رئيس التحرير
عصام كامل

ما حكم الصيام للمقيمين في البلاد القريبة من القطب الشمالي؟ أحمد كريمة يجيب

الصيام
الصيام

حكم الصيام للمقيمين في البلاد القريبة من القطب الشمالي، يرغب البعض في معرفة حكم الصيام في البلاد القريبة من القطب الشمالي أو القطبي والتي يمتد فيها النهار لساعات طويلة.

حكم الصيام للمقيمين في البلاد القريبة من القطب الشمالي

ويجيب عن هذا السؤال الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهرالشريف قائلا:
إنه بالاستقراء فى مواقع بعض البلاد لحركة الشمس والقمر:
1- هناك من البلاد ما يستمر الليل فيها أو النهار أربعًا وعشرين ساعة فأكثر بحسب اختلاف فصول السنة، وفى هذه الحالة يقدر ميقات الصيام فى هذه البلاد على حسب أقرب الجهات إليها، مما يتلازم فيه ليل ونهار خلال أربع وعشرين ساعة.

2- هناك من البلاد ما لا يغيب فيها شفق الغروب حتى يطلع الفجر، بحيث لا يتميز شفق الشروق من شفق الغروب، ففى هذه الجهات يقدر وقت العشاء الآخرة والإمساك فى الصوم وقت صلاة الفجر بحسب آخر فترة يتمايز فيها الشفقان.

3- هناك من البلاد ما يظهر فيها الليل والنهار خلال أربع وعشرين ساعة وتتمايز فيها الأوقات، إلا أن الليل يطول فيها فى فترة من السنة طولًا مفرطًا، ويطول النهار فى فترة أخرى طولًا مفرطًا فمن كان يقيم فى هذه البلاد فإن عليه أن يمسك كل يوم منه عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس فى بلادهم، ما دام النهار يتمايز عن الليل، وكان مجموع زمانهما أربعًا وعشرين ساعة، ويحل لهم الطعام والشراب والجماع فى الليل فقط، وإن كان قصيرًا ؛ لأن شريعة الإسلام عامة للناس جميعًا فى جميع البلاد، وقد قال الله – تعالى: { وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ }.

الصيام

مجمع الفقه الإسلامي بجدة


ومن عجز عن إتمام صوم يوم بطوله، أو علم بالأمارات أو التجربة أو إخبار طبيب أمين حاذق، أو غلب على ظنه أن الصوم يفضى إلى مرضه مرضًا شديدًا، أو يفضى إلى زيادة مرضه أو بطء برئه، أفطر، ويقضى الأيام التى أفطرها فى أى شهر تمكن فيه من القضاء لقوله تعالى:- { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }.

ونص قرار مجمع الفقه الإسلامى بجدة ( رقم 16 ) بتاريخ 10/4/1402هـ، وكذا قرار هيئة كبار العلماء بالسعودية فيما يتعلق بمواقيت الصوم والإفطار.

ويرى بعض أهل العلم ؛ أن البلاد التى يتمايز فيها الليل والنهار قد يكون هذا التمايز فيها لا يزيد عن نصف ساعة، أو ساعة بحيث يكون ليلها ثلاثًا وعشرين ساعة ونهارها ساعة شتاء، وعكسه صيفًا. 

وقد استند إلى أحاديث فى هذا الموضوع كأحاديث بيان الأوقات، وهى حديث بريدة، وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص إلى غير ذلك من الأحاديث والمفروض فى هذه الأحاديث أنها لأهل الجزيرة العربية، فالبلاد النائية شمالًا أو جنوبًا لا يوجد فى هذه الأحاديث دلالة على رفض اعتبار الفارق العظيم بين مسافتى الليل والنهار، بل الواجب اعتبارها من المسكوت عنها، وعندئذ يجب تقرير حكم لها يتناسب مع مقاصد الشريعة، وهذا التعميم الذى جرى عليه القرار بمجرد ظهور تمايز بين ليل ونهار دون نظر إلى الفارق العظيم فى مدة كل منها، يتنافى مع مقاصد الشريعة، وبناء على هذا فإنه يرى أن تتخذ إحدى قاعدتين لهذه البلاد:

1- إما أن يعتمد لها جميعًا أوقات مهد الإسلام الذى وردت على أساسه الأحاديث النبوية وهو الحجاز، فيؤخذ أطول ما يصل إليه ليل الحجاز ونهاره شتاء، أو صيفًا، فيطبق على أهل تلك البلاد النائية فى الصوم والإفطار.

2- وإما أن تأخذ أقصى ما وصل إليه سلطان الإسلام فى العصور اللاحقة شمالًا وجنوبًا، وطبقه العلماء فيها على ليلهم ونهارهم فى فصول السنة، فنعتبره حدًا أعلى لليل البلاد النائية التى يتجاوز فيها الليل والنهار ذلك الحد الأعلى، ففى تجاوز النهار يفطرون بعد ذلك، وخلاف ذلك فيه منتهى الحرج الذى صرح القرآن برفعه كما هو واضح ؛ وهذا هو الراجح لتحقيق اليسر والخفيف.

الجريدة الرسمية