رئيس التحرير
عصام كامل

ما حكم التعزية بعبارة إن في الله عزاء من كل مصيبة؟ الإفتاء تجيب

دار الإفتاء المصرية،
دار الإفتاء المصرية، فيتو

حكم التعزية بعبارة إن في الله عزاء من كل مصيبة، يرغب البعض في معرفة الحكم الشرعي لقول "إن في الله عزاء من كل مصيبة" عند التعزية.

حكم التعزية بعبارة إن في الله عزاء من كل مصيبة

وورد إلى دار الإفتاء سؤال يقول ما حكم تعزية أهل الميت بعبارة: "إن في الله عزاءً من كل مصيبة"؟ وهل ثبت شيء في خصوصها؟ وما معناها؟

ومن جانبها قالت دار الإفتاء  إن كل ما يُقال للمصاب بغرض تسليته، وتذكيره بالصبر، وحمله عليه؛ يطلق عليه: تعزية.

حث الشرع الشريف على تقديم التعزية لأهل الميت

وتابعت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي تقديم التعزية لأهل الميت من مظاهر الأخلاق الحسنة التي حثَّ عليها الشرع الشريف، ووعد عليها بالثواب والجزاء في الدنيا والآخرة؛ إذ إنها من المروءات المحمودة التي تُعدُّ من باب المشاركة والمؤازرة وجبر الخواطر بين الناس؛ فقد روى مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ».

استحباب تقديم التعزية لأهل الميت وبيان ثوابها

المقرر شرعًا استحباب تعزية أهل الميت؛ وقد وَعَد الشرع المُعزِّي بالثواب العظيم؛ فقد روى الترمذي وابن ماجه في "سننيهما" عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ».

وورد في "سنن ابن ماجه" أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ، إِلَّا كَسَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «مَنْ عَزَّى أَخَاهُ الْمُسْلِمَ فِي مُصِيبَةٍ، كَسَاهُ اللهُ حُلَّةً خَضْرَاءَ يُحْبَرُ بِهَا»؛ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا يُحْبَرُ بِهَا؟ قَالَ: «يُغْبَطُ بِهَا» رواه البيهقي في "شعب الإيمان".

حكم تعزية أهل الميت بعبارة: "إن في الله عزاءً من كل مصيبة"

أما عبارة: "إن في الله عزاءً من كل مصيبة" فقد رواها الحاكم في "المستدرك"، والطبراني في "المعجم الأوسط" عن أنس بن مالك رضي الله عنه، حيث قال: "لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَعَدَ أَصْحَابُهُ حُزَّانًا يَبْكُونَ حَوْلَهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ طَوِيلٌ صَبِيحٌ فَصِيحٌ، فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، أَشْعَرُ الْمَنْكِبَيْنِ وَالصَّدْرِ، فَتَخَطَّى أَصْحَابَ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حَتَّى أَخَذَ بِعَضَادَيِ الْبَابِ، فَبَكَى عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ فِي الله عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ، وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ، وَعِوَضًا مِنْ كُلِّ مَا فَاتَ، فَإِلَى الله فأَنِيبُوا، وَإِلَيْهِ فَارْغَبُوا، فَإِنَّمَا الْمُصَابُ مَنْ لَمْ يَجْبُرْهُ الثَّوَابُ، فَقَالَ الْقَوْمُ: أَتَعْرِفُونَ الرَّجُلَ؟ فَنَظَرُوا يَمِينًا وَشِمَالًا، فَلَمْ يَرَوْا أَحَدًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا الْخَضِرُ أَخُو النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ".

قال الإمام الشافعي في "الأم" (1/ 317، ط. دار المعرفة) عقب الأثر السابق: [قد عزَّى قوم من الصالحين بتعزية مختلفة فأحب أن يقول قائل هذا القول، ويترحم على الميت، ويدعو لمَن خلفه] اهـ.

الإفتاء

 

وقال الإمام ابن الرفعة في "كفاية النبيه" (5/ 174، ط. دار الكتب العلمية): [قال ابن الصباغ وأبو الطيب: ويقال: إن قائله الخضر عليه السلام. وعبارة ابن يونس مصرحة بأن قائل ذلك الشافعي، وأنه يستحب أن يقول بعد ذلك ما ذكره الشيخ، وهو قضية كلامه في "المهذب" وغيره] اهـ.

أقوال العلماء في التعزية بعبارة: "إن في الله عزاءً من كل مصيبة"

وقد نصَّ جماعة من الفقهاء والعلماء على استحباب هذه الصيغة الواردة في هذا الحديث في التعزية:

وقال الإمام الحطاب في "مواهب الجليل" (2/ 229، ط. دار الفكر): [وزاد سند عن ابن حبيب، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما مات وجاءت التعزية سمعوا صوتًا من جانب البيت: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته؛ إنَّ في الله عزاءً من كل مصيبة، وخلفًا من كلّ هالكٍ وعوضًا] اهـ.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 334، ط. دار الكتاب الإسلامي): [ويُستحبُّ أن يبدأ قبله بما ورد من تعزية الخضر أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بموته: إن في الله عزاءً من كل مصيبةٍ، وخلفًا من كل هالكٍ، ودركًا من كل فائت، فبالله فثقوا، وإياه فارجوا، فإن المصاب مَن حُرم الثواب] اهـ.

كما قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (2/ 405، ط. مكتبة القاهرة): [واستحب بعض أهل العلم أن يقول ما رَوَى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجاءت التعزية، سمعوا قائلًا يقول: إن في الله عزاءً من كل مصيبةٍ، وخلفًا من كل هالكٍ، ودركًا من كل ما فات، فبالله فثقوا، وإياه فارجوا، فإنّ المُصاب مَن حرم الثواب] اهـ.

وقال الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار" (4/ 117، ط. دار الحديث) مُعلِّقًا على هذا الحديث: [فيه دليل على أنه تُسْتَحَبُّ التَّعْزِيَةُ لأهل الميت بِتَعْزِيَةِ الْخَضِرِ عليه السلام] اهـ.

بيان معنى عبارة "إن في الله عزاءً من كل مصيبة"

في بيان معنى هذه العبارة الواردة في التعزية عن سيدنا الخضر عليه السلام؛ يقول ملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (10/ 334، ط. دار الفكر): [(إن في الله)؛ أي: في كِتَابِهِ (عزاء) بفتح العين؛ أي: تَسْلِيَةً (من كل مصيبة)؛ -أي: إشارة- إلى قوله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ۝ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ﴾ [البقرة: 155-156]، أو في ثوابه عوضًا من كل محنة وَبَلِيَّةٍ، قال صاحب "النهاية": وفي الحديث: «مَنْ لَمْ يَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ». قيل: أراد بالتعزي في هذا الحديث التسلي والتصبر عند المصيبة، وأن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون. قال الطيبي: فعلى هذا يجوز أن يُقَدَّرَ مُضَافٌ في قوله: في الله؛ أي: إن في لقاء الله تعالى تسليًا وتصبرًا من كل مصيبة، وأن يراد إن في الله تسلية على التجريد؛ أي: الله مُعِزٌّ وَمُسَلٍّ نحو قوله: (وفي الرحمن للضعفاء كَافٍ)، وَيُؤَيِّدُهُ الْقَرِينَتَانِ؛ يعني: قوله: (وخلفًا) بفتحتين؛ أي: عوضًا (من كل هالك، ودركًا) بفتح الدال والراء؛ أي: تداركًا (من كل فائت).. (فبالله)؛ أي: فإذا كان الأمر كذلك فبعونه وحوله وقوته (فاتقوا)؛ أي: الجزع والفزع إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ [النحل: 127] وفي بعض النسخ موافقًا لما في الْحِصْنِ الْحَصِينِ: فَثِقُوا بكسر المثلثة وتخفيف القاف المضمومة؛ أي: فاعتمدوا به إيماءً إلى قوله تعالى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾ [الفرقان: 58]، (وإياه فارجوا)؛ أي: لا ترجوا سواه؛ فإنه لا إله إلا الله، أو من عنده فارجوا الثواب. (فإنما المصاب)؛ أي: في الحقيقة (من حُرِمَ الثواب) بصيغة المفعول؛ أي: من مُنِعَ المثوبة بسبب قلة الصبر في قضية المصيبة، والصبر الْمُعْتَبَرُ عند المولى هو الذي يكون عند الصدمة الأولى] اهـ.

واختتمت دار الإفتاء فتواها إنه بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فتعزيةُ أهل الميت بعبارة: "إن في الله عزاءً من كل مصيبة" مستحبةٌ؛ لأن التعزية بصفة عامة مندوبٌ إليها شرعًا، وهذه الصيغة ثابتة في كتب السنة عن الخضر عليه السلام، وقد نص العلماء على استحبابها، ومعناها: إن في كتاب الله تعالى وثوابه، والرضا بقضائه، والتوكل عليه: تسليةً للعبد في جميع المصائب والبلايا.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو) ، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

 

الجريدة الرسمية