطيب العاشق للسينما، لماذا تحضر كل يوم وأنت شاهدت الفيلم عدة مرات؟ أجاب المواطن الطيب: أحضر لمعرفة البطل هل يتعظ ولا يسقط في الحفرة أم لا؟!

 

هذه القصة وإن كانت غير حقيقية إلا أننا في حياتنا، كثير منا يتصرف مثل هذا المواطن الطيب، وإذا كان هذا على مستوى الأفراد ربما يكون مقبولًا، ولكن عندما يكون على مستوى الدول والحكومات، تكون النتائج كارثية، من أبرز علامات الوعي بالتاريخ، هو الاستفادة من تجاربه، كما قال ابن خلدون إن التاريخ هو العظة والاعتبار. 

Advertisements

 

ولكن لا بدَّ أن نعترف أننا في العالم الثالث، العالم النامي، أو العالم العربي، لا نتعلم عادة من أحداث تاريخنا، أحداث كفيلة أن تنقذنا من مشاكل كثيرة منها مشاكل متكررة، وبل هناك مشاكل تتصاعد وتكبر مع مرور الأيام، عندما سمح الرئيس السادات للإخوان المسلمين وبث في التنظيم الحياة مرة أخرى بعد أن كاد يلفظ التنظيم أنفاسه الأخيرة.

 

اعترف السادات هو في الخطاب الذي سبق اغتياله، بخطأ هذا القرار، واعترف بأن الزعيم جمال عبد الناصر كان على صواب في تعامله معهم، والجميع يعرف أن دعم الدولة للإخوان والجماعات المسماة بالإسلامية، أدى إلى اغتيال الرئيس السادات، ومذابح في أسيوط، ولولا محاصرة هذه الجماعات في أسيوط  والقبض على أعضائها، كان ممكن أن تصبح مصر على شفا خطر عظيم.

 

وبالرغم من الرئيس حسني مبارك كان نائبًا للسادات 6 سنوات، والمفترض أنه علم منه أن الإخوان خطر على المجتمع، وأنهم يستخدمون التقية التي يستخدمها الشيعة، بل هناك أمر في غاية الخطورة تجاهلها السادات وخليفته، فقد ثبت أن الإخوانية زينب الغزالي كانت هي راعية صالح سرية زعيم عملية الكلية الحربية، وبالرغم من هذا كانت تتصرف بحرية كاملة، ولم تأخذ الدولة أي إجراء معها.

 

بل كانت تتحدث في الجامعات في ندوات تعد لها، وكان المدخل أن الإسلام يحارب من الشيوعية، كانت المفاجأة أن الرئيس حسنى مبارك لم ينتبه أو تجاهل كلام الرئيس السادات في آخر خطاب قبل قبل استشهاده، وأصبح الإخوان يمارسون حياتهم العلانية وممارساتهم السرية في أمان تام.

 

الإخوان والوفد

في عام 1984 وقع حدث سياسي مهم في تاريخ مصر، لم يأخذ الاهتمام الذي يجب أن يكون، فقد تحالف الإخوان المسلمين مع حزب الوفد الجديد الذى عاد لممارسة حقوقه السياسية، هذا التحالف كان في انتخابات مجلس الشعب، وكانت أول انتخابات تجرى في عهد حسني مبارك، هذا التحالف المعلن والذي لم تعترض عليه الحكومة.

 

بل أزعم أنه تم بموافقة الحكومة، كان هذا التحالف بمنزلة الإشارة إلى الإخوان بالانتشار في كل نقابات مصر، الكثير من النقابات وقعت تحت سيطرة هذا التنظيم الإخواني باستثناء نقابة الصحفيين التي عجز الإخوان عن السيطرة عليها، بالرغم أنهم اخترقوها بأعضاء في مجلس الادارة.

 

وعن هذه التجربة يقول أحد أقطاب الوفد المستشار مصطفى الطويل: كنت ممن حضروا اتفاق الوفد مع الإخوان في انتخابات 1984، وكنت وقتها عضوًا في مجلس الشعب، وحضرت لقاءات التنسيق بين فؤاد باشا سراج الدين زعيم الوفد، وعادل عيد المحامي والممثل لجماعة الإخوان في التنسيق الانتخابي وكان وجه عيد مألوفًا ومقبولًا من الوفديين فهو شخصية معتدلة.

 

اشترط رئيس الحزب فؤاد سراج الدين لاستكمال التحالف مع الإخوان أن يكون مرشح الجماعة تحت عباءة الوفد بأمر حزب الوفد داخل مجلس الشعب، ولكن الإخوان نقضوا عهدهم واتفاقهم مع سراج الدين فى أول جلسة للبرلمان انفصلوا عنا وحددوا مقاعد لهم وبدأوا يطالبون بتطبيق الشريعة، ونسوا الاتفاق الذي تم بيننا. 

 

فعادة الإخوان هي نقض أي اتفاق معهم إذا لم يكن في صالحهم، والجماعة تخلط بين الدين والسياسة للوصول إلى السلطة وهو أمر لا يجوز، الحقيقة ندم الأستاذ فؤاد باشا سراج الدين على تحالفه معهم، وقرر عدم التنسيق معهم بعدها أبدًا لأنهم خانوا الوفد في 1984 وحذرنا وقتها من التحالف، ولكن السياسة لا بدَّ أن تخطئ فيها حتى تتعلم.

 

كانت تجربة وكنا نتصور أننا بتحالفنا معهم سنحصل على الأغلبية التى تمكننا من الحكم، حذرت داخل الوفد فأحد ثوابتنا هى الوحدة الوطنية، فى الوقت الذى تفرق فيه جماعة الإخوان  بين المسلم والمسيحي والرجل والمرأة، فهم لا يقبلون أن يتنامى دور المرأة وكذلك المسيحي، في الوقت الذي يؤمن فيه.

 

 

السماح بهذا التحالف من الدولة كان بمنزلة إعادة تقوية جماعة الإخوان، وإشارة واضحة الذين اختبأوا بعد اغتيال الرئيس السادات، بالعودة إلى العمل مرة أخرى سواء في العلن أو في الخفاء، وهذا يعني بأننا لم نتعلم الدرس، ولم نستفِد من دروس الماضي، السادات لم يتعلم من تجربة الإخوان مع الزعيم جمال عبد الناصر، وها هو الرئيس الجديد حسني مبارك يكرر نفس الخطأ! ودائمًا البسطاء من الشعب يدفعون الثمن من تجارب الحكام.. وللحديث بقية.

الجريدة الرسمية