رئيس التحرير
عصام كامل

مفاتيح السعادة، حب النبي وآل بيته (3)

سادتنا شيوخ التصوف اتخذوا من حب النبي، وآل بيته، طريقًا للوصول إلى الله.. بل هي أقصر الطرق، وأوثقها، مستمسكين بالكتاب والسنة. قال صلى الله عليه وآله وسلم: "ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به، فحث على كتاب الله، ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي".

في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود إلي الكفر كما يكره أن يقذف في النار».

حتى ابن تيمية عدَّها من أصول أهل السُّنة والجماعة، فذكر من أصولهم أنهم: "يحبُّون أهل بيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ويتولَّوْنهم، ويحفظون فيهم وصيَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حيث قال يوم غَديرِ خُمٍّ: "أُذكِّركم اللهَ في أهل بيتي، أُذكِّركم الله في أهل بيتي".

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعمه العباس رضي الله عنه: "والله لا يدخل قلبَ امرئ إيمانٌ حتى يحبكم لله ولقرابتي". قال الهيتمي في "الصواعق المحرقة": وَذكر الْفَخر الرَّازِيّ أَن أهل بَيته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يساوونه فِي خَمْسَة أَشْيَاء: فِي السَّلَام، وَفِي الصَّلَاة عَلَيْهِم فِي التَّشَهُّد، وَفِي الطَّهَارَة، وَفِي تَحْرِيم الصَّدَقَة، وَفِي الْمحبَّة.

التوسل بالأنبياء 

وقال النيسابوري في تفسيره عند قوله تعالى: "قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى"، وكفى شرفا لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفخرا ختم التشهد بذكرهم والصلاة عليهم في كل صلاة.

وفي ذلك يقول الإمام الشافعي رحمه الله:
"يَا آلَ بَيْتِ رِسُولِ اللهَ حُبُّكُمُ  ...  فَرْضٌ مِنَ الْقُرْآنِ أَنْزَلَهُ
يَكْفِيكُمُ مِنْ عَظِيمِ الْمجْدِ أَنَّكُمُ  ...  مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْكُمْ لاَ صَلاَةَ لَهُ".

ومؤخرًا، قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية: إن محبة آل البيت ثابتة بالقرآن والسنة بل إن حب آل البيت والتقوى مرتبطان ومتكاملان، وهذه الحقيقة فهمها المصريون جيدًا؛ ولذا نراهم يحبون آل البيت حبًّا جمًّا، بل نحن نحبُّ مَن يحبُّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذا فنحن أمَّة المودَّة والرحمة.. 

وإن المتشددين أخطأوا في تناول مفهوم التوسل بالأنبياء وآل البيت والصالحين، واعتبروه شركًا بالله، وفضلًا عن غُلُوِّهِم في سوء الظن بالمسلمين فإنهم لم يدركوا أنَّ هناك فارقًا كبيرًا بين "الوسيلة" وبين "الشرك"؛ فالوسيلة نُعَظِّم فيها ما عظَّمه الله، أي أنها تعظيمٌ بالله، والتعظيم بالله تعظيم لله تعالى بل من تمام تقوى لله، أمَّـا “الشرك” فهو تعظيمٌ مع الله أو تعظيمٌ من دون الله.

كيف يكون حب آل البيت؟ يقول الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء: إن حب آل البيت يكون بالإكثار من زيارتهم مثل سيدنا الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة والسيدة فاطمة النبوية.

قال الشاعر المكزون السنجاري في آل بيت الرسول، صلى الله عليه وسلم: 
قالوا الجَماعَةُ قُلتُ آلَ مُحَمَّدٍ  ...    قَومٌ بِهِم شَفعُ الإِلَهِ رَسولَهُ 
وَبِهِم عَلى تَوحيدِهِ في عُصبَةِ...    آل إِسلامِ إِذ جَحَدوا أَقامَ دَليلَهُ 
أَفَغَيرِهِم أَبغي السَبيلَ إِلى الهُدى... وَهُمُ الَّذينَ بِهِم أَبانَ سَبيلَهُ".

الرسول صلى الله عليه وسلم  يقول في الحديث الشريف: "بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ؛ شهادةُ أن لا إله إلا الله, وأن محمدًا رسولُ الله وإقام الصلاة, وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا". (متفق عليه).

مما أسلفناه يتبين لكل ذي عينين أن حب النبي، وآل بيته، ركنٌ ركينٌ، وأساس متين، وفريضةٌ لا مناص منها، على كل مسلم ومسلمة الإيمان والتسليم بها، والسير على هداها، من المهد إلى اللحد..  اللهم ارزقنا حبك وحب رسولك، وحب آل بيت رسولك، واجعل حبك وحب رسولك، وحب آل بيت رسولك أحب إلينا من أنفسنا وأهلينا.

الجريدة الرسمية