رئيس التحرير
عصام كامل

شاشات رمضان الحائرة

جدل كل عام علي مهرجان شاشات رمضان تحول هذا العام إلي مسخ وتنطع بالحكم علي أعمال بعد حلقة أو حلقتين أو التوقف أمام مشهد لكومبارس في مجموعة، غير أن المثير هذا العام هو التطرف في اتهام أي ناقد لممثل أو برنامج أو مسلسل بالخيانة وعدم الوطنية في مكارثية جديدة لوضع البعض في حضانات الحصانة وكأنهم فوق النقد، أو أن لهم قداسة..

 

علما بأن بعض المعروض من مسلسلات تدور في أفق الذكورة المريضة والعقد والمال والفساد وطبقة الكومباوند والأحياء الشعبية الهجينة تطفح بالقسوة والشر، ولايزال رامز يمارس ساديته ومازالت برامج النميمة والخوض في الأعراض والتهكم علي المرضي من ضيوف تلك البرامج بدون أي رادع مهني أو أخلاقي أو حتي مراعاة حرمة الشهر الفضيل..  

 

ويمكن رصد كل العك المهني علي يد خمس سيدات من الهمازات بجرأة جاهلة، وفي ظني أن كل فلوس الدنيا لا تساوى أن تقبل بهذا الكم من الإهانة والاستهزاء وقلة القيمة، لآن المشاركة في برامج الترفيه والتسلية مهمة وضروية ومطلوبة ولكن لها قواعد مهنية وأسس ومنطق يحكمها ليس من بينها كل هذا التدنى من كل الأطراف فكرا وتنفيذا.. 

 

أما مسلسلات الصعايدة  فإكسسوار الممثلة عقد بولجاري والمانيكير نبيتي والظوافر ظوافر الساحرة الشريرة والسنان فينيرز والملابس مغربي وتونسي  والروج أحمر والبيوت من الداخل ديكور بيوت الحواري الشعبية ليس لها علاقة بالصعيد.. ومن المعروف أن أولي خطوات أي عمل فني ناجح هو اختيار النجوم..

عقلية القطيع
 

وهناك مايسمي miscasting  عندما يكون الممثل غير مناسب للدور كما حدث مع عمرو يرسف في دور المقدم الشهيد نور صلاح العزب، وللأسف مع يسرا ومحمد سعد ومربوحة أو رحمة أحمد رغم أنها  ليست المسئولة الوحيدة أو الأولى عن المط في الكبير، لأن المسلسل لم يكن علي مستوي السنين الماضية..

 

ولكنها لم تطور نفسها عكس مسلسل تحت الوصاية شديد التميز لنجاحه في الجمع بين المضمون الاجتماعي الجاد وبين المتعة الفنية وعدم المباشرة في طرح القضايا والبراعة في السرد سواء عبر تتابع المشاهد وجمل الحوار أو عبر التصوير المميز في اماكن الاحداث الحقيقية أو عبر الداء التمثيلي البارع لكل المشاركين فيه..

 

وكذلك الإمام الشافعى دراما  مصرية خالصة مصنوعة بهارمونى بين مساحات الخيال أو التخييل وبين التاريخى الموثق، فأنت أمام صورة كاملة لمصر فى عام (150 ـ 204 للهجرة ) وضف عليها 600 سنة من حضارة الأقباط وأكثر من ثلاثة آلاف سنة من حضارة المصريين القدماء بعلومهم وأفكارهم، هذه المساحة الشاسعة من التاريخ والخيال يقوم فريق عمل باختصارها جوانبها الحياتية والاجتماعية والسياسية فلا يعقل أن تبخس كل هؤلاء حقهم في الجهد والتعب والبحث والتدقيق والمراجعة..

 

عكس مسلسل غادة عبد الرازق المليء بالذبح والقتل والدم ، وكأنها قطعت وعدا مع الشياطين لكى تصدر لنا عملا يرهق القلوب وتضيف  للمشاهد مزيدا من القلق والإجهاد  النفسى، وهى تتخيل أنها تبدع.. وأخيرا كانت الحملة الذكية التي أدارها صناع مسلسل جعفر العمدة علي السوشيال ميديا أهم من المسلسل ذاته، فقد أغرقوا السوشيال منذ البداية بمقتطفات عن الاحداث بطريقة جذابة نجحت في جرجرة الناس للتفاعل معه بغض النظر عن القيمة الفنية للعمل..

 

مستغلين ما يسمي بعقلية القطيع بعد أن أصبحت السوشيال ميديا هى الوسيلة التي يتم بها التحكم في توجهات الجمهور ونسب المشاهدة التليفزيونية في الفترة الأخيرة، أما سباق الإعلانات الهستيري السنوي فكما هو لم يتطور لدرجة أن الشركات تهدر الملايين بدون تأثير حقيقي اللهم إلا تمويل بعض الفنانين بصورة مستفزة ومتناقضة..

والمبالغة الرهيبة في إعلانات الكومباوندز  تبدو في ظاهرها ترويج للمدينة الأفلاطونية الفاضلة ولكنها ترسخ لمفاهيم الطبقية والعزلة ونظرية الجزر المنعزلة خلف الأسوار والكارثة أن تجد نفس الممثل أو الممثلة يقوم بدور درامى من المفروض أن تتأثر به وتصدقه ثم يأتى الفاصل لتجد ذات الممثل أو الممثلة في فقرة إعلانية عن سلعة أو خدمة أو كومبوند فكرة تدمر المصداقية وفيها استسهال وتعكس منطق الشلل السائد.

الجريدة الرسمية