رئيس التحرير
عصام كامل

لغز “الكعكة الصفراء”.. نووي القذافي شبح يهدد ليبيا بعد اختفاء براميل يورانيوم

معمر القذافي، فيتو
معمر القذافي، فيتو

لم‭ ‬يكن‭ ‬أحد‭ ‬يصدق‭ ‬أن‭ ‬برنامج‭ ‬ليبيا‭ ‬النووى‭ ‬سيعود‭ ‬إلى‭ ‬الساحة‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬20‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬تفكيكه‭ ‬فى‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬الأسبق‭ ‬معمر‭ ‬القذافى،‭ ‬ولكنها‭ ‬ألغاز‭ ‬وتعقيدات‭ ‬المصالح‭ ‬ولوغاريتمات‭ ‬الصراعات‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية،‭ ‬ولاسيما‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭.‬


تفكيك‭ ‬البرنامج‭ ‬النووى‭ ‬الليبى

فى‭ ‬عام‭ ‬2003،‭ ‬سلمت‭ ‬ليبيا‭ ‬المواد‭ ‬والآليات‭ ‬المستخدمة‭ ‬فى‭ ‬البرنامج‭ ‬النووى‭ ‬فى‭ ‬صفقة‭ ‬مع‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكى‭ ‬الأسبق‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ ‬الابن،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬احتفظت‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬معلن‭ ‬بمادة‭ ‬الكعكة‭ ‬الصفراء،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لوقود‭ ‬شحن‭ ‬الصواريخ‭ ‬البالستية‭ ‬المخزنة‭ ‬فى‭ ‬مدينة‭ ‬غريان،‭ ‬والذى‭ ‬تحول‭ ‬لتركة‭ ‬ثقيلة‭ ‬للحكومات‭ ‬المتعاقبة،‭ ‬بسبب‭ ‬ضعف‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية،‭ ‬وعدم‭ ‬توفر‭ ‬الخبرات‭ ‬الكافية‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬شديدة‭ ‬السمية‭ ‬والخطورة‭.‬


الكاتب‭ ‬الليبى‭ ‬أبو‭ ‬القاسم‭ ‬عمر‭ ‬صميدة‭ ‬كشف‭ ‬تفاصيل‭ ‬مثيرة‭ ‬فيها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬تفصيلات‭ ‬القضية‭ ‬ضمن‭ ‬كتاب‭ ‬أصدره‭ ‬يحمل‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬الملف‭ ‬النووى‭ ‬الليبى‭ ‬والخروج‭ ‬بالورقة‭ ‬الحمراء‮»‬،‭ ‬وتحدث‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬تمكن‭ ‬ليبيا‭ ‬من‭ ‬تصنيع‭ ‬جهاز‭ ‬طرد‭ ‬مركزى‭ ‬عالى‭ ‬الدقة‭ ‬عام‭ ‬2001،‭ ‬وعمل‭ ‬وحدات‭ ‬صغيرة‭ ‬لتخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬كبديل‭ ‬عن‭ ‬المفاعلات‭ ‬النووية،‭ ‬وذلك‭ ‬بمساعدة‭ ‬عالم‭ ‬ألمانى‭ ‬كبير‭ ‬وآخر‭ ‬سويسرى‭.‬


كانت‭ ‬ليبيا‭ ‬بدأت‭ ‬فكرة‭ ‬التسلح‭ ‬النووى‭ ‬فى‭ ‬أواخر‭ ‬الثمانينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضى،‭ ‬ولكن‭ ‬فى‭ ‬الإطار‭ ‬السلمى،‭ ‬وفى‭ ‬عام‭ ‬1995‭ ‬استدعى‭ ‬العقيد‭ ‬الليبى‭ ‬السابق‭ ‬معمر‭ ‬القذافى‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬المسئولين‭ ‬الليبيين،‭ ‬وطلب‭ ‬منهم‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬سؤاله‭: ‬هل‭ ‬نستطيع‭ ‬إنتاج‭ ‬سلاح‭ ‬نووى؟‭ ‬لرغبته‭ ‬فى‭ ‬تحقيق‭ ‬توازن‭ ‬قوى‭ ‬بين‭ ‬العرب‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬فكانت‭ ‬الإجابة‭: ‬نعم‭ ‬نستطيع‭.‬


هنا‭ ‬بدأت‭ ‬فعليا‭ ‬ليبيا‭ ‬تستعد‭ ‬لتجهيز‭ ‬مشروعها‭ ‬النووى‭ ‬ومستلزماته،‭ ‬وكان‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬بتفاصيل‭ ‬ملف‭ ‬المشروع‭ ‬النووى‭ ‬الليبى‭ ‬إلا‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬المسئولين،‭ ‬على‭ ‬رأسهم‭ ‬المهندس‭ ‬معتوق‭ ‬محمد‭ ‬معتوق‭ ‬وزير‭ ‬التعليم‭ ‬وقتها،‭ ‬والمسئول‭ ‬السياسى‭ ‬للمشروع‭ ‬النووى،‭ ‬إذ‭ ‬حرص‭ ‬القذافى‭ ‬على‭ ‬ألا‭ ‬يطلع‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الليبى‭ ‬ولا‭ ‬رئيس‭ ‬الاستخبارات‭ ‬على‭ ‬المشروع‭ ‬النووى‭.‬


انتهى‭ ‬العلماء‭ ‬الليبيون‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬التجارب‭ ‬النووية‭ ‬وتشغيل‭ ‬منظومة‭ ‬تركيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬وتفكيكها‭ ‬على‭ ‬البارد،‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬المتواصل،‭ ‬ولم‭ ‬يتبق‭ ‬إلا‭ ‬إذن‭ ‬القذافى‭ ‬لبدء‭ ‬صناعة‭ ‬القنبلة‭ ‬النووية‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2002؛‭ ‬بهدف‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ليبيا‭ ‬دولة‭ ‬لديها‭ ‬منظومة‭ ‬سلاح‭ ‬نووى‭ ‬كاملة‭ ‬عامة،‭ ‬لكن‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مفاجئ‭ ‬وفى‭ ‬عام‭ ‬2005‭ ‬تفاجأ‭ ‬العلماء‭ ‬الليبيون‭ ‬بتسليم‭ ‬بلادهم‭ ‬ترسانتها‭ ‬النووية‭ ‬للغرب‭ ‬على‭ ‬شاشات‭ ‬الفضائيات‭.‬


الأزمة‭ ‬من‭ ‬جديد

انتهى‭ ‬نظام‭ ‬القذافى،‭ ‬وتغيرت‭ ‬بنية‭ ‬الدولة‭ ‬الليبية‭ ‬السياسية،‭ ‬لكن‭ ‬فجأة‭ ‬عادت‭ ‬أزمة‭ ‬الكعكة‭ ‬الصفراء،‭ ‬اليورانيوم‭ ‬الموجود‭ ‬منذ‭ ‬عهد‭ ‬القذافى‭ ‬وتشرف‭ ‬عليه‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية،‭ ‬لتضيف‭ ‬لمشكلات‭ ‬الواقع‭ ‬الليبى‭ ‬المستمرة‭ ‬منذ‭ ‬اندلاع‭ ‬الثورة‭ ‬على‭ ‬القذافى‭ ‬فى‭ ‬2011‭.‬


وتكشف‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التفاصيل،‭ ‬مؤكدا‭ ‬اختفاء‭ ‬10‭ ‬أسطوانات‭ ‬تحوى‭ ‬نحو‭ ‬2‭.‬5‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬سبق‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬أنها‭ ‬مخزنة‭ ‬فى‭ ‬الموقع،‭ ‬ولكن‭ ‬تمكن‭ ‬الجيش‭ ‬الليبى‭ ‬من‭ ‬ضبط‭ ‬كميات‭ ‬اليورانيوم‭ ‬التى‭ ‬تم‭ ‬تهريبها‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬تبعد‭ ‬حوالى‭ ‬5‭ ‬كيلومترات‭ ‬عن‭ ‬المستودع‭ ‬فى‭ ‬اتجاه‭ ‬الحدود‭ ‬التشادية‭.‬


وأكدت‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬أن‭ ‬الموقع‭ ‬لا‭ ‬يخضع‭ ‬لسيطرة‭ ‬الهيئة‭ ‬النووية‭ ‬الليبية‭ ‬حاليا،‭ ‬والفحص‭ ‬كان‭ ‬مقررا‭ ‬فى‭ ‬2022،‭ ‬لكنه‭ ‬تأجل‭ ‬لأسباب‭ ‬أمنية‭ ‬لتحدث‭ ‬المفاجأة‭ ‬غير‭ ‬المتوقعة‭.‬


كانت‭ ‬تقارير‭ ‬سابقة‭ ‬تحدثت‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬خام‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المركز‭ ‬المعروف‭ ‬بـ«الكعكة‭ ‬الصفراء‮»‬،‭ ‬مُخزنة‭ ‬فى‭ ‬موقع‭ ‬غرب‭ ‬مطار‭ ‬مدينة‭ ‬سبها‭ ‬بنحو‭ ‬6‭ ‬كيلومترات‭.‬


صناعة‭ ‬السلاح‭ ‬النووي

وتثار‭ ‬مخاوف‭ ‬من‭ ‬وصول‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬المشعة‭ ‬إلى‭ ‬أيدى‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬بعد‭ ‬ضبط‭ ‬وافد‭ ‬أفريقى‭ ‬حاول‭ ‬سرقة‭ ‬3‭ ‬براميل‭ ‬منها،‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬التوترات‭ ‬الأمنية‭ ‬المتلاحقة‭ ‬التى‭ ‬تشهدها‭ ‬مدينة‭ ‬سبها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬للمخاوف‭ ‬البيئية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بظروف‭ ‬تخزينها‭.‬


يقول‭ ‬اللواء‭ ‬محمد‭ ‬عبد‭ ‬الواحد،‭ ‬الخبير‭ ‬العسكرى،‭ ‬إن‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬اكتشفت‭ ‬موقع‭ ‬اليورانيوم‭ ‬فى‭ ‬الأراضى‭ ‬الليبية‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬2011،‭ ‬بعد‭ ‬الإطاحة‭ ‬بنظام‭ ‬الرئيس‭ ‬الراحل‭ ‬معمر‭ ‬القذافى‭.‬
وأضاف‭ ‬الخبير‭ ‬العسكرى،‭ ‬أنه‭ ‬يتوقع‭ ‬موقع‭ ‬اختفاء‭ ‬اليورانيوم‭ ‬فى‭ ‬إحدى‭ ‬قرى‭ ‬منطقة‭ ‬فزان‭ ‬الليبية،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬اليورانيوم‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬الكعكة‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬العجينة‭ ‬الصفراء‮»‬‭.‬


وأوضح‭ ‬محمد‭ ‬عبد‭ ‬الواحد،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العجينة‭ ‬التى‭ ‬تتحدث‭ ‬عنها‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الذرية،‭ ‬هى‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬خليط‭ ‬من‭ ‬النظائر‭ ‬المشعة،‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬اليورانيوم‭ ‬238،‭ ‬وهو‭ ‬موجود‭ ‬بنسبه‭ ‬99‭.‬3‭% ‬من‭ ‬العجينة،‭ ‬واليورانيوم‭ ‬235‭ ‬المشع‭ ‬بنسبة‭ ‬7‭.%‬،‭ ‬وتأخذ‭ ‬شكل‭ ‬بودر‭ ‬مغلف‭ ‬بمادة‭ ‬الزنك‭ ‬لحمايتها‭ ‬من‭ ‬حدوث‭ ‬تسرب‭ ‬إشعاعى‭.‬


مكونات‭ ‬العجينة‭ ‬الصفراء

وتابع‭ ‬اللواء‭ ‬عبد‭ ‬الواحد،‭ ‬بأنه‭ ‬عند‭ ‬تسخين‭ ‬تلك‭ ‬العجينة‭ ‬عند‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬تصل‭ ‬لـ56‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬الغاز،‭ ‬ثم‭ ‬يتم‭ ‬وضعها‭ ‬فى‭ ‬أجهزة‭ ‬الطرد‭ ‬المركزى‭ ‬لزيادة‭ ‬نسبة‭ ‬يورانيوم‭ ‬235‭ ‬المشع،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الليبى‭ ‬وحكومة‭ ‬شرق‭ ‬ليبيا‭ ‬طالبت‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬بزيادة‭ ‬الحماية‭ ‬حول‭ ‬موقع‭ ‬هذا‭ ‬اليورانيوم‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تستجب‭ ‬لذلك‭.‬


وأشار‭ ‬عبد‭ ‬الواحد‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تخوفا‭ ‬عالميا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يقع‭ ‬هذا‭ ‬اليورانيوم‭ ‬فى‭ ‬يد‭ ‬إحدى‭ ‬الفصائل‭ ‬أو‭ ‬المليشيات‭ ‬المتواجدة‭ ‬فى‭ ‬ليبيا،‭ ‬مما‭ ‬يدفعها‭ ‬لمحاولة‭ ‬صناعة‭ ‬قنبلة‭ ‬قذرة‭ ‬أو‭ ‬قنابل‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المنضب،‭ ‬مما‭ ‬يشكل‭ ‬تهديدا‭ ‬كبيرا‭ ‬للمواطنين‭ ‬فى‭ ‬الأراضى‭ ‬الليبية،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬المشعة‭ ‬تسبب‭ ‬أمراضا‭ ‬خطيرة‭ ‬جدا‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭.‬


ونوه‭ ‬الخبير‭ ‬العسكرى،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تحل‭ ‬أزمة‭ ‬هذا‭ ‬اليورانيوم،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬إما‭ ‬بيعه‭ ‬لإحدى‭ ‬الدول‭ ‬التى‭ ‬تمتلك‭ ‬برامج‭ ‬نووية‭ ‬ومنح‭ ‬أمواله‭ ‬للحكومة‭ ‬الليبية،‭ ‬أو‭ ‬إعدامه‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬استقرار‭ ‬أمنى‭ ‬فى‭ ‬ليبيا‭.‬


واستطرد‭: ‬‮«‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحادثة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬لعبة‭ ‬أمريكية‭ ‬لإعادة‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الأزمة‭ ‬الليبية‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬


تهييج‭ ‬الأوضاع‭ ‬فى‭ ‬ليبيا

من‭ ‬جانبه‭ ‬قال‭ ‬الدبلوماسى‭ ‬الليبى،‭ ‬رمضان‭ ‬البحاح،‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬تسويقا‭ ‬لدعاية‭ ‬وكذبا‭ ‬ممنهجا‭ ‬صنعته‭ ‬وكالات‭ ‬المخابرات‭ ‬الغربية‭ ‬لإضفاء‭ ‬شرعية‭ ‬التدخل‭ ‬والتنقيب‭ ‬على‭ ‬ثروات‭ ‬للشعب‭ ‬الليبى‭ ‬بغية‭ ‬نهبها‭ ‬بعد‭ ‬استكمال‭ ‬النهب‭ ‬الممنهج‭ ‬للأموال،‭ ‬سواء‭ ‬التى‭ ‬جمدت‭ ‬فى‭ ‬بنوكها‭ ‬أو‭ ‬التى‭ ‬تم‭ ‬السطو‭ ‬عليها‭ ‬بذريعة‭ ‬أنها‭ ‬أموال‭ ‬القذافى‭ ‬زورا‭ ‬وبهتانا‭.‬


وأضاف‭ ‬البحاح‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬ضالع‭ ‬فى‭ ‬عمليات‭ ‬كذب‭ ‬وتضليل‭ ‬ممنهج‭ ‬ويعترفون‭ ‬به‭ ‬كلما‭ ‬نفذوا‭ ‬مؤامراتهم‭ ‬بعديد‭ ‬الذرائع،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬قبل‭ ‬وأثناء‭ ‬تدمير‭ ‬العراق‭ ‬باسم‭ ‬وجود‭ ‬أسلحة‭ ‬دمار‭ ‬شامل‭ ‬وأسلحة‭ ‬كيميائية،‭ ‬على‭ ‬إثرها‭ ‬تم‭ ‬تفتيش‭ ‬العراق‭ ‬وترابه‭ ‬ذرة‭ ‬ذرة،‭ ‬وبالنهاية‭ ‬لم‭ ‬يستطيعوا‭ ‬إثبات‭ ‬وجودها،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬نفذوا‭ ‬خططهم‭ ‬قالوا‭ ‬بكل‭ ‬بساطة‭ ‬بأن‭ ‬التقارير‭ ‬لديهم‭ ‬كانت‭ ‬غير‭ ‬دقيقة‭ ‬وغير‭ ‬صحيحة،‭ ‬وحينها‭ ‬لم‭ ‬نسمع‭ ‬كلمة‭ ‬تجريم‭ ‬واحدة‭ ‬لما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬يندى‭ ‬لها‭ ‬جبين‭ ‬الإنسانية،‭ ‬ولم‭ ‬نسمع‭ ‬بمحكمة‭ ‬الجنايات‭ ‬الدولية‭ ‬قد‭ ‬جرمت‭ ‬أمريكا‭ ‬وحلفاءها‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬البشعة‭.‬


واستطرد‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬حكومات‭ ‬الغرب‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬أمريكا‭ ‬ضالعة‭ ‬فى‭ ‬مثل‭ ‬الجرائم،‭ ‬وتصنع‭ ‬هذه‭ ‬الأكاذيب‭ ‬المفبركة‭ ‬لمصلحتها‮»‬‭. ‬مضيفا‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬دمرت‭ ‬ليبيا‭ ‬ونظامها‭ ‬بذريعة‭ ‬قتل‭ ‬المدنيين‭ ‬وأثبتت‭ ‬التحقيقات‭ ‬كذب‭ ‬هذا‭ ‬الادعاء‭ ‬سواء‭ ‬ليبيا‭ ‬أو‭ ‬مصر‭ ‬أو‭ ‬تونس‭ ‬فى‭ ‬ما‭ ‬سموه‭ ‬بثورات‭ ‬الربيع‭ ‬العربى،‭ ‬وأن‭ ‬جرائم‭ ‬القتل‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬أطراف‭ ‬مجهولة‭ ‬اتخذت‭ ‬من‭ ‬المبانى‭ ‬المحيطة‭ ‬بالميادين‭ ‬وكرا‭ ‬لها،‭ ‬وأطلقت‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬المتظاهرين‭ ‬وقتلتهم،‭ ‬وسوقت‭ ‬قنوات‭ ‬الكذب‭ ‬التى‭ ‬سخرت‭ ‬لتسويق‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬وإلحاقها‭ ‬بقوات‭ ‬الأمن‭ ‬والجيش‮»‬‭.‬


وأكد‭ ‬البحاح‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬موجودة‭ ‬بقوة‭ ‬فى‭ ‬ليبيا‭ ‬ولم‭ ‬تغادرها،‭ ‬بل‭ ‬صدر‭ ‬قانون‭ ‬من‭ ‬البرلمان‭ ‬الأمريكى‭ ‬سموه‭ ‬‮«‬قانون‭ ‬استقرار‭ ‬ليبيا‮»‬،‭ ‬يعطى‭ ‬الحق‭ ‬للقوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬فى‭ ‬البقاء‭ ‬مدى‭ ‬الحياة‭ ‬بذريعة‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬القومى‭ ‬الأمريكى،‭ ‬ولم‭ ‬نسمع‭ ‬بأى‭ ‬اعتراض‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬مع‭ ‬أنه‭ ‬قانون‭ ‬معيب‭ ‬مخالف‭ ‬لاتفاقية‭ ‬جنيف‭ ‬وكافة‭ ‬الأعراف‭ ‬الدولية،‭ ‬لأنه‭ ‬يفوض‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬للتدخل‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬وقت‭ ‬بدون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬موافقة‭ ‬دولية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬أى‭ ‬حكومة‭ ‬أمريكية‭ ‬ويجعل‭ ‬من‭ ‬ليبيا‭ ‬محمية‭ ‬أمريكية‭.‬
 

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية